ممتاز ار توركونه
إنه ليس شيئاً آخر سوى الجنون؛ إذ لا يمكن أن يتخذ مثل هذه الخطوة إلا من فقد ملكاته العقلية فوجب فرض الحجر عليه.
أجل، لا يمكن لأي شخص أن يتخذ مثل هذا القرار إلا ديكتاتور شعر بالخوف من خسارة كل شيء بما فيه حكومته في الانتخابات البرلمانية غدا الأحد وظنّ أنه قادر على فعل كل شيء قائلاً: “ما زالت العصا بيدي لألعبْ آخر أوراقي قبل فوات الأوان”.
لا مجال للرجوع: فبعد أن عيَّن الديكتاتور وصياً على مجموعة إيبك-كوزا وجب عليه أن يستخدم كل قواه، وأن يلغي الانتخابات، وأن يغلق كل الأحزاب المعارضة، وأن يعيّن أعضاء اللجان الإدارية في جميع الشركات القابضة. يجب ألا يبقى أي شخص معارض له. يجب أن تملأ مدرجات الملاعب بمئات الآلاف من الأشخاص المعتقلين. ويجب إعادة تفعيل قانون الإعدام، وتعطيل الدستور، وإلغاء القوانين، وأن تُطفأ كل الأنوار في البلد باستثاء نور القصر. وإلا سيُحكم على جميع المسؤولين المشاركين في اتخاذ هذا القرار بشكل أو بآخر، بدءاً من موظفي هيئة أسواق رأس المال، وانتهاءً بمدعين عموم وقضاة بالسجن لمئة سنة.
طالما أنكم تبادرون إلى تعيين أوصياء من شيعتكم على إحدى الشركات الكبرى في تركيا، وإدارة مليارات الدولار من أموالها، فإما يتعيّن عليكم أن تقودوا تركيا نحو الدكتاتورية، فتحظوْن بالحصانة والحماية والمكافأة، وإما ستحاسَبون أمام القانون لا محالة.
كل الخطوات المتخذة في أثناء عملية فرض الوصاية على مجموعة إيبك جرائم بحد ذاتها، وكلها جنايات تترتب عليها عقوبات. فلا يمكنكم تطبيق هذا القرار بأي حال من الأحوال، إذ إنه ليس قانونياً، ولا يمكنكم تبريره أبداً. وكما أن مصطفى فارانك، أحد مستشاري أردوغان، افتخر بحجب 7 قنوات من القمر الصناعي “توركسات”، كذلك هناك من يريدون تنفيذ قرار الوصاية على مجموعة إيبك ويرون ذلك نضالاً في سبيل تطبيق الأوامر الديكتاتورية. لكن ثمة مشكلة أساسية في مثل هذا النوع من النضال: وهي أن الشعب التركي سيذهب يوم الأحد إلى صناديق الاقتراع لتحديد الحكومة المقبلة. فهل من الممكن التوقع بأن يستمتع هذا الشعب بمثل هذه الانتهاكات القانونية مثل منحرف يتلذّذ بالألم!
فالسياسي ينجو بنفسه بطريقة أو بأخرى، ولكن ماذا عن البيروقراطيين؟
نرى أن داود أوغلو يقود حملة انتخابية هزيلة وصعبة، وتتزايد زلات لسانه في أثناء سعيه للدفاع عن الممارسات غير القانونية التي تشهدها البلاد في غفلة منه وربما رغم أنفه. ولم يبق في جعبته أية طلقة لدعايته الانتخابية سوى قوله “حزب واحد في السلطة يحقق الاستقرار”. وأعتقد أنه علم بقرار تعيين الأوصياء على مجموعة إيبك بالتزامن معنا. فماذا كانت ردة فعله بعد أن علم بذلك يا ترى؟ يجب أن تتوقعوا منه المزيد من زلات اللسان. كنا نتوقع تنفيذ عملية لاعتقال 120 صحفياً قبل أسبوع واحد من انتخابات 7 يونيو/ حزيران الماضي. ولكن “خوف الحكومة من خسارة الأصوات” لعب دوراً في تأجيل هذه العملية. يبدو أن هذا المشهد سيتكرر، فلا بدّ أن كُتّاب وأتباع الإعلام الموالي يقولون الآن وراء الأستار “دعوا عنكم السلام والتصالح معهم.. ” ويمارسون الضغوط من أجل تنفيذ “عملية ضد مجموعة سامان يولو الإعلامية وصحيفة زمان أيضاً”.
نرى أن”القصر”جنّ جنونه ويلقي سمعه لهذه الأصوات. لكن ماذا يمكن أن يفعله داود أوغلو وفريقه بشأن الانتخابات التي يتوقعون الفوز بها؟
لا تقلقوا أبداً، فلله الحمد، أن تركيا ليست بلداً يستسلم بهذه السهولة لمثل هذه الأعمال الجنونية الرخيصة.