بقلم: عبد الله المقاطي
مامن مسلم صادق مع ربه إلا ويفرح لفرح المسلمين، ويحزن لحزنهم.
وما تمر به أمة الإسلام اليوم من ضعف وهوان ما هو إلا بسبب ذلك البعد عن الله عز وجل.
أحداث عظيمة، وبشائر أمل في ظل المحن والتي منها انتصار الإسلاميين على الأحزاب العلمانية واليسارية وغيرها في انتخابات تركية.
وفي الوقت الذي كنا ننتظر فيه ثمار هذا الانتصار تفاجأنا بوسائل الإعلام وهي تنقل لنا قائمة الإرهابيين المطلوبين في تركيا ومن ضمنهم العالم: فتح الله كولن!! وما هذا الخبر إلا صدمة لفرح ذلك الانتصار الذي لم نسعد به طويلا.
لقد سبقني الباحثون والباحثات العرب وغير العرب في الكتابة عن مسيرة الأستاذ الإصلاحية التي خدمت الإنسانية، وغرست في النفوس القيم والمبادئ الإسلامية النبيلة.
وبعد قراءتي المتواضعة لكتب الأستاذ ومؤلفاته، ومعايشتي لتطبيقات هذه الرؤية الإصلاحية في ثلاث دول، فإنني أؤيد ما طالعتنا به وسائل الإعلام بأن الأستاذ إرهابي!!
نعم .. لقد أرهب الأستاذفتح الله كولن “الجهل”، فواجهه بسلاحه النووي الذي هو “العلم”، فأخذ يحث على التعلم والتعليم وبناء الأجيال التي تحمل القيم الإنسانية الإسلامية، فانتشرت مدارس الخدمة في تركيا انتشاراً واسعاً لا تكلّ ولا تملّ في تعليم كل ماهو نافع ومفيد وبتخصصات متنوعة.
وكان من ثمرة هذه المدارس إنشاء بيوت الطلبة التي تربي الطالب التربية النبيلة وتجعله متميزاً في علمه وأخلاقه وصلاحه في المجتمع الذي يعيش فيه، ولما كانت نظرة الأستاذ كولن نظرة عالمية ينشر فيها العلم في أنحاء المعمورة اتسعت الدائرة، وأصبحت مدارس الخدمة منتشرة في أنحاء العالم تجاوز عددها خارج تركيا 1250 مدرسة! في أكثر من 160 دولة، ثم كان لزاماً أن تجد هذه المدارس جامعات ذات كفاءات تحتضن أبناءها وغيرهم ممن درس في المدارس الأخرى، فكانت جامعات الخدمة التي يتميز طلابها في كل عام ويحققون مراكز عليا في المسابقات والمحافل الدولية.
ياله من إرهاب “محمود” ينقل البشرية من دهاليز الظلام إلى نور العلم.
وازداد “إرهاب” الأستاذ – حفظه الله – عندما وجهه سلاحه وحارب “الخلافات والتفرقة” المنتشرة في مجتمعات العالم، فكان أعظم سلاح إرهابي اتخذه هو “نشر التسامح والسلام والتعايش السلمي الآمن” الذي كان يدعو إليه في كتاباته ومحاضراته وترجم ذلك من خلال بعض المؤسسات التابعة للخدمة.
لقد عقدت المؤتمرات والمحاضرات التي تعزز هذا الجانب الإيجابي في رؤية الأستاذ، وأخذت تدعو إلى بيان سماحة الدين الإسلامي وأنه دين السماحة. وأصبح الأستاذ قدوة في نبذ التعصبات والتصنيفات الدينية والعرقية التي تشتت المجتمعات وتفرقهم، وتنشر البغضاء بين البشرية.
ثم ازداد “إرهاب” الأستاذ فتح الله عندما تعمد محاربة “الفقر والبطالة”، فأخذ يحث ويشجع على التجارة حتى انتشر التجار الأتراك في معظم بلدان العالم التي تعمل فيها الخدمة، متمثلين أخلاق التاجر المسلم الأمين، فانتعش الاقتصاد ونما، وكان من ثمرة ذلك بناء المؤسسات المجتمعية على لبنة صلبة ورؤية ثاقبة من ناحيتين: ناحية إيجاد فرص العمل للشباب، وناحية بناء وغرس القيم الاجتماعية من خلال: القنوات الفضائية، الصحف اليومية، المجلات الدورية، الهئيات الإغاثية، وغيرها العديد مما هو معروف عن الخدمة.
كل هذا “الإرهاب” الذي تمثل في رؤية الأستاذ الإصلاحية كان على مرأى العالم وواضح كوضوح الشمس في رابعة النهار.
وإننا على أمل كبير بأن نعود لفرحنا بانتصار الإسلاميين عندما يتراجع المتربصون بشخص الأستاذ: فتح الله كولن ويعرفوا له قدره ومكانته ورؤيته التي عاش وتربى من أجل تحقيقها. على أمل كبير بأن نرى الخلاف بين الخدمة والحزب الحاكم قد انتهى.. على أمل كبير بأن نرى العالم أجمع يعرف حقيقة الخدمة ومقاصدها ومنافعها..
شكراً أستاذنا القدير على إرهابك المحمود الذي أنقذت به بعد توفيق الله تعالى كثيراً من البشر من ظلمات الجهل إلى نور العلم..
شكرا أستاذنا القدير على إرهابك المحمود الذي نبذت فيه الخلافات والتحزبات وبينت فيه حقيقة التسامح والسلام..
شكرا أستاذنا القدير على إرهابك المحمود للفقر والبطالة ونشرك للتجارة الأمينة..
جزاك الله عن الإسلام وأهله خير الجزاء، وأطال عمرك على طاعته، وجمعنا الله بك ومن نحب مع نبينا صلى الله عليه وسلم في أعلى الجنان.