بقلم: ياوز أجار
واشنطن (زمان التركية) – حذر السناتور الأمريكي روجر ويكر، عضو لجنة الأمن والتعاون في أوروبا، من إساءة استخدام المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول) من قبل الأنظمة الديكتاتورية والاستبدادية في خطاب ألقاه أمس الأربعاء في مجلس الشيوخ، قبيل أيام من انعقاد المؤتمر السنوي للإنتربول في تركيا.
شدد السناتور ويكر على أن الجمعية العامة السنوية للإنتربول، التي ستنعقد نهاية هذا الأسبوع في إسطنبول، يجب أن تكون بمثابة تذكير وتنبيه صارخ بكيفية استخدام “الطغاة والمحتالين” المنظمة لمعاقبة المعارضين وتقويض سيادة القانون، مشيرًا إلى أن تركيا التي ستستضيف المؤتمر هذا العام، لها سجل فظيع بشكل خاص في توظيف الإنتربول كسلاح ضد المعارضين أو المختلفين مع النظام الحاكم.
استغلال الإنتربول
إلى جانب تركيا، وصف ويكر أيضًا كلا من روسيا والصين وفنزويلا بـ”الدول الرئيسية المستغلة للإنتربول”، مستشهدًا بتجربة وواقعة بيل براودر، الممول الأمريكي والناقد للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي اشتهر بعد فراره من روسيا عقب الضغط الروسي على الإنتربول.
بصفته عضوًا في لجنة الأمن والتعاون في أوروبا، دعا ويكر أيضًا زملائه إلى تحمل المسؤولية كما ينبغي في مكافحة الفساد العالمي وإساءة استخدام الإنتربول.
كما سلط السناتور الضوء على قانون المساءلة والوقاية عبر الحدود (TRAP Act)، الذي قدمه في مايو الماضي، كأداة رئيسية محتملة في مكافحة إساءة استخدام المنظمة، حيث يقترح القانون عدة تدابير لتعزيز القنوات الدبلوماسية والأمنية الأمريكية ضد توظيف الإنتربول واستغلاله، بالإضافة إلى العديد من الاستراتيجيات لإصلاح المنظمة لتحصينها ضد المزيد من الفساد.
ذكر السناتور أيضًا أن منظمة الإنتربول ستعقد في 23 نوفمبر جمعيتها العامة السنوية في إسطنبول، منوهًا بأهمية المنظمة ومهمتها الأساسية، قائلا: “الإنتربول هو شبكة عالمية حيوية لإنفاذ القانون تساعد الشرطة من مختلف البلدان على التعاون مع بعضها البعض للسيطرة على الجريمة”.
معاقبة المعارضين
لكنه استدرك قائلا: “لسوء الحظ، أصبحت الإنتربول أيضًا أداة في أيدي الطغاة والمحتالين الذين يسعون إلى معاقبة المنشقين والمعارضين السياسيين في البلدان الأخرى من خلال استغلال الآليات الدولية بطريقة مخالفة لسيادة القانون.. يجب أن يكون استئصال هذا النوع من الانتهاكات من أهم أولويات الجمعية العامة للإنتربول”.
وحذر السناتور من أن هذه التجاوزات تسخر من الإنتربول وتهدد استمرار وجوده، معيدًا للأذهان أن “دستور الإنتربول ينص على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كأساس للتعاون الشرطي، والأهم من ذلك أن المادة 3 من دستور المنظمة تمنعها من الانخراط في أي أنشطة ذات طابع سياسي أو عسكري أو ديني أو عرقي”.
وانتقد السناتور ويكر إقامة اجتماع الإنتربول في تركيا سيئة السجل في مجال حقوق الإنسان، حيث قال: “لقد التزمت جميع الدول الأعضاء البالغ عددها 194 دولة بدعم المادة 3 ودستور الإنتربول بأكمله، لذا فإن اختيار الإنتربول تركيا لتستضيف جمعيتها العامة لهذا العام أمر مقلق، بل الأمر أسوأ من ذلك في الواقع.. إنه لأمر فظيع!”.
تركيا تسيء للإنتربول
وأكد أن تركيا أصبحت من إحدى أسوأ منتهكي أنظمة الإشعار الأحمر والأزرق للإنتربول، وأنها استخدمت مرارا الإنتربول كسلاح لاضطهاد واعتقال منتقدي الحكومة بتهم سياسية الدوافع، وأردف: “الصحفي جان دوندار خير مثال على ذلك”.
كان دوندار تعرض للسجن بعد نشره فيديوهات في 2015 تكشف نقل شاحنات تابعة للمخابرات التركية أسلحة إلى الجهاديين السوريين، وعندما قررت المحكمة الدستورية انتهاك حقوقه والإفراج عنه قال أردوغان: “لا أعترف ولا أحترم قرارات المحكمة الدستورية”، لكن دوندار بعد الإرادج عنه تمكن من الفرار من تركيا والاستقرار في ألمانيا.
وأضاف السناتور: “السيد دوندار هو أحد أبرز الشخصيات الإعلامية في تركيا، وقد حصل على جوائز دولية لدفاعه عن حرية الصحافة، لكن في عام 2018 طالبت تركيا الإنتربول بإصدار نشرة حمراء لاعتقال السيد دوندار. ماذا فعل؟ وما جريمته يا ترى؟ لقد انتقد حكومته ببساطة. لكن لحسن الحظ، رفضت ألمانيا تسليم السيد دوندار”.
وذكر أن دوندار كان كشف عن قيام الحكومة التركية بتزويد جماعة إسلامية في سوريا بالسلاح، لتوجِّه له محكمة تركية تهمة التجسس ومساعدة جماعة إرهابية، من دون أن تسمي هذه الجماعة الإرهابية، وبالتالي حكمت عليه بالسجن 27.5 سنة غيابيا،
أفادت وسائل إعلام تركية أن الإنتربول رفضت ما يقرب من 800 نشرة حمراء أرسلتها الحكومة التركية.
وأشار السناتور إلى أن مجموعة حقوقية سويدية أفادت في عام 2016 بعد الانقلاب الفاشل أن الحكومة التركية قدمت عشرات الآلاف من إخطارات الإنتربول التي تستهدف أشخاصًا كانوا مجرد منتقدين ومعارضين سياسيين للحكومة، بعض هؤلاء الأشخاص تقطعت بهم السبل في المطارات الدولية، وتم احتجازهم وتسليمهم إلى تركيا، حيث انتهى بهم المطاف في السجن.
تضليل المجتمع الدولي
واستمر السناتور في تحذيراته قائلا: “هناك أيضًا علامات مقلقة على أن تركيا تحاول الاستفادة من الجمعية العامة لهذا العام لتعزيز أهدافها الاستبدادية. ففي يونيو الماضي، أكد سليم كيران، نائب وزير الخارجية التركي، صراحة أن جمعية الإنتربول العامة في إسطنبول ستكون فرصة مهمة لشرح موقفهم الصحيح بالتفصيل فيما يتعلق بحربنا ضد المنظمات الإرهابية وإخطاراتنا المرفوضة”.
واعتبر السناتور أن هذه التصريحات تعني أن تركيا تخطط لاستخدام هذا الحدث رفيع المستوى لتضليل المجتمع الدولي والكذب، وسوف يحاول المسؤولون الأتراك إلى التنويه بقدرة الرئيس أردوغان على ملاحقة منتقديه في الدول الأجنبية باستخدام أجهزة إنفاذ القانون الأجنبية من خلال الإنتربول.
وشدد السناتور الأمريكي روجر ويكر على أن سماح منظمة الإنتربول لنظام أردوغان باسغلال آلياتها لمطاردة واصطياد المعارضين أو المختلفين معه سيكون مهزلة تهدد بالفعل شرعية الإنتربول، وقدرته على البقاء في المستقبل، مؤكدًا أن تركيا ليست الجاني الوحيد في هذا الصدد، وإنما أساءت كل من روسيا والصين وفنزويلا بشكل روتيني استخدام الإنتربول لقمع منتقديها.
لفت السناتور كذلك إلى ضرورة عدم السماح باستمرار انتهاكات تلك الدول “الطاغية” والخارجة على القانون المحلي والدولي، داعيا إياها إلى الالتزام بمهمتها الأساسية التي هي التعاون مع الأجهزة الأمنية في إلقاء القبض على المجرمين الحقيقيين دون انتهاك حقوق الإنسان.
ومن جانب آخر، حذر مراقبون محليون ودوليون مسؤولي الدول، الذين سيشاركون في الجمعية العامة للإنتربول بمدينة إسطنبول بعد 4 أيام، من الوقوع في “الفخاخ” التي من المحتمل أن ينصبها لهم نظام أردوغان لإقناعهم على أطروحاته الخاصة بالمعارضين الأتراك في دولهم، وإجبارهم بشكل أو بآخر على التوقيع والموافقة على القرارت التي يخطط استصدارها من الهيئة الإدارية للإنتربول.
–