بروكسل (زمان التركية)ــ نظّم مركز بروكسل الدولي للبحوث وحقوق الإنسان، بالتعاون مع المركز الدولي للتميز لمكافحة التطرف العنيف (هداية) جلسة حوار تفاعلية بعنوان “التعليم وتطرف الشباب”، أمس الأربعاء بمقر النادي الدولي للصحافة في العاصمة البلجيكية بروكسل.
كان من بين المتحدثين الرئيسيين بالندوة مقصود كروز، المدير التنفيذي لمركز “هداية”؛ وشاركه من مركز بروكسل جان فرانسوا فيكينو، رئيس المركز؛ ورمضان أبو جزر، المدير العام.
وشارك في الفعالية ممثلون عن الجهات التالية: المفوضية الأوروبية، وممثلية الأمم المتحدة في بروكسل، وخدمة البحث التابعة للبرلمان الأوروبي، ومركز التميز لنشر الوعي عن التطرف، ومركز السياسات الأوروبية، والشبكة الأوروبية لمناهضة العنصرية، ومنظمة الرؤية العالمية، والحركة الأوروبية، ومنظمة الديمقراطية الأوروبية، ومنظمة الأمم والشعوب غير الممثلة، ومنصة التعليم المستمر، ومنظمة الشباب الأوروبي، والمنظمة الشبابية لتبادل المعارف والتواصل، وسيابير، ومنظمة هيّا إلى التعليم.
بدأ مقصود كروز جلسة الحوار التفاعلية بشرح الأسباب التي دفعت لإنشاء مركز “هداية”، والتعريف بالمبادئ الفكرية الرئيسة التي يستند إليها عمله، كما ضرب مثالا عمليًا على ضرورة التناول المنهجي لقضية التطرف الفكري للشباب، مُبيّنا أن المقاربات لهذه القضية الحساسة تحتاج إلى إعادة مراجعة هيكلية، وإلى تطوير جذري لتحقق النتائج المنشودة، خاصة وأن الظاهرة عالمية، وتثير القلق البالغ لدى كل الحكومات والمجتمعات بلا استثناء.
وتساءل ممثل المنظمة الشبابية لتبادل المعارف والتواصل عن العلاقة بين مبادرات التعليم النظامي ومنظمات المجتمع المدني، وعن الكيفية التي يمكن بها النجاح في تحويل المواطنين إلى أعضاء صالحين وفاعلين في مجتمعاتهم.
وأشار ممثل المفوضية الأوروبية إلى الدور الكبير الذي تضطلع به الأندية الرياضية وتوفّر النشاطات الترويحية البريئة في تخفيض مستويات تقبّل الشباب للأفكار المتطرفة، وطالب الحكومات بالاهتمام بهذا الحل الذي وصفه بالعملي والناجع.
أما ممثلة مركز التميّز لنشر الوعي عن التطرف فتحدثت عن تجربتها الشخصية في مكافحة التطرف في المدارس البلجيكية، وتحدثت عن استخدام مستويات باتيسون المنطقية في استيضاح وتأطير منظومات السلوك، وأشارت إلى ضرورة إعادة النظر في المناهج الدراسية والعمليات في الفصل الدراسي، وتطويرها بهدف الحيلولة دون استشراء الفكر المتطرف في أوساط النشء.
وتوقف ممثل سيابير عند مسألة تدريس الدين الإسلامي في المدارس والمساجد البلجيكية، وتساءل عن الخطوات العملية لمعالجة الأفكار المتطرفة لدى الطلاب.
من جانبه طرح مقصود كروز خمس مسائل اعتبرها ذات ثقل نوعي في مكافحة الفكر المتطرف:أنظمة التعليم ودورها الإيجابي أو السلبي بحسب المنطلقات والموجّهات التي تستند إليها، ومسألة العلاقة بين التطرف والفقر وأن العوز المالي لا يقود بالضرورة إلى التطرف، كما أشار إلى ضرورة توسعة دائرة الحرب ضد الفكر المتطرف والإقصائي بحيث لا تقتصر الجهود المبذولة على النسخة المتأسلمة منه فحسب، وأوضح من منظور نفسي الآلية التي تنتشر بها الأفكار المتطرفة استنادا إلى مبدأ الانحراف الفكري الخلّاق، وختم بالقول إن الهوية في حالة الجاليات العربية والمسلمة التي تعيش في الغرب ليست إرثا عرقيا أو ثقافيا وإنما خيارٌ واعٍ.
من جانبه، أبان ممثل المنظمة الأوروبية للديمقراطية طبيعة الصراع الاجتماعي المحتدم بين التيارات العلمانية والإسلامية لدى الجاليات المسلمة المقيمة في الدول الأوروبية، وبصفة خاصة لدى أفراد الجيل الثاني.
بدورها، أشارت ممثلة منظمة الأمم والشعوب غير المُمثلة إلى أن السياسات الحكومية الإقصائية والشوفينية في بعض الأحيان تؤدي إلى تأجيج انتشار الأفكار المتطرفة، قائلة بأن المعتقلات التي تزرعها الأنظمة الديكتاتورية هي أكبر الجامعات لتخريج المتطرفين والمعتوهين فكريا.
وأثارت ممثلة الخدمة البحثية في البرلمان الأوروبي التفات المشاركين إلى ضرورة تحقيق توازن مدروس بين فاعلية الأنظمة التعليمية واستحقاقات تحقيق الانسجام والاستقرار الاجتماعي.
وأكدّت ممثلة إدارة الأمم المتحدة لبناء السلام بأنهم على توافق مع مركز “هداية” بخصوص ما تقدم من أفكار، وتساءلت عن الطريقة المثلى لتطبيق سياسات الإصلاح التي تدعو إليها الأمم المتحدة في دول مجلس التعاون الخليجي.
وقالت ممثلة المركز الأوروبي للتطوع من شأن العمل الطوعي، إنه يتوجب على الجميع المساهمة في حث الشباب على الانخراط في العمل الطوعي باعتباره وسيلة ممتازة لتوظيف الطاقات الشبابية، وإشراكهم في تطوير المجتمع، وبما يحقق طموحاتهم ويُشبع الرضا الذاتي لديهم، والذي يُعد عاملا نفسيا واجتماعيا ذا أهمية فائقة في إبعادهم تلقائيا عن المنصات التي تطرح الخطاب المتطرفباعتباره بديلا منطقيا لحل وضع النزاع الداخلي الذي يعيشونه.
وختم كروز، المدير التنفيذي لمركز “هداية، جلسة الحوار التفاعلية بالإشارة إلى ثلاث قضايا محورية تتصل بمكافحة الفكر المتطرف. أولها ضرورة تعريف وتحديد معايير قياسية لتدريس الدين الإسلامي للحيلولة دون جنوح بعض الأئمة والشيوخ، وخاصة في الغرب، إلى تقديم تخريجات مشوهة على أنها الإسلام الصحيح، ويستند ذلك إلى عقبة ضخمة يقف أمامها الكثيرون حائرين نتيجة لتعدد مدارس التفكير والتفسير الإسلامي، وثالثها أنه بصرف النظر عن الاختلافات في الدين والعرق.. بديل عن اتخاذ التعايش السلمي بين كافة البشر أساسا وتوجّها عالميا ثابتا.
اعداد:
معتصم الحارث الضوّي كاتب سياسي سوداني
فادى عيد الباحث والمحلل السياسى بشئون الشرق الاوسط