إسطنبول (الزمان التركية) – تشير المصادر التاريخية إلى أن الوزير تونيوكوك الذي كان في الوقت نفسه أحد أشهر حكماء إمبراطورية “الجوك تُرك” أكبر إمبراطورية تركية قديمة منع اعتناق الأتراك الديانة البوذية ومهد الطريق لدخولهم الإسلام.
لكن ماهي أول ديانة اعتنقها الأتراك؟ ومتى تحول الأتراك إلى دين الإسلام؟ ولماذا؟
شغل تونيوكوك منصب الوزير في إمبراطورية الجوك تُرك الثانية (745-552) لفترة طويلة، وكان أحد أهم وأشهر رجال الدولة والفكر في ذلك الوقت. وعثرت البعثات الأثرية والتاريخية على عدد من القطع الأثرية المهمة في تاريخ الأتراك، أثناء استكشاف قبره الذي شيده قبل موته.
يعرف تونيوكوك بأنه أشهر الشخصيات في تاريخ الأتراك القديم، بالإضافة إلى دوره في منع الأتراك من اعتناق البوذية وتوجيههم إلى الإسلام. وكشف البروفيسور المؤرخ أحمد تاشاغيل، الذي شارك في عمليات الحفر في منطقة قبر تونيوكوك الواقعة داخل حدود دولة منغوليا الآن، عن عدد كبير من القطع الأثرية والشواهد التي تعود للعالم الإسلامي قديمًا.
وأوضح تاشاغيل أن تونيوكوك وضع حجرين كبيرين مدونا عليهما بعض الملاحظات والتعليمات للأتراك في الفترة بين عامي 720-725 بعد الميلاد، كانت بمثابة المصباح المضيئ للأتراك، موضحًا أن تلك الكتابات المدونة بحروف “الجوك تُرك” القديمة، تتحدث عن ظلم وقهر إمبراطورية الصين في ذلك الوقت، مقدمًا نصائح وتعليمات للقبائل التركية لمواجهة الخطر الصيني.
وقال تاشاغيل: “إن تونيوكوك أكثر الشخصيات التركية القديمة حكمة. وتؤكد المصادر الصينية هذا بوضوح. وساهم في إعاقة تحرك الأعداء الداخليين والخارجيين ضد الإمبراطورية التركية. وكان دائمًا على علم في الوقت المناسب بالمخططات التي يسعى هؤلاء لتنفيذها. وعمل على تجاوز الأتراك لعدد من المشكلات الكبيرة التي واجهتهم. وكان من بين تلك المسائل، أنه منع الأتراك من اعتناق الديانة البوذية. وساهم بشكل ما في تمهيد الطريق أمام الأتراك لاعتناق الدين الإسلامي. فقد كان يرى أن البوذية على أبواب الأتراك. وأكد أنها ستقيّد حركة الأتراك وستفقدهم خواصهم وامتيازاتهم”.
لماذا اختار الأتراك الإسلام؟ ما هي نقاط التشابه بين الإسلام والديانة القديمة للأتراك؟
كان الأتراك يتمتعون بقدر كبير من التسامح تجاه الديانات الأخرى. وقد جاء الإسلام أيضًا بتسامح كبيرة تجاه الأديان الأخرى.
ومن نقاط التشابه بين الديانة القديمة للأتراك والإسلام؛ الاعتقاد بوجود إله واحد، وكان لديهم بعض المعتقدات المشابهة للدار الآخرة والحج والأضحية في الإسلام.
وكان أيضًا من أهم العوامل التي دفعت الأتراك لدخول الإسلام، اهتمام الإسلام بتكوين العائلة، والشرف، والنظافة، بالإضافة إلى فكر الجهاد والفتوحات المتلائم مع التفكير التركي حول الغزوات. إلى جانب عدم وجود فروق بين طبقات المجتمع عندهم وتبنيهم مبادئ مثل المساواة والعدالة التي جاء بها وأكدها الإسلام أيضاً.
بالإضافة إلى كل هذا، فإن جوانب التفوّق المتزايد يوماً بيوم للصين إزاء الأتراك، وتطلّعها إلى الاستيلاء على بلاد ما وراء النهر، دفعت الأتراك للنظر بتعاطف إلى المسلمين الذين كانت رقعة بلادهم ونفوذهم في توسع سريع.
كما شارك الأتراك إلى جانب المسلمين في حربهم على الصينيين في معركة طلاس التي دارت بينهم عام 751 ميلاديًا. وتمكنوا من تحقيق فوز كبير في مواجهة الصينيين. وعقب هذا الفوز على الصينيين شهدت العلاقات بين العرب والأتراك تقاربًا ملحوظًا.