تناول تقرير لصحيفة (البوابة نيوز) المصرية، الطموح المتزايد لحزب العدالة والتنمية في تركيا برئاسة رجب طيب أردوغان، نحو إعادة إحياء “الإمبراطورية العثمانية” من جديد لمحاصرة الدول العربية مرة أخرى. وتناول التقرير الذي أعده الكاتبان هانى سليمان وبسام صلاح تعليقات محللين سياسيين مصريين في هذا الصدد.
وجاء في التقرير المنشور بعنوان: “السلطان العثماني وحلم استعادة الخلافة” الآتي:
الإمبراطورية العثمانية.. إحدى أكبر الإمبراطوريات الكبرى فى العالم، والتى أسسها عثمان الأول، ومنذ ذلك الوقت أصبحت على اسم هذا الشخص، وقد تأسست تلك الدولة على يديه واستمرت لما يقارب الستمائة سنة، وامتدت أراضيها إلى أوروبا وأفريقيا وآسيا لتشمل العالم بأسره.
وكانت تلك الفترة تتمتع بالكثير من التقدم والازدهار، مما أثر على الإسلام فى هذا الوقت، وتعد فترة حكمها الأطول على مر العالم الإسلامي، فقد بقيت تلك الدولة مستمرة ما بين عامى ١٢٩٩ إلى ١٩٢٣.
ومنذ ظهور حزب العدالة والتنمية برئاسة رجب طيب أردوغان، وهو يحلم بإعادة إحياء تلك الفترة من جديد، من خلال التحركات التى يقوم بها فى قارات أفريقيا وغيرها من القارات، مطالبا باستعادة الأراضى التى كانت تسيطر عليها الدولة العثمانية قبل لوزان عام ١٩٢٢.
وسعيا لتحقيق حلمه اتخذ أردوغان عددا من الخطوات، من خلالها كشف عن مخططه لإحياء الدولة العثمانية.
البداية عندما شيد الرئيس التركى قصره الأبيض، والذى أطلق عليه قصر السلطان، بتكلفة بلغت أكثر من ٦٠٠ مليون دولار، وبلغت مساحة هذا القصر حوالى ٢٠٠ ألف متر، على خطى قصور الملوك العثمانيين فى تلك الفترة.
واتجه أردوغان إلى تدريس اللغة العثمانية فى المدارس، وفى المراحل الثانوية، حيث قال، إن تلك اللغة يجب تدريسها، بل والأكثر من ذلك، أعاد أردوغان عزف النشيد العثماني، فى القصر الجمهورى بدلًا من النشيد التركي، وذلك لأول مرة منذ سقوط الخلافة العثمانية، وكان ذلك خلال استقبال رئيس أذربيجان.
كما وافقت لجنة الشئون الدستورية بالبرلمان التركى على اقتراح نواب حزب العدالة والتنمية بإعداد شعار رسمى جديد للجمهورية هو ذاته شعار الدولة العثمانية المعروف.
وينص مشروع القانون الجديد الذى اقترحه نواب من حزب العدالة والتنمية على عودة شعار الدولة العثمانية مرة أخرى بعد أن ألغى عام ١٩٢٢ بسقوط الخلافة العثمانية فى ذلك الوقت.
محض افتراءات
وفى هذا السياق، قال محمد حامد، الباحث بالعلاقات الدولية، إن ما يتحدث عنه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بشأن عودة الأراضى التركية التى كانت مملوكة للدولة العثمانية من قبل، والتى تحررت وفقًا لاتفاقية لوزان ١٩٢٢، حلم لن يتحقق.
وأضاف حامد، أن المجتمع الدولى لن يسمح نهائيا بحدوث هذا الأمر، وهو رجوع أراضى الدولة العثمانية، والتى كانت تملكها قبل عام ١٩٢٣، وهذا بعد مرور ١٠٠ عام على هذا الأمر.
وأوضح أن ما يقوله أردوغان ويلمح له ما هو إلا محض افتراءات، كونه رئيسا يريد فكرة إحياء الدولة العثمانية، وهو الأمر الذى يسعى له الرئيس التركي، ويخفى عليه أن هناك الآن حدودا معترف بها بين الدول ومسجلة بالفعل فى الأمم المتحدة.
وأكد أن ما يقوله أردوغان بشان الأراضى التى توجد فى أى منطقة فى العالم بأنها ملك للدولة العثمانية، لن يستطيع استرجاعها.
ويقول حامد، إن أردوغان يفعل كل هذا استعدادا لانتخابات مقبلة فى عام ٢٠١٩، وهى الانتخابات الرئاسية التى يسعى للفوز بها، مشيرا إلى أن كل ما يفعله أردوغان هو فكرة لجذب الأتراك بالداخل لفكرة إحياء الدولة العثمانية مرة أخرى.
ميناء سواكن
وقالت دكتورة زبيدة عطا، أستاذة التاريخ الحديث بكلية الآداب جامعة حلوان، وعضو المجلس لجنة التاريخ بوزارة الثقافة، إن أردوغان يحلم برجوع هيمنة الدولة العثمانية على الدول العربية مرة أخرى.
وأضافت أن أردوغان يسعى لذلك من خلال ما قدمه من مبالغ هائلة لمراكز علمية بالجامعات المصرية، حتى يكتبوا عن الدولة العثمانية، وذلك فى سنة حكم الإخوان عام ٢٠١٣.
وأشارت إلى أنه سعى للسيطرة على ميناء سواكن حتى يضغط على مصر لتعترف بولاية الدولة العثمانية، بالإضافة إلى أن هذا الميناء عندما تأخذه تركيا وتنشئ قاعدة هناك يشكل ذلك خطرا على الممكلة السعودية، لأن ميناء سواكن على امتداد البحر الأحمر، مشيرة إلى أن هناك تحالفا تركيا قطريا إيرانيا ضد الدول العربية غير المنضمة لهم، ويحاولون جاهدين الضغط بشتى الطرق لتحقيق حلم رجوع الدولة العثمانية.
محاصرة الدولة المصرية
بينما أكد علاء عصام، أمين شباب إعلام حزب التجمع: إن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان يحاول هو ومن يعملون معه بالوكالة محاصرة الدولة المصرية، لكن القوات المسلحة لن تتأثر بما تفعله تركيا أو غيرها من الدول المعادية لمصر. فيما قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن الرئيس التركى أردوغان يقود مخططا لإحياء الدولة العثمانية القديمة، من خلال الاستيلاء على مناطق نفوذ فى شتى الدول العربية. وأضاف فهمي، أن الرئيس التركى خلال زيارته الأخيرة للمنطقة، استطاع التوسع فى جنوب مصر والسودان وبلاد المشرق وفلسطين، من خلال الاستيلاء على مناطق مؤثرة فيها، مبينا أن كل هذا يتم من خلال استخدام أدوات معنوية ومادية.
أكد الدكتور حمادة إسماعيل أستاذ الللغة التركية وآدابها بجامعة الأزهر، أن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان مشغول فى الآونة الأخيرة بالإسراع فى إحياء الإمبراطورية العثمانية لكن بشكل جديد من خلال إحياء التراث العثمانى ليس فى الداخل التركى فقط، ولكن فى كل الدول التى كانت تحت حكم الإمبراطورية العثمانية.
وأضاف أن أردوغان يحرص على اتباع هذه الاتفاقيات فى جيمع زياراته للدول التى كانت ضمن الإمبراطورية العثمانية، وأول شيء يضعه نصب أعينه أثناء زيارته لهذه الدول، ومنها العربية هى زيارة الأماكن التى ترمز للإمبراطورية الزائلة، بل يعمل على إعادة النسق العثمانى من جديد فى الترميم فقط من خلال استدعاء مهندسين معماريين أتراك للقيام بأعمال على نسق الإمبراطورية القديمة.
وأوضح إسماعيل أن التخطيط الأردوغانى لسرعة تنفيذ المحاولة هو تغيير للبرتوكول الرسمى للجمهورية التركية من خلال استبدال مراسم الاستقبال بالمراسم التى ترمز إلى الدول التركية القديمة وعلى رأسها العثمانية.
نهاية أردوغان
فيما أكد أحمد عز العرب، رئيس لجنة العلاقات للخارجية بحزب الوفد، أن محاولات أردوغان لإحياء ما أسماه الخلافة العثمانية من جديد ليست إلا شعارات جوفاء اعتمد عليها الرئيس التركى فى محاولة إظهار نفسه على أنه المدافع عن الإسلام والمسلمين، لافتا إلى أن كل تلك الشعارات مكانها مزابل التاريخ.
وأشار عز العرب إلى أنه لم ولن تحيا الخلافة العثمانية من جديد، وأن أردرغان ليس هو محمد على مؤسس مصر الحديثة، وأن أردوغان لن يكون وصيا على العرب والمسلمين نهائيا.
انتهاء معاهدة لوزان
من جانبه أكد الحاج وراق، رئيس تحرير جريدة «حريات» السودانية»، أن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان يسعى لإعادة أمجاد الدولة العثمانية، لافتًا إلى أن هناك احتمالا لإقامة قاعدة عسكرية بالقرب من مصر بتمويل قطري، الهدف منها الدفع بالأجندة الإخوانية فى المنطقة، وأن ما يدعم هذا الاحتمال هو تصريحات أردوغان حول اتفاقية الدفاع المشتركة، والأمور التى قال: إنه لن يعلن عنها. وأضاف أن «معاهدة لوزان» التى وقعت عام ١٩٢٣ بين تركيا ودول الحلفاء المنتصرة فى الحرب العالمية الأولى، تسببت فى تقليص مساحة الدولة العثمانية، وإلزامها بالتنازل عن مساحات كبيرة، كانت تتبع لها، كما منعت تركيا من التنقيب عن النفط، واعتبار مضيق البسفور الرابط بين البحر الأسود وبحر مرمرة، ثم إلى البحر المتوسط، ممرا دوليا لا يحق لتركيا تحصيل رسوم من السفن المارة فيه.
يشار إلى أنه بحلول ٢٠٢٣، تنتهى مدة المعاهدة، التى يكون قد مر عليها مائة عام، ولذا جاءت تحركات أردوغان الأخيرة فى المنطقة العربية، لأنه بعد انتهاء المعاهدة، ستتمكن تركيا من التنقيب عن النفط، وحفر قناة جديدة تربط بين البحرين الأسود ومرمرة، تمهيدا للبدء فى تحصيل الرسوم من السفن المارة.
وكانت معظم الدول العربية خاضعة لسيطرة الإمبراطورية العثمانية، منذ قيام «عثمان أرطغرل» بتأسيسها عام ١٢٩٩، حتى انهيارها عام ١٩٢٢.