إسطنبول (زمان عربي) – بلغ الصراع الداخلي في سوريا إلى مرحلة معقدة في ظلّ القوى المتصارعة على الأرض في سوريا والمتمثلة في نظام بشار الأسد وقواته وتنظيم داعش الإرهابي وحزب الاتحاد الديمقراطي والجيش السوري الحر.
وفيما يلي نبذة تاريخية عن هذا الصراع وعلاقة تركيا به والذي بلغ ذروته بعد إسقاط تركيا للطائرة الروسية أمس بحسب ما ورد في صحيفة “سوزجو” التركية:
رياح الربيع العربي اصطدمت بالحائط السوري
بعد أسابيع من انطلاقها في سوريا في 15 مارس/ آذار عام 2011، انتشرت المظاهرات المناهضة للنظام السوري لتضرب جميع ربوع البلاد، وثار المتظاهرون في سوريا التي شهدت أشد أيام الربيع العربي الذي اجتاح شمال أفريقيا والشرق الأوسط ضد حزب البعث العربي الاشتراكي برئاسة بشار الأسد المسيطر على مقاليد الحكم في سوريا منذ تولي حافظ الأسد رئاسة البلاد عام 1971.
اندلاع المواجهات الدموية في سوريا
وفي شهر أبريل/ نيسان عام 2011 أطلق الجيش النظامي السوري النار على المتظاهرين في محاولة منه لإخماد المظاهرات، الأمر الذي حوّل العصيان المدني إلى موجهات مسلحة.
تدخل تركيا في هذه الفترة
واتخذت تركيا حينها موقفاً معارضاً لنظام الأسد، ومع تزايد حدة المواجهات بدأت تركيا رسميا بتقديم الدعم السياسي والاقتصادي واللوجستي إلى قوات المعارضة السورية.
مصرع 5 مواطنين أتراك
واعتباراً من الشهور الأخيرة من عام 2011 سقطت قنابل وصواريخ هاون على قرى عدة في تركيا واقعة على الحدود بين الدولتين. ولقى خمسة مواطنين أتراك مصرعهم بسبب هذه القذائف التي أطلقت من شمال سوريا.
بدء توافد اللاجئين السوريين
ومع ارتفاع وتيرة الأحداث بدأ اللاجئون السوريون بالتدفق على تركيا، ويعتقد أن عدد اللاجئين السوريين منذ بدء توافدهم عام 2012 وحتى الآن عبر الحدود التركية بلغ نحو ثلاثة ملايين لاجئ سوري.
إسقاط الجيش السوري لطائرة حربية تركية
وفي 22 يونيو/ حزيران عام 2012، اكتسبت الأزمة السورية بعداً جديداً، حيث أسقط الجيش السوري في هذا التاريخ طائرة حربية تركية من طراز إف 4 تابعة للأسطول 173 المتمركز في قاعدة “إرهاتش” الجوية القريبة من مدينة مالاطيا، بدعوى اختراق الطائرة للأجواء السورية على الرغم من كونها طائرة استطلاع غير مسلحة.
وسقطت الطائرة التي انطلقت بهدف اختبار أجهزة الردار في جنوب مدينة هطاي على بعد ثمانية أميال من المجال الجوي لمدينة اللاذقية. وانطلقت عمليات مشتركة بين سوريا وتركيا للبحث عن الطائرة وتحريرها بعد اختفائها عن أجهزة الردار وانقطاع الاتصال بها. وأسفرت عمليات البحث التي استغرقت فترة طويلة والتي شاركت فيها الغواصة الأمريكية نوتيلوس والسفينة تششما ت.س.ج التابعة للبحرية التركية عن العثور على حطام الطائرة في الخامس من يوليو/ تموز على عمق 260 مترا تحت سطح البحر وبداخلها الطياران حسن حسين أكسوي وجوكهان أرتان.وأعلنت تركيا عقب هذه الحادثة تغيير قواعد الاشتباك الخاص بها.
أول إطلاق نار تركي في الرابع من أكتوبر 2012 : مقتل 24 جندياً من الجيش السوري
وفي إطاار قواعد الاشتباك الجديدة، ردت تركيا فوراً على سوريا من خلال قوات المدفعية الواقعة على الحدود. وبعد كل هذه التطورات فتحت القوات التركية النار على سوريا في الرابع من أكتوبر عام 2012 ما أسفر عن مقتل 24 من أفراد الجيش السوري.
البرلمان التركي يوافق على التدخل الفوري للقوات التركية
وعقب سقوط الطائرة التركية وافق البرلمان التركي تحت رئاسة حزب العدالة والتنمية على عبور القوات التركية الحدود مع سوريا واشتباكها مع مقاتلي الجيش السوري في حالة تكرر مثل هذا الاختراق مرة أخرى.
إنزال طائرة الركاب السورية القادمة من روسيا في أنقرة
وفي 11 أكتوبر تم إنزال طائرة ركاب سورية قادمة من سوريا في مطار “أسنبوغا” بالعاصمة أنقرة بناء على معلومات من الولايات المتحدة بشأن حمولة عسكرية على متن الطائرة. واستنكر كل من سوريا وروسيا الحادثة بينما ساند كل من الاتحاد الأوروبي وأمريكا تركيا في هذا الموقف.
انفجار “جيلفا جوزو”
في 13 فبرير/ شباط 2013 لقي 14 شخصاً من بينهم أربعة أتراك مصرعهم وأصيب 30 آخرين في انفجار سيارة مفخخة وقع في بوابة “جيلفا جورو” الحدودية الخاضعة لسيطرة الجيش السوري الحر.
انفجار “ريحانلي”
وارتفعت حدة التوترات بعدما شهدت تركيا أكبر هجوم دموي في الحادي عشر من مايو 2013، عندما انفجرت سيارتان مفخختان أمام مبنى بلدية “ريحانلي” بمدينة هطاي، ما أسفر عن مقتل 52 شخصاً وإصابة نحو 100 آخرين.
إسقاط مروحية سورية
في السادس عشر من أغسطس/ آب عام 2013، أسقط سلاح الجو التركي مروحية سورية من طراز إم 17 بدعوى اختراقها المجال الجوي التركي.
ظهور تنظيم داعش على الساحة في سوريا
وفي هذه الفترة بدأ تنظيم الدولة الإسلامية في الشام والعراق ( داعش) الذي ظهر كجماعة منشقة عن تنظيم القاعدة في التأثير على الساحة في سوريا، حيث تحول الصراع الداخلي في سوريا القائم بين الجيش السوري الحر ونظام الأسد إلى صراع متعدد الأطراف بين كل من الجيش السوري الحر ونظام الأسد وتنظيم داعش والأكراد.
إسقاط طائرة سورية
في 23 مارس/ آذار عام 2014، أسقطت تركيا طائرة سورية من طراز ميج 23 في قرية “كسب” السورية المقابلة لبلدة يايلاداغي التابعة لمدينة هطاي الحدودية مع سوريا لاختراقها المجال الجوي التركي. وعقب الحادثة صرح رئيس الوزراء آنذاك رجب طيب أردوغان قائلاً:”اخترقت الطائرة السورية مجالنا الجوي في حوالي الساعة 12:15. فأقلعت طائراتنا إف 16 وأصابت الطائرة وأهنئ بهذه المناسبة قواتنا المسلحة وعلى رأسها رئيس هيئة أركان الجيش التركي وطيارينا الشرفاء وقواتنا الجوية”.
الصراع القائم في سوريا بين داعش وحزب الاتحاد الديمقراطي والجيش السوري الحر والذي يشارك فيه من خلف الستار كل من أمريكا وتركيا ودول الخليج كالسعودية وقطر اكتسب بعداً جديداً هذا العام، حيث أعلنت روسيا في الثلاثين من أكتوبر تدخلها في سوريا بدعوى التصدي لتنظيم داعش الإرهابي، حيث إن كل الخطوات التي تم اتخاذها لمواجهة داعش وعلى رأسها برنامج تدريب وتسليح المعارضة لم يكن كافياً.
واستنكر العديد من الدول، وعلى رأسها تركيا، استهداف العمليات الجوية الروسية للجيش السوري الحر أولاً والتركمان في منطقة “بايربوجاق” بجبل التركمان في سوريا.
الطائرات الروسية بدأت تتحرش بالمقاتلات التركية
تعرّضت الطائرات النفاثة التركية لعديد من التحرشات عقب بدء التحركات والغارات الجوية الروسية في سوريا. ففي بداية الأمر تواجهت المقاتلات التركية مع المقاتلات الروسية على الحدود التركية السورية في الثاني من شهر نوفمبر / تشرين الثاني الجاري.
وبينما تواصل روسيا قصف مناطق قريبة من منطقة يايلاداغي التركية دخلت إلى المنطقة التي أعلنت حكومة أنقرة أنها تقع ضمن نطاق الاشتباك الذي يبلغ خمسة أميال. وأطبقت الطائرات التركية المناوبة الخناق على الطائرات السورية عبر أجهزة الرادار، وشهدت الأيام التالية تعرض المقاتلات التركية المناوبة على الحدود لمضايقات وتحرشات من قبل طائرات الميج 29 روسية الصنع.
وفي النهاية إسقاط الطائرة الروسية
أعادت قمة العشرين التي شهدتها تركيا الشهر الماضي إحياء الأزمة من جديد بعدما شهد الأزمة خلال شهر أكتوبر هذا العام انخفاضاً نسبياً في حدة التوترات، حيث أدانت تركيا التحركات التي بدأتها قوات الأسد تجاه التركمان في منطقة بايربوجاق بدعوى مواجهة داعش. وبدأت القوات التابعة لنظام الأسد بالانتشار على التلال في المناطق التي يتركز فيها التركمان والتي تبعد مسافة 1 إلى 4 كيلومترات من منطقة يايلاداغي التابعة لمدينة هطاي التركية.
وذكرت مصادر محلية أن الطائرة الروسية تم إسقاطها على قمة جبل كزيل داغ ( الجبل الأحمر) في نطاق قرى عطيرة (مورتلو) والكبير أثناء اقترابها من مخيم الرمادي ملجأ التركمان على قمم جبل التركمان. وقفز الطياران الروسيان من الطائرة بالمظلات على منطقة تبلغ مساحتها 500 متر.