مصطفى أونال
مع مرور الوقت تتضح ملامح الإجابة عن السؤال: كيف ستجري الانتخابات في تركيا؟ علما بأن الرئيس أردوغان هو الذي حدد موعد الانتخابات. حيث قال: “ستعاد الانتخابات في 1 نوفمبر/ تشرين الثاني”، مع أن مدة تشكيل الحكومة لم تنته بعد (45 يوما).
وبذلك يكون قد حدد موعد الانتخابات قبل 3 أيام من موعد إعلانها المفروض، وهذا أمر غير طبيعي. إذ كان من المفترض أن يكلف كمال كليتشدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري بتشكيل الحكومة. لكنه لم يفعل ذلك، ولم يذكر السبب. وهذه ليست مفاجأة بالطبع. ولا يخفى على أحد أن الرئيس أردوغان خطط مسبقا لإعادة الانتخابات. حتى إنه لم يخفِ نواياه. إذن فشهر نوفمبر/ تشرين الثاني سيحدد المصير السياسي لتركيا مرة أخرى.
وقبل أن نتساءل كيف سيكون ذلك؟ أو نتعمق في الموضوع أود أن أذكر نكتة أجدها خير طريقة لوصف الحالة التي تعيشها البلاد، وهي مبكية لا مضحكة. فقبل عدة أيام اقتحمت الشرطة في أنقرة مدرسة قد زارها مفتشو وزارة التربية والتعليم قبل أسبوع واحد فقط.
ولا داعي لأذكر أن بعض المدارس (مدارس قريبة من حركة الخدمة) خاضعة لتفتيش مستمر طوال السنة وعلى مدار الساعة. فحين كان المفتشون يتجولون في المدرسة وجدوا ببغاءً جميلا في قفص، فسارعوا إلى القفص، وقالوا: ما هذا؟ فأجاب مدير المدرسة: إنه هدية من ولي أمر أحد طلابنا. وكان المدير مرتاحا لأنه لم يجد مشكلة في ذلك، لكنه كان في حيرة من أمره لأنه حين سأل المفتشين: وماذا في ذلك؟ قال المفتش: هذا مخالف للقوانين، أبعدوا هذا الطائر من المدرسة حالا. فاضطر مدير المدرسة للاتصال بولي الأمر الذي أهداهم الطائر وقال له: تعال وخذ طائرك. فقد قيل لنا إنه ممنوع. ولم يخطر على بال ولي الأمر أن يكون وجود طائر في المدرسة أمر يخالف القانون. وشعر بالحيرة والحزن في آن معا. فقال أنا أهديتُ الببغاء، وأنتم أهدوه لشخص آخر. فقام المدير بإهدائه لإحدى مؤسسات المجتمع المدني، وشرح لهم الموضوع. وأصبح الببغاء في مكتب ذلك الوقف. لا أدري إن كان هذا الأمر يستحق الضحك أم البكاء. ولكن هذه ليست نكتة إنها حقيقة حدثت في الأسبوع الماضي.
لنعد إلى الحديث عن السياسة. لقد تم تحديد موعد الانتخابات المبكرة. ومن جانبه كان داوداوغلو قد دعا لعقد اجتماع ثلاثي مع أحزاب المعارضة في محاولة لتشكيل الحكومة. ولكن الرئيس أردوغان سارع لإعلان موعد الانتخابات في مطلع نوفمبر. وهذا الموعد يمكن تغييره. ولكن العدالة والتنمية تحت الوصاية، في حين أن المعارضة حصلت على أغلبية الأصوات. إلا أن القصر يحول دون أدء البرلمان دوره بشكل كامل، فهو الذي مهد الطريق للانتخابات المبكرة.
وكان دولت بهشلي زعيم الحزب القومي الذي شعر بأنه سيتأثر سلبا بالتغييرات السياسية قد أبدى استعداده للتحدي في الانتخابات المبكرة وذلك بخلاف التوقعات. كما أن أعضاء الحزب يقولون إن أمريكا هي التي أوصلت العدالة والتنمية إلى سدة الحكم. وقد سألوا مسؤولي العدالة والتنمية: لم أنتم مستعجلون لإجراء الانتخابات المبكرة؟ ولم يرد العدالة والتنمية بأي جواب على هذا السؤال.
وقد كانت الدورة الخامسة والعشرون للبرلمان هي الأقصر عمرا بين الدورات البرلمانية. حتى إن أعضاء البرلمان لم يعملوا فيها مدة 23 ساعة. ومع ذلك فحزب الحركة القومية في المقدمة. وكان بهشلي هو الذي دعا للانتخابات المبكرة عشية انتخابات 7 يونيو. ولكنه أبدى نوعا من المرونة في موقفه فيما بعد. وسهل بذلك للقصر تنفيذ خطته.