إسطنبول (زمان عربي) – تقع بلدة صاريير في نهاية مضيق البسفور في الشطر الأوروبي من مدينة إسطنبول لكن توجد بعدها أيضا أماكن غاية في الجمال إذ هناك قرى رومية قديمة لا تزال تحافظ على طابعها التاريخي.
تتميز تلك المنطقة بالغابات الشمالية الكثيفة لإسطنبول وطبيعتها الخلابة التي أصبحت مهددة بعد انتهاء مشروع جسر إسطنبول الثالث، وغالبا ستتحول المنطقة التي تحيط بمشروع الجسر إلى منطقة استثمارات في الإنشاءات بحثًا عن أرباح كبيرة. وكأن التاريخ يعيد نفسه في الأحداث التي شهدتها إسطنبول عند الانتهاء من أعمال بناء وتشييد الجسرين السابقين. وما تبع ذلك من إقامة تجمعات عمرانية مزدحمة وما إلى ذلك من مظاهر الزحف العمراني.
ويؤمل أن تتمكن الأماكن الأثرية الواقعة في منطقة روميلي مثل: منارة روميلي، وقرية روميلي كاواغي، من الحفاظ على طابعها التاريخي في مواجهة الزحف العمراني.
لا تقتصر أهمية تلك الأماكن على تاريخها القديم فقط، وإنما تتميز بموقعها كـ”بوابة الدخول” للبسفور، فضلًا عن جوها الرومانسي الساحر. ومن الممكن تخصيص يوم جمعة من أجل الاستمتاع بهذا الجمال.
فما أجمل أن يتزين يوم الجمعة بهواء عليل، ووجبة في أحد المطاعم التي تقدم الأسماك الطازجة، واحتساء الشاي في حدائق هادئة. ولا تظنوا أن المسافة كبيرة وأن المكان بعيد، لأنه من الممكن تفادي ذلك من خلال مراعاة ساعات الازدحام المروري.
قرية “غريبجه-Garipçe”والجسر الثالث
تشتهر قرية “غريبجه” (Garipçe) بمائدة إفطارها. إلا انها تقف الآن حائرة تبحث عن أيامها الخوالي، أسفل الكتلة الخرسانية للجسر الثالث. ولكن أهلها يتمتعون بقدر عالٍ من السعادة من الوضع الجديد أيضا.
لكن ماذا إذا بدأنا يوم الجمعة بمائدة إفطار شهية في مكان مطل على البحر الذي تتغير ألوانه من حين لآخر؟ ويمكن أن تلتقطوا صورا لقلعة السلطان مراد الثالث وطيور النورس، التي يقال عنها “أطفال البحر المتشردة”. وبعد ذلك إما تنتظرون الحافلة المتجهة إلى منارة روميلي أو تتجهون بسياراتكم الخاصة.
تعتبر منارة روميلي من أشهر قرى الصيد في إسطنبول، وتعتبر من أهم المعالم التي يحرص المقيمون في إسطنبول على زيارتها. حتى إن البعض يأتي إلى هذا المكان خصيصًا من أجل زيارة ضريح العبد الصالح الشيخ صاري صالتوق؛ الذي لعب دورا مهما في انتشار الإسلام في الأناضول لدرجة أن كلف السلطان جيم السيد أبو الخير بجمع قصص وحكايات الشيخ.
شيدت منارة روميلي، عام 1856 من قبل الفرنسيين، عقب حرب القرم،بارتفاع 58 مترًا فوق سطح البحر؛ مثلها مثل منارة الأناضول الواقعة في الجهة المقابلة. وكان الغرض من بنائها هو منع الروس من استخدام البسفور للنزول إلى مياه البحار الدافئة. وحصل الفرنسيون على امتيازات الانتفاع بتلك المنارة لمدة 100 عام، إلا أنها لم تستمر بسبب إلغائها من قبل مصطفى كمال أتاتورك، بعد عشر سنوات من إعلان الجمهورية.
قرية روميلي كاواغي-Rumeli Kavağı: لوحة فنية لإسطنبول الهادئة
آخر محطاتنا يوم الجمعة تكون في قرية روميلي كاواغي. تبدو تلك المنطقة وكأنها ترسم لوحة فنية لمدينة إسطنبول الهادئة. وتتميز تلك البقعة بمطاعمها التي تقدم أطباق أسماك تتناسب مع كل فصل من فصول السنة. وإذا كنتم من الذين لايفضلون إلا سمك الهامسيHamsi (السمك الصغير الذي يوجد في البحر الأسود بوفرة ويفضلها أهالي تركيا كثيرا)، فهذا أيضًا متوفر من أجلكم. تجولوا ببطء في الطرقات، واستمتعوا بهدوئها، ومن الممكن أيضًا أن تمروا بجامعها الكبير. إذ يقال أنه يضم ضريح”تللي بابا” الذي يقال إنه كان إمام كتيبة في الجيش أثناء فتح إسطنبول. نقرأ له الفاتحة ثم نتجه إلى حدائق الشاي المطلة على الجسر الثالث التي تنتظرنا. وإن كان هناك من يود المقارنة بين قرية روميلي كاواغي وأناضولو كاواغي في الجهة المقابلة يمكن الانتقال إلى الجهة المقابلة بالمراكب التي تعمل بين ضفتي المضيق.