شاهين ألباي
صرح النائب عن مدينة ديار بكر من حزب الشعوب الديمقراطي ألطان طان في مطلع الشهر الجاري بأن هناك تشويشا في 3 قضايا بالنسبة للحركة الكردية.
وهذه القضايا باختصار هي: هل سنؤسس تركيا ديمقراطية، أم أننا سننقسم بالحروب والاشتباكات والتفرقة؟ وهل نحن نخطط لتركيا ضمن الاتحاد الأوروبي والمعايير الغربية، أم لتركيا على نمط دول الشرق الأوسط؟ وهل سنحصل على الحكم الذاتي الديمقراطي بالسلاح والحرب وحفر الخنادق، أم بالحوار في أنقرة وبوضع دستور جديد؟
وكان ألطان طان يقول إن زعيمهم عبد الله أوجلان المحكوم عليه بالسجن المؤبد في جزيرة إيمرالي والحركة السياسية الكردية (وهو جزء منها) قد أعلنا انتهاء الكفاح المسلح للمطالبة بحقوق الأكراد في تركيا. وأكد بدء الكفاح السياسي الديمقراطي الفكري المشروع، والعمل على التخطيط من أجل تركيا ملتزمة بالمعايير الغربية، كما أشار إلى وجوب الحصول على الحكم الذاتي الديمقراطي من خلال الحوار ووضع دستور جديد للبلاد.
ومعظم الناس يعلمون من هو الذي يعاني من تشوش الأفكار. وهناك من أوضح ماهية هذا التشويش. فحين طالب رئيس حزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرتاش حزب العمال الكردستاني بترك السلاح دون شروط، رد عليه دوران كالكان أحد قياديي الكردستاني في جبال قنديل بشمال العراق قائلا: “بعض الساسة يوجهون لنا النداء مطالبين إيانا بترك النضال دون شروط. إلى من سنستسلم؟ ما الذي فعلتموه حتى توجهوا لنا هذا النداء؟ فهل الإدارة السياسية عملت على حل المشاكل ووقف الكردستاني عائقا أمامها”؟
ومن جانبه رد القيادي الآخر مصطفى كاراسو على الناطقين باسم حزب الشعوب الديمقراطية قائلا: “تتساءل بعض الأوساط هل يمكن تحقيق الحكم الذاتي الديمقراطي بمثل هذه النزاعات والتوترات؟ محاولةً بذلك تسفيه النضال الشعبي، لجعل الشعب يتراجع خطوة إلى الوراء. فهذه تصرفات لا علاقة لها بالديمقراطية وواقع الدولة. فالديمقراطية والتطور الديمقراطي لا يتحققان إلا بالنضال”.
إن هذه التصريحات تشير إلى أن تشويش الأفكار لا يقتصر على القضايا التي ذكرها ألطان طان. وللأسف فإن هذا التشويش قد كلف تركيا الكثير ولا سيما الأكراد. علما بأن حزب الشعوب الديمقراطي الذي ينادي بالدفاع عن وحدة تركيا، ويرفض العنف، أظهر بشكل غير مسبوق أن بإمكان أكراد تركيا الحصول على حقوقهم الديمقراطية من خلال النضال السياسي وبدون سلاح، ورأى أن السلاح والعنف يشكلان العقبة الكبرى أمام النجاح.
فالشعوب الديمقراطي الذي آثر السلام والديمقراطية، يشكل اليوم أكبر عائق في وجه الإرادة التي تسعى لتحويل تركيا إلى بلد شرق أوسطي ديكتاتوري من خلال نظام الحكم الفردي؛ في حين أن أقوى حليف له وهو العمال الكردستاني يصر على الكفاح المسلح.
يجب على كل واحد أن يسأل نفسه: هل كان كمال كليتشدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري مخطئا في قوله: “إن التعاون بين العدالة والتنمية والعمال الكردستاني جر البلاد إلى ما هي فيه. فما يفعله الزعيم الفعلي للعدالة والتنمية رجب طيب أردوغان يتوافق مع أفعال الكردستاني. في حين أن زعيم التنظيم الإرهابي كان يصرح بأنه لا يجد مشكلة في النظام الرئاسي. والآن كلاهما يضغطان على حزب الشعوب الديمقراطي…”. علينا كالشعب التركي ألا نسمح للعدالة والتنمية وللكردستاني بالقضاء على الشعوب الديمقراطي. وثمة حاجة ماسة لإشراك جميع أطراف الحركة الكردية السياسية حتى أوجلان، بحرية في الحوار من أجل التخلص من تشويش الأفكار وإنهاء العنف.