إسطنبول (زمان عربي) – صعدت منظمة حزب العمال الكردستاني من وتيرة أعمالها الإرهابية بعدما وسّعت من نطاق نفوذها وسيطرتها عبر اقتناصها فرصة عملية السلام الداخلي التي أطلقتها معها الحكومة التركية قبل نحو عامين وتحويلها لصالحها لتعود أنباء استشهاد الجنود ورجال الشرطة التي توالت كثيرًا في الأيام القليلة الماضية عقب فترة طويلة من الهدوء تدمي قلوب الشعب التركي بجميع أطيافه وليس أمهات الشهداء فحسب.
ومع أن المجتمع التركي يبدي ردود فعل شديدة على حكومة حزب العدالة والتنمية أكثر من أي وقت مضى، إلا أن الأمر الذي يدعو إلى الدهشة والحيرة هو أن مناصري ومؤيدي الحزب يسعون إلى اختلاق “مجرمين” لتحميلهم مسؤولية ما يحدث عن طريق حملة تشويه ممنهجة. لكن إخفاقات الحكومة المشهودة في مكافحة الإرهاب بشتى أنواعه وسياساتها تجاه سوريا وصلت إلى حد بعيد بحيث لم يعد من السهل إخفاؤها. حيث تبين أن الحكومة قد شغلت في الفترة الأخيرة جدول أعمال مجلس الأمن القومي، الذي يعد أعلى آلية أمنية في البلاد، بسفسطة “الكيان الموازي”، للحيلولة دون تحقيقات الفساد التي تكشفت وقائعها في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2013.
ولعل تقارير المجلس قد كشفت عن مشهد يحمل في طياته الكثير من العبر والدروس للرأي العام في هذا الموضوع. إذ تذرعت الحكومة بذرائع أوهن من بيت العنكبوت ووضعت “الكيان الموازي” المزعوم على مدار عام ونصف العام على رأس قائمة الكيانات التي تهدّد الدولة.كما تم تجديد الوثيقة السياسية للأمن القومي (الكتاب الأحمر) وفق هذه الرؤية للحكومة.
وبينما حدث كل ذلك، أدلى الجنرال نجدت أوزيل رئيس هيئة الأركان العامة للجيش التركي، كما بينت التقارير الخاصة بمكافحة الإرهاب الانفصالي، بتصريحات حول عملية السلام مع الأكراد وقال: “نحن لا نعرف خارطة الطريق لمفاوضات السلام مع العمال الكردستاني، ولسنا طرفًا في هذه الأعمال”. كما لم يتم التطرق إلى عملية السلام في اجتماعات مجلس الأمن الوطني عقب الانتخابات البرلمانية التي أجريت في لسابع من يوينو/ حزيران الماضي.
أما تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي (داعش) فلم يذكر اسمه في تقارير الأمن القومي إلا ثلاث مرات فقط في تلك الفترة.
وكانت المادة الأولى من بيان مجلس الأمن القومي في 30 أكتوبر/ تشرين الأول 2014 لفتت إلى ضرورة “مكافحة الكيانات الموازية والتشكيلات غير القانونية التي تظهر في صورة منظمات قانونية والتي تمارس أنشطة غير قانونية بالداخل والخارج، والتي تهدد أمننا القومي والنظام العام”.
والمتأمل في الفقرة السابقة يجد أن المجلس وضع كل المجموعات الدينية العاملة في تركيا ضمن الكيانات التي تهدد أمن الدولة بعبارة “التشكيلات غير القانونية التي تبدو وكأنها قانونية”. وفي تلك الفترة، كانت أحداث كوباني (عين العرب) تعصف بالبلاد، واستشهد بعض الجنود ورجال الشرطة على يد العمال الكردستاني في الشوارع في وضح النهار. كما تم إدراج اسم (داعش) للمرة الأولى كمنظمة إرهابية في بيان وتقرير مجلس الأمن بالقول “مكافحة داعش في العراق وسوريا والمنظمات الإرهابية الأخرى”.