من ماريا تسفيتكوفا وجاك ستابز
موسكو 2 أكتوبر تشرين الأول (رويترز) – لم يكن لدى مواطنين روس
أي حماس وطني اليوم الجمعة وهم يرون لقطات لطائراتهم المقاتلة تقصف
أهدافا في سوريا بل استشعروا خطر التورط في صراع لا تلوح له أي
نهاية في الأفق.
ويتناقض هذا المزاج القلق لدى من استطلعت رويترز آراءهم بشكل
صارخ مع مشاعر الفخر الوطني التي طغت على الروس عندما ضم الرئيس
فلاديمير بوتين شبه جزيرة القرم من أوكرانيا وهي منطقة يعتقد كثير
منهم بأنها روسية.
وينظر بعض الروس إلى سوريا بكثير من القلق لأنها تعيد إلى
أذهانهم ذكريات أليمة: الحرب الطويلة التي خاضها الاتحاد السوفيتي
في أفغانستان ومعارك الكرملين ضد الإسلاميين في منطقة القوقاز.
وأدى هذا الصراع إلى شن هجمات بالقنابل استهدفت مدنيين في
موسكو. ويشعر البعض بالقلق من أن يؤدي التدخل الروسي في سوريا إلى
هجمات انتقامية ربما من قبل مئات الاسلاميين المتشددين من الروس
الذين انضموا لتنظيم الدولة الإسلامية.
قالت ناتاليا وهي امرأة متقاعدة في الثانية والخمسين من العمر
تحدثت أمام محطة قطارات الأنفاق في ليوبيانكا التي شهدت هجوما
انتحاريا مزدوجا في 2010 قتل فيه 39 شخصا “نشعر بالذعر من عواقب
(التدخل).”
وأضافت “كلنا نذكر ما حدث هنا.. أمام هذه المحطة مباشرة.
الأحمق فقط من يقول إنه غير خائف.
“ما يحدث في سوريا يثير الرعب.”
* الثقة في بوتين
بالنسبة لروس كثيرين فإن إرسال طائرات حربية إلى سوريا قرار
منطقي. ومثل كثيرين حول العالم يخشى هؤلاء التمدد السريع لتنظيم
الدولة الإسلامية ويرون أن المحاولات الغربية للقضاء على هذا
التنظيم لم تحرز الكثير من التقدم.
كذلك بدا هؤلاء واثقين في بوتين. وقال فلاديمير وهو موظف
متقاعد في موسكو “بوتين يعي ما يقوم به وهذا هو الشيء الصواب.”
وأجرى مركز ليفادا لاستطلاع الرأي هذا الشهر مسحا عن ردود
الفعل بشأن سوريا ولم تكن موسكو قد أعلنت بدء عملياتها العسكرية
هناك لكنها كانت قد بدأت في تعزيز وجودها.
وأظهر المسح أن 39 بالمئة ممن استطلعت آراؤهم يدعمون إلى حد ما
موقف الكرملين بشأن سوريا بينما قال 33 بالمئة إنهم غير مهتمين.
لكن حتى من دعموا التدخل يستندون في رأيهم لافتراض أنه سيكون
قصيرا وخاطفا ومحدود النطاق على عكس ما حدث للقوات الروسية في
أفغانستان حين استدرجت هناك لعشر سنوات.
وقال فاليري يورييف الذي خدم في أفغانستان بين 1983 و1985
كقائد لوحدة استطلاع “لقد أخطأنا في أفغانستان بإرسال قوات مشاة
إلى هناك. تسبب هذا في خسائر في صفوف جنودنا وضباطنا وأثار ذعرا
وسط المواطنين السوفييت ودمر الاقتصاد. ربما تقع خسائر في سوريا
لكنها لن تكون هائلة.”
وأضاف “ليس في صالح بلادنا البقاء (في سوريا) لعشر سنوات مثلما
حدث لنا في أفغانستان.”
كما قدر يورييف بأن الجيش الروسي يخطط لعملية ستستمر لشهرين.
وتابع “لكن للأسف التوقعات النظرية لا تتطابق مع الواقع.. لذا
سيكون التكهن أمرا صعبا.”
* حماس مفقود
حتى الآن على الأقل تملك العسكرية الروسية القدرة الفنية على
تنفيذ عمليات في سوريا وأكرانيا في آن واحد دون أي معاناة. وغالبية
القوات المنتشرة في أوكرانيا من المشاة بينما يشمل الانتشار في
سوريا وحدات جوية وبحرية.
ولن تثقل العمليات في سوريا ميزانية الدفاع والأمن القومي في
روسيا إلا قليلا خاصة بعد أن وصلت في ظل حكم بوتين إلى نحو 30
بالمئة من الإنفاق العام.
لكن سيرجي كريفينكو وهو ناشط في مجال حقوق الإنسان يشارك في
حملات بخصوص حقوق الجنود يقول إن أفراد الجيش لا يشعرون بالحماس
للانتشار في سوريا.
وقال كريفينكو مستندا إلى أقوال من أسر الجنود إنه يعرف عددا
منهم اشتكوا حين عرفوا بأمر إرسالهم إلى سوريا.
وأضاف “الجيش لا يتحمس للحرب لأنها تهديد لحياتهم وصحتهم.
البعض يرفضون الذهاب.”
وفي جمهورية الشيشان الروسية التي تسكنها أغلبية مسلمة شعر
سكان بالذعر لفكرة إلقاء المقاتلات الروسية قنابل في سوريا لأنها
أعادت إلى أذهانهم ذكريات تجربتهم الخاصة.
وقصف سلاح الجو الروسي مناطق في الشيشان لقمع انتفاضتين نفذهما
انفصاليون وإسلاميون.
وقال أصلان بيك وهو من سكان الشيشان (64 عاما) “لأننا مررنا
بهذا الجحيم من قبل.. نعرف أنه من غير الممكن عدم سقوط ضحايا من
المدنيين في حرب كهذه.”
وأضاف “مقاتلو الدولة الإسلامية ليسوا وحدهم في سوريا. هناك
أناس عاديون عاجزون عن الفرار من مناطق الحرب.. وسيعانون بسبب تلك
التصرفات المزعجة.”
وتابع “من واقع معايشتي بصفة شخصية لهذه التجربة.. وكمسلم
أيضا.. أتعاطف مع هؤلاء الأشخاص سيئي الحظ.”
(إعداد سامح البرديسي للنشرة العربية – تحرير أحمد حسن)