عمر نور الدين
مرت الأيام ثقيلة على تركيا بعد الانتخابات البرلمانية التي شهدتها في السابع من يونيو/ حزيران الماضي.. وازدادت وطأتها ثقلا خلال الشهر الأخير وتصاعدت سخونة الأحداث لتفوق موجات الحر التي تضرب البلاد. وتشكلت سحابة سوداء تعيد إلى الأذهان سنوات التسعينيات وما أعقبها، تراق فيها دماء الأبرياء وتذرف فيها الدموع على الضحايا ويهتز الاستقرار وتتسع فيها دوامة الإرهاب.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]ما يحدث في تركيا اليوم، هو تلخيص لذهنية البعض ممن أغرقوا الشعوب في خيالات الديمقراطية والحديث عن إرادة الأمة واحترام كلمة الشعب والاحتكام إلى صناديق الانتخابات، لكنهم ينقلبون سريعا إذا وجدوا أن كل ذلك لايقود إلى تحقيق أهدافهم وضمان استمرار مصالحهم.. وهنا لايتورعون عن التضحية بالوطن من أجل رغباتهم، ليبقى هذا الوطن رهينة لأطماعهم.[/box][/one_third]كانت تركيا تخلصت على مدار أعوام من كل ذلك، وهبت عليها نسائم السلام، وكان يمكن أن تواصل مسيرتها على هذا النحو لولا أن هناك أناسا لهم أهواء ورغبات لا يعينهم من أمر الأوطان إلا السطوة والسلطان.
ربما تتباين الصور، وتختلف التفاصيل ومعالم الطرق التي يسكلها الطامعون في الحكم الاستبدادي والسلطة، لكنهم على استعداد دائم لفعل أي شئ من أجل تحقيق أهدافهم حتى لو كان الثمن هو دفع الأوطان إلى الهاوية وإلقائها في أتون الحروب.
ما يحدث في تركيا اليوم، هو تلخيص لذهنية البعض ممن أغرقوا الشعوب في خيالات الديمقراطية والحديث عن إرادة الأمة واحترام كلمة الشعب والاحتكام إلى صناديق الانتخابات، لكنهم ينقلبون سريعا إذا وجدوا أن كل ذلك لايقود إلى تحقيق أهدافهم وضمان استمرار مصالحهم.. وهنا لايتورعون عن التضحية بالوطن من أجل رغباتهم، ليبقى هذا الوطن رهينة لأطماعهم.
تدور منذ أسابيع مفاوضات لتشكيل الحكومة الائتلافية في تركيا، بعد الخسارة التي تكبدها حزب العدالة والتنمية في انتخابات السابع من يونيو، التي أغضبت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومن حوله، لكن أحد طرفي هذه المفاوضات يخوضها وهو يرى أن فرصة النجاح فيها تبدو ضئيلة جدا وأنه لن يتم في النهاية الوصول إلى تشكيل حكومة تحظى بالثبات والاستقرار لأن هناك من يرى أنها ضد رغبته، ومع ذلك فهو مستمر فيها.
وقد أعلن هذا صراحة، أكثر من مرة، حزب الشعب الجمهوري،، الذي أبدى مرونة كبيرة للتعامل مع الوضع السياسي الذي آلت إليه تركيا نتيجة الانتخابات البرلمانية الأخيرة، ولم يخش أن يقال إنه يشارك حزبا وصم بالفساد والرشوة، هو حزب العدالة والتنمية، في تشكيل حكومة.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]ربما تتباين الصور، وتختلف التفاصيل ومعالم الطرق التي يسكلها الطامعون في الحكم الاستبدادي والسلطة، لكنهم على استعداد دائم لفعل أي شئ من أجل تحقيق أهدافهم حتى لو كان الثمن هو دفع الأوطان إلى الهاوية وإلقائها في أتون الحروب.[/box][/one_third]فضل حزب الشعب الجمهوري أن يعلى من مصلحة الوطن وأن يبدى المرونة تجاه هذه الحالة الضبابية التي تمخضت عنها الانتخابات، وقبل المفاوضات مع حزب العدالة والتنمية في الوقت الذي رفض فيه الحزبان الآخران ، الحركة القومية والشعوب الديمقراطي، مثل هذه المغامرة، بل إن حزب الحركة القومية انضم منذ البداية إلى المعسكر نفسه الذي يقوده أردوغان والذي يطالب بانتخابات مبكرة، وكأن ما جرى من انتخابات في يونيو الماضي لايمكن التعويل عليه، أو اعتماده كآلية لتسيير المرحلة المقبلة.
وهنا يبدو موقف حزب الحركة القومية غريبا، كون هذا الحزب لن يتمكن عبر الانتخابات المبكرة من الانفراد بتشكيل الحكومة، وفي أفضل الأحوال لن يتمكن من أن يكون حزب المعارضة الرئيسي، لكنه يتفق في الهدف مع أردوغان الذي يرى ضرورة التخلص من حزب الشعوب الديمقراطي، الذي استطاع أن يتخطى الحاجز وأن يقفز فوق الحد النسبي للتمثيل في البرلمان حاصدا أكثر من 13% من أصوات الناخبين، فلابأس من إعادة المباراة فربما يأتي الفوز هدية من أقدام الآخرين.
إذن تدور في تركيا مفاوضات لتشكيل الحكومة لكن النوايا فيها متباينة ، وهناك من يبيت لإجهاضها لوضع البلاد أمام خيار وحيد هو الانتخابات المبكرة، لكن أسوأ ما ظهر في هذا السيناريو، هو الاتجاه إلى تحريك عوامل عدم الاستقرار واستعادة الآليات القديمة من عمليات إرهابية وأحداث عنف وحرب لن تنتهي بين الجيش التركي ومنظمة حزب العمال الكردستاني من جانب، ومع تنظيم إرهابي متعطش للدماء ويتغذى عليها مثل داعش، يحاربه تحالف دولي بقيادة أمريكا منذ أشهر دون تقدم يذكر، ليبدو أن هذا التنظيم جرى توظيفه من جانب بعض القوى لتحقيق أهداف معينة.. والأسوأ من كل هذا هو أن تركيا باتت وطنا تحاصره وتتحكم فيه رغبات شخص واحد.