أنقرة (زمان التركية) – أعد المقرر الخاص للتعذيب وسوء المعاملة بالأمم المتحدة نيلس ميلزر تقريراً ضم 21صفحة بشأن الزيارات التي أجراها إلى تركيا في الفترة بين 27 نوفمبر/ تشرين الثاني والثاني من ديسمبر/ كانون الأول عام 2017.
وتضمن التقرير الذي سيُعرض على النسخة الـ 37 من محادثات حقوق الإنسان بالمجلس الأعلى لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في الفترة بين السادس والعشرين من فبراير/ شباط والثالث العشرين من مارس/ آذار القادم عبارات مفزعة، حيث نوه التقرير إلى حظر العديد من الاتفاقيات الدولية، التي وقعت عليها تركيا، التعذيب وسوء المعاملة، مشيرا إلى التزايد الكبير في ممارسات التعذيب وسوء المعاملة اعتبارا من منتصف عام 2015 على الرغم من هذا الحظر.
وشدد التقرير على الفجوة الكبيرة بين سياسة الحكومة التركية والتطبيق الفعلي، مفيدا أنه على الرغم من ادعاءات مؤكدة تفيد بوقوع التعذيب والصور الأخرى لسوء المعاملة عقب المحاولة الانقلابية الغاشمة وأثناء أعمال العنف في جنوب شرق تركيا، إلا السلطات نادرا ما أجرت تحقيقات رسمية وملاحقات قانونية بشأن هذا الموضوع.
وأوضح التقرير أن هذا الوضع خلق انطباعًا قويا بشأن تمتع المتورطين في أعمال التعذيب وسوء المعاملة بالحصانة.
حبس أكثر من 40 ألف شخص
أضاف التقرير أيضا أن السلطات التركية فصلت نحو 100 ألف موظف حكومي وحبست أكثر من 40 ألف شخص، من بينهم عسكريون ورجال شرطة وأطباء وقضاة ومدعو عموم ومحامون وصحفيون وحقوقيون، مؤكدا على استمرار الاعتقالات عقب الزيارات التي أجراها ميلزر إلى تركيا.
التعذيب والاغتصاب في الصالات الرياضية
وذكر التقرير أن أعمال التعذيب وسوء المعاملة تزايدت بصورة مخيفة عقب المحاولة الانقلابية، وتعرض المواطنون للتعذيب في مخافر الشرطة والمحاكم ومديريات الأمن والحجز الاحتياطي غير الرسمي والصالات الرياضية، مؤكدا ثبوت العديد من وسائل التعذيب مثل الضرب المبرح واللكمات والركلات والضرب بالأدوات والتهديد والتحرش اللفظي والتفتيش عراة والاغتصاب والعنف الجنسي والحرمان من النوم وإبقاء الجفون مفتوحة لأيام والتكبيل بالأصفاد.
وأشار التقرير إلى اكتظاظ الكثير من المعتقلات وعدم حصول المعتقلين على المسلتزمات الطبية والمياه والغذاء بالقدر الكافي، مشددا على حرمان المعتقلين الحاليين والسابقين من التواصل مع محاميهم وأقاربهم ومد فترة الاعتقال إلى 30 يوما دون تقديم أي مبررات رسمية.
ثبوت آثار التعذيب
أكد التقرير أيضا أن الأثار البدنية التي تم إثباتها خلال الفحوصات الطبية التي أجراها خبراء الطب الشرعي المرافقين لميلزر تتفق مع ادعاءات سوء المعاملة، مفيدا أنه خلال العديد من الواقائع ثبتت معاناة الأشخاص من أمراض نفسية مثل صدمات نفسية وحالات اكتئاب تستدعي مساعدة طبيب نفسي واضطراب الأعصاب الذي يعقب صدمة عصبية بصورة تتوافق مع ادعاءات التعذيب.
وشدد التقرير على تزايد أعمال العنف في تركيا مرة أخرى عقب انتهاء مفاوضات السلام الكردي بين الحكومة وتنظيم العمال الكردستاني في يوليو/ تموز عام 2015 بينما تزايد العنف والقمع عقب المحاولة الانقلابية في الخامس عشر من يوليو/ تموز عام 2016، مفيدا أن المتهمين بالانتماء لتنظيم العمال الكردستاني تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة خلال فترة اعتقالهم أو أثناء نقلهم إلى مراكز الاعتقال أو خارج نطاق التحقيقات الرسمية.
وأوضح التقرير أن غالبية وقائع سوء المعاملة نُفذت من قبل فرق العمليات الخاصة التابعة للشرطة وقوات الدرك، مفيدا أن أساليب التعذيب وسوء المعاملة تضمنت الضرب، والركل، واللكم، والاعتداءات اللفظية، والتهديدات بالعنف الجنسي، وعدم الحصول على القسط الكافي من النوم والمياه والغذاء، والتكبيل بالأصفاد.
وكشف التقرير عن تعرض شخص للاغتصاب بالأدوات.
استمرار التعذيب في جنوب شرق تركيا
أكد التقرير أن سوء المعاملة المتزامنة مع وقوع المحاولة الانقلابية تراجعت معدلاتها في غضون عدة أسابيع عقب المحاولة الانقلابية، غير أن أعمال التعذيب وسوء المعاملة والاعتقالات والتحقيقات لا تزال مستمرة في جنوب شرق تركيا على نطاق واسع، مفيدا أن بعض الأشخاص تعرضوا للتعذيب للاعتراف على آخرين جري اعتقالهم أيضًا.
وأفاد التقرير أن أعمال العنف وقعت في مراكز الاعتقال غير الرسمية بينما شهدت المعتقلات الرسمية عنفا وإهانات أكثر فظاظة، مشيرا إلى تهديد المعتقلات بالعنف الجنسي أثناء نقلهن وإجراء فحوصاتهم الطبية في حضور الحراس الذكور في خطوة انتهكت خصوصياتهن.
عزلة السياسيين الأكراد
وذكر التقرير أن ميلزر والوفد المرافق له طالبوا بتفقد أماكن اعتقال القيادات القضائية والجنود وأعضاء الحزب الكردي على وجه الخصوص على خلفية مزاعم عزلهم عن الخارج، غير أنهم لم يتمكنوا من تحقيق هذا الأمر بسبب ضيق الوقت، مؤكدا أنهم عُزلوا عن الخارج لمدة 15 يوما وأن هذه الفترة شهدت بدون شك إجراءات في إطار سوء المعاملة غير الإنسانية والتعذيب المحظورين.
وشدد التقرير على أن عزلة المعتقل عن العالم الخارجي هو صورة من صور التعذيب وسوء المعاملة.
الإصرار على تفتفش الزائرين عراه
تطرق التقرير أيضا إلى الخضوع للتفتيش عراة أثناء الاعتقال والنقل والفحص الطبي وداخل الزنزانات دون إشعار مسبق أو بدون مبرر صريح، مفيدا أن هذا الإجراء لم يقتصر فقط على المعتقلين بل امتد أيضا ليطول الزائرين.
وأشار التقرير إلى تزايد هذا الإجراء عقب المحاولة الانقلابية على وجه الخصوص، موضحا زعم الحكومة التركية تنفيذها هذا الإجراء للعثور على المواد غير القانونية، غير أنه يتوجب حظر هذه المعاملة غير الإنسانية والمنتهكة للخصوصة والمخجلة أو تنفيذها بطريقة تحترم مبادئها.
وضع السجون
أفاد التقرير أن المقرر الخاص للتعذيب وسوء المعاملة بالأمم المتحدة نيلس ميلزر التقى بعدد من النساء والأطفال والرجال المعتقلين داخل سجن سنجان في أنقرة وسجنين في دياربكر وسجون أورفا وأسنلار وسيليفري، مشيرا إلى تجاوز عدد المعتقلين داخل بعض السجون الطاقة الاستيعابية لها.
وشدد التقرير على كون أوضاع سجون الأطفال مقلقة بجانب تدهور الأوضاع الصحية والنظافة داخل السجون وقلة أعداد الطواقم الطبية.
مراكز الاعتقال
وسلط التقرير الضوء على افتقار مراكز الاعتقال للشروط الإلزامية، مشيرا إلى مكوث نحو 20-30 شخصا داخل مراكز الاعتقال التي تفتقر للظروف المادية التي تسمح ببقاء هذا القدر من الأشخاص لعدة أيام بالإضافة إلى حرمان هؤلاء الأشخاص من الضوء ومعرفة التقويم الزمني لافتقار مراكز الاعتقال للنوافذ.
وأضاف التقرير أنه توجد أماكن خارج الزنزانات من أجل الاحتياجات الأساسية كالاستحمام وقضاء الحاجة وأن الزنزانات تفتقر لنظام تدفئة -تم تركيبه قبل أيام من زيارة ميلزر-، مؤكدا أنه قبيل أيام من الزيارة أيضا وضعت وسائد وبطانيات داخل الأقسام من أجل الجلوس والنوم.
وأوضح التقرير أنه أثناء الزيارة كان من الجلي كون الطلاء حديثا، مفيدا أن مراقبة الزنزانات على مدار الساعة انتهك مبدأ سرية الحياة الشخصية.
121 ألف طلب للمحكمة الدستورية
ذكر التقرير أيضا أن المحكمة الدستورية تلقت 121 ألف شكوى منذ تفعيل آلية الانتهاكات الحقوقية وأن المحكمة تتلقى سنويا 20 ألف شكوى، مشيرا إلى أنه خلال عام 2016 فقط تلقت المحكمة 69 ألف و752 شكوى.
وأكد التقرير أنه وقت زيارة ميلزر كان عدد القرارات الصادرة عن المحكمة فيما يخص انتهاك قانون التعذيب يبلغ 38 قرارا فقط بعدما كان هذا الرقم يبلغ في عام 2014 نحو 3 قرارات وارتفع في عام 2015 إلى 10 قرارات ليواصل ارتفاعه في عام 2016 إلى 25 قرارًا.
كثرة الادعاءات وقلة التحقيقات
أوضح التقرير أن عام 2016 شهد فتح تحقيقات بحق 24 شرطيا غير أنه لم يتم إعداد مذكرات ادعاء بحقهم إلى الآن، مشيرا إلى كثرة الادعاءات المتعلقة بالتعذيب وسوء المعاملة عقب المحاولة الانقلابية وقلة التحقيقات في هذا الصدد.
وأفاد التقرير أن السلطات لا تسمح بالتحقيق في الوقائع الفردية بينما أبلغ مسؤولو وزارة الداخلية التركية نيلس ميلزر خلال لقاءاته معهم أنهم تلقوا 5 شكاوى فقط بشأن التعذيب وسوء المعاملة وتم بالفعل فتح تحقيقات بحق هؤلاء الأشخاص واتخاذ إجراءات تأديبية بحقهم.
امتناع مدعي العموم عن التحقيق في وقائع التعذيب
وذكّر التقرير بتعيين الحكومة غالبية أعضاء اللجنة التي تشكلت لإعادة النظر في مراسيم الطوارئ مما أثار تساؤلات حول مدى استقلالية وحيادية قرارات اللجنة، مشددا على وجود قرارات تتعلق بعدم تحقيق مدعي العموم في شكاوى التعذيب استنادا إلى قوانين الطوارئ وهو ما يتوافق مع انطباع “حصانة مرتكبي أعمال التعذيب”.
هذا وطالب التقرير بضرورة عدم تحويل مراسيم الطوارئ إلى تشريعات دائمة وتغيير قانون مكافحة الإرهاب الذي تسبب في إسكات المعارضة ومنعها من انتقاد الحكومة وإنهاء حالة الطوارئ بالإضافة إلى التحقيق في ادعاءات التعذيب واتخاذ إجراءات في هذا الصدد.