من بن بلانكارد
بكين 3 سبتمبر أيلول (رويترز) – أعلن الرئيس الصيني شي جين
بينغ اليوم الخميس خفض عدد القوات الصينية بمقدار 300 ألف جندي
فيما نظمت بلاده أكبر استعراض للقوة العسكرية في عرض أقيم بمناسبة
الانتصار على اليابان في الحرب العالمية الثانية ولم يحضره معظم
زعماء الغرب.
وأثارت ثقة الصين في قواتها المسلحة ونهجها العسكري الصارم على
نحو متزايد خاصة في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه الاضطرابات في
المنطقة ودفعت واشنطن لانتقادها.
وقال شي من على منبر يشرف على ميدان تيانانمين قبل بدء العرض
إن بلاده ستخفض عدد قواتها بنسبة 13 في المئة. ويصل قوام الجيش
الصيني في الوقت الحالي إلى 2.3 مليون شخص.
ولم يعلن شي عن إطار زمني لخفض القوات وهي خطوة يرجح أن تكون
في إطار خطط لزيادة فعالية الجيش تتضمن إنفاق المزيد من المال على
الأسلحة المتطورة للبحرية والقوات الجوية. وخفضت الصين عدد قواتها
ثلاث مرات منذ ثمانينيات القرن الماضي.
وقال شي “يؤدي التحيز والتفرقة والكراهية والحرب إلى الكوارث
والألم. إن الصين ستتبع دوما طريق التنمية السلمية.”
ونزل شي بعد ذلك إلى الشارع الرئيسي في بكين وتفقد صفوف الجنود
ومر أمامهم في سيارة ليموزين سوداء يهتف “أهلا يا رفاق… يا أيها
الرفاق الكادحون”.
وسار أكثر من 12 ألف جندي أغلبهم صينيون لكن بمشاركة فرق
عسكرية من روسيا ودول أخرى في طريق تشانغان يتقدمهم محاربون قدامى
شاركوا في الحرب العالمية الثانية في سيارات.
ونقلت بعد ذلك صواريخ باليستية ودبابات وسيارات مصفحة لم يظهر
الكثير منها علانية من قبل. وحلقت طائرات مقاتلة متطورة وقاذفات في
عرض جوي متناسق بشدة استمر نحو 90 دقيقة.
ومن بين الأسلحة التي كشفت الصين النقاب عنها للمرة الأولى
صاروخ باليستي مضاد للسفن يعرف باسم دونغفنغ-21 دي والذي ورد أنه
قادر على تدمير حاملة طائرات بضربة واحدة.
واشتمل العرض أيضا على عدة صواريخ باليستية عابرة للقارات مثل
الصاروخ دي.اف-5 بي والصاروخ دي.اف-31 ايه وكذلك الصاروخ الباليستي
متوسط المدى دي.اف-26 الذي يطلق عليه اسم “قاتل جوام” في إشارة إلى
قاعدة أمريكية في المحيط الهادي.
* علامة على القوة
يرى جريج أوستن وهو أستاذ زميل في معهد الشرق والغرب في
نيويورك أن خفض عدد القوات الصينية لا علاقة له بالحد من القوة
العسكرية.
وقال “إنه عزم على توسيع نطاق القوة العسكرية بتوجيه المال
لإحداث تأثير أكبر ولتكنولوجيا أكثر تطورا يمكن أن تحدث تأثيرا
استراتيجيا أكبر” في إشارة إلى الحروب البحرية والإلكترونية وحروب
الفضاء.
وقال بنغ قوانغ تشيان نائب رئيس مجلس دراسات سياسة الأمن
القومي في الصين إن العتاد المعروض يهدف إلى إظهار استعداد جيش
التحرير الشعبي للقتال.
وأضاف لوكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) “يشير هذا إلى تغير
في استراتيجية التدريب في جيش التحرير الشعبي مع التركيز بشكل أكبر
على القتال الفعلي.”
وبالنسبة لشي فإن العرض يصرف الانتباه عن تراجع أسواق الأسهم
الصينية وتباطؤ النمو الاقتصادي وانفجارات وقعت في الآونة الأخيرة
بمستودع لمواد خطرة مما أسفر عن مقتل 160 شخصا على الأقل.
وحضر العرض العسكري في بكين أيضا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين
وزعماء عدة دول أخرى لها صلات وثيقة بالصين ومن بينهم الرئيس
السوداني عمر حسن البشير المطلوب للمثول أمام المحكمة الجنائية
الدولية لاتهامات بارتكاب جرائم حرب.
وقال دبلوماسيون إن معظم زعماء الغرب رفضوا دعوات حضور العرض
لاستيائهم من قائمة الضيوف وقلقهم من الرسالة التي ستبعث بها الصين
من خلال استعراض القوة.
ولم يحضر رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي العرض الذي أقيم بعد
يوم من الذكرى السبعين لاستسلام طوكيو في الحرب العالمية الثانية.
ودأبت الحكومة الصينية على القول إن العرض لا يستهدف اليابان
الحالية وإنما لتذكر الماضي وتذكير العالم بالتضحيات الكبيرة التي
قامت بها الصين أثناء الحرب.
لكن الصين لا تفوت فرصة التطرق إلى الدور الذي لعبته اليابان
في الحرب. وقال شي أمس الأربعاء إن الغزاة اليابانيين تصرفوا
بوحشية قبل الحرب وخلالها.
*الأسطول الصيني في بحر بيرنج
يهدف شي إلى تحديث الجيش الصيني وتطوير أسطول قادر على الدفاع
عن المصالح العالمية المتنامية للبلاد.
وفي مؤشر على القوة الناشئة قالت وزارة الدفاع الأمريكية
(البنتاجون) أمس الأربعاء إن خمس سفن تابعة للأسطول الصيني كانت
تبحر في المياه الدولية ببحر بيرنج قبالة ألاسكا في وقت يجوب
الرئيس الأمريكي باراك أوباما الولاية.
وقالت وزارة الدفاع الصينية إن السفن تبحر في المنطقة للقيام
بمناورات روتينية ولا تستهدف دولة بعينها.
وذكر الكابتن جيف ديفيس المتحدث باسم البنتاجون أن هذه هي
المرة الأولى التي ترصد فيها الولايات المتحدة سفنا تابعة للبحرية
الصينية في بحر بيرنج.
وقال دين تشنغ وهو خبير في شؤون الصين بمؤسسة هيريتاج البحثية
في واشنطن “يتماشى هذا مع ما يقوله الصينيون: سننشط في أعالي
البحار ولنا وجود عالمي.”
وسيلتقي شي بأوباما في واشنطن هذا الشهر لإجراء محادثات تتناول
عددا من القضايا من بينها القوة العسكرية الصينية المتنامية.
وأغلقت العاصمة الصينية بكين لتأمين العرض العسكري ولم يسمح
بالمرور في الكثير من شوارع وسط المدينة وأعلنت عطلة لمدة ثلاثة
أيام.
وقال مي قوو شيان الذي جاء إلى بكين لحضور حفل زفاف “هذا العرض
شيء والوطنية شيء آخر… هذا العرض للزعماء الوطنيين.”
(إعداد ياسمين حسين للنشرة العربية – تحرير محمد اليماني)