أنقرة (زمان عربي) – شهدت المدن ذات الأغلبية الكردية في جنوب شرق تركيا تكثيفًا لنشاطات العمليات الإرهابية عقب فشل مفاوضات السلام والتسوية الرامية إلى حل المشكلة الكردية.
فقد أسفرت الهجمات التي حدثت خلال الـ45 يومًا الأخيرة فقط عن سقوط 30 شهيدًا من رجال الأمن. وكان المدون المشهور على موقع التواصل الاجتماعي تويتر فؤاد عوني المعروف بفضحه لمؤامرات الرئيس رجب طيب أردوغان وحكومة حزب العدالة والتنيمة قد فجَّر مفاجآت عبر تغريداته الأخيرة، حيث كشف عن أن أردوغان ينسج ويعدّ “ألاعيب قذرة”في قصره، بعد فشل العدالة والتنمية في الحصول على الأغلبية في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 7 يونيو/ حزيران الماضي، مدعياً أن هذه الخطة دخلت بالفعل حيز التنفيذ من خلال سيناريو تنفيذ هجمات علىرجال الأمن، على حد زعمه. وبعد مدة قصيرة من هذه الادعاءات، بدأ الشعب التركي يتلقى فعلاً أخباراً عن سقوط رجال الأمن شهداء واحداً تلو آخر، مثلما أخبر عنه فؤاد عوني.
ولكن كيف هي الأحوال في أجهزة الأمن التي وضعها أردوغان في مرمى سهامه في إطار استراتيجيته الرامية إلى زيادة أصوات العدالة والتنمية عبر إشاعة أخبار الشهداء وإثارة المشاعر الوطنية لدى المواطنين؟
بحسب تقارير خبراء الأمن، فإن مديريات الأمن في بلدات المناطق الشرقية والجنوبية الشرقية من البلاد تعاني من نقص في أعداد رجال الأمن والعناصر الشرطية وحتى المعدات والمركبات القادرة على التدخل في حالة حدوث أي أعمال مخلّة بالأمن العام. حتى أوضحوا أن نقص المركبات في مديريات الأمن في المنطقة وصل إلى حد بحيث لا توجد في بلدة واحدة سوى سيارة واحدة لمكافحة الشغب (TOMA)، وعربة مصفحة خفيفة، ومركبة مدرعة واحدة.
وفي حالة حدوث أية أعمال عنف أو ما شابهها، يحاول رجال الأمن التدخل باستخدام العربات المصفحة الموجودة لديهم. إلا أن تلك العربات لا تتمتع بالتصفيح الكامل، وإنما تعتبر مصفحة فقط ضد الأسلحة الخفيفة والقناصات، وليس الألغام الأرضية والقنابل.
فقد ظهر أن الهجمات الإرهابية التي كانت تتعرض لها المركبات المصفحة باستخدام القنابل في بلدات سيلوبي، وجيزرا، ودارجاتشيت، أدّت إلى استشهاد كل رجال الأمن المتواجدين بداخلها، مما يستوجب استبدالها بمركبات أكثر تدريعًا من نوع المدرعاتالمقاومةللألغام مثل كيربى (Kirpi) وأجدر (EJDER). فضلًا عن أن مديريات الأمن في المنطقة تفتقر إلى أجهزة التشويش والقطع على الاتصالات. فقد أوكلت تلك المهمة إلى رجال الأمن العاديين، بعد تشريد أو نفي أو طرد رجال الأمن المتخصصين في تلك التقنيات بحجة انتمائهم إلى سفسطة الكيان الموازي.
بالإضافة إلى أن بعض مركبات مكافحة الشغب المستخدمة في عدد من مديريات الأمن في المنطقة لا تتمتع بأي تحصينات دفاعية سوى الحماية من الحجارة فقط، حتى أن الرصاصات العادية تتمكن من اختراق تلك العربات بسهولة.
وكشف الخبراء والمتخصصون عن وجود أزمة حقيقية تعاني منها المنظومة الأمنية في تركيا مؤخراً، وهي مدراء الأمن. إذا لا يتعدى عدد مدراء الأمن أصحاب الخبرات الأمنية اللازمة أصابع اليد الواحدة.
زيادة على ذلك، فهناك فشل استخباراتي ذريع في التعامل مع الهجمات الإرهابية وأعمال العنف التي تشهدها المنطقة وتركيا برمتها. كما تعرض قوات الأمن حياة المواطنين المدنيين للخطر بسبب إقدامها على استخدام الأسلحة الثقيلة في التعامل مع هذا النوع من المواقف قبل استنفاد كل طرق الحل السلمية نتيجة لإخفاقها في حساب المخاطر المحتملة ودراسة التقارير السابقة الخاصةبالمنظمات الإرهابية وطبيعة عملها.
هذا الوضع يضع قوات الأمن وأصحاب البيوت والمحالّ التجارية في المنطقة وجهاً لوجه، مما يؤجج مشاعر الغضب لدى الطرفين.