دبي 28 يوليو تموز (رويترز) – أصبحت دولة الإمارات العربية
المتحدة أول بلد في منطقة الخليج يتخذ خطوة رئيسية صوب ترويض عادات
سائقي السيارات الذين يسرفون في استخدام الوقود ويعتقدون أن الوقود
الرخيص حق مكتسب لهم.
وقالت دولة الإمارات إنها سترتفع الأسعار المحلية للبنزين
وتخفض أسعار الديزل في إصلاح حساس سياسيا يهدف إلى توفير أموال
ويشجع على زيادة كفاءة استخدام الوقود.
وأبقى الدعم الحكومي أسعار الوقود المحلية عند بعض من أدنى
المستويات في العالم في إطار حزم الرفاه الاجتماعي التي توفرها
حكومات الخليج للحفاظ على الاستقرار الاجتماعي.
وأدى ذلك إلى تفضيل السيارات الرياضية الكبيرة وزادت أعباء
تكلفة الدعم على الحكومات منذ تراجع إيرادات صادرات الطاقة بعد
هبوط أسعار النفط العالمية العام الماضي.
ويتوقع صندوق النقد الدولي أن تسجل دولة الإمارات أول عجز
للمالية العامة منذ عام 2009 هذا العام وأن تنفق البلاد سبعة
مليارات دولار سنويا على دعم المنتجات النفطية.
ولذا قالت الإمارات هذا الشهر إنها ستستبدل نظام الأسعار
الثابتة المدعمة للوقود بنظام جديد لأسعار تعدل شهريا بناء على
الإتجاهات العالمية. ولم تفصح عن تفاصيل بشأن النظام الجديد أو
تذكر ما إذا كانت ستلغي الدعم بالكامل أم لا لكنها أعلنت أن
الأسعار ستحدد بناء على متوسط الأسعار العالمية مع إضافة نفقات
التشغيل.
وقالت وكالة أنباء الإمارات الرسمية (وام) اليوم الثلاثاء إن
سعر اللتر من بنزين 95 أوكتين سيرتفع 24 في المئة إلى 2.14 درهم
(58 سنتا) من بداية أغسطس آب وسينخفض سعر لتر الديزل 29 في المئة
إلى 2.05 درهم.
وتشير تلك التغييرات متوسطة الحجم إلى أن تأثيرها الفوري على
الاستهلاك المحلي سيكون قليلا. وزاد الطلب في الإمارات بأكثر من
مثليه منذ عام 2009 إلى نحو 400 ألف برميل يوميا العام الماضي بحسب
مبادرة البيانات النفطية المشتركة التي تقوم بتجميع البيانات من
الحكومات في أرجاء العالم.
وقال محللون إنه من المستبعد أن تترك التغييرات أثرا كبيرا على
التضخم أو النمو الاقتصادي في الإمارات لأن انخفاض أسعار الديزل
سيبطل أثر ارتفاع تكلفة البنزين.
لكن يبدو أن النظام الجديد سيمهد الطريق صوب زيادة كبيرة في
أسعار الوقود في المستقبل إذا بدأ خام القياس العالمي مزيج برنت –
وهو الآن دون 53 دولارا للبرميل قرب أدنى مستوياته في ست سنوات –
يتعافى في نهاية المطاف.
وقال وزير الطاقة الإماراتي سهيل بن محمد المزروعي الأسبوع
الماضي إن النظام الجديد سيساعد على خفض استهلاك الوقود ويحافظ على
الموارد الطبيعية للأجيال القادمة وسيشجع أيضا الأفراد على استخدام
سيارات موفرة للوقود بما في ذلك السيارات الكهربائية والهجين.
وسيضع الإصلاح دولة الإمارات في طليعة الدول الخليجية التي
تمضي قدما في إصلاحات لتقليص الإنفاق وجمع إيرادات جديدة في حقبة
هبوط النفط. ورفعت إمارة أبوظبي أسعار الكهرباء والماء في يناير
كانون الثاني.
والسؤال الكبير الذي يشغل أسواق النفط العالمية هو هل من
المحتمل أن تحذو اقتصادات خليجية أخرى غنية الآن حذو النموذج
الإماراتي وبصفة خاصة السعودية الأكبر حجما بكثير حيث يزيد
الاستهلاك المحلي للنفط خمس مرات عن مثيله في الإمارات ويبلع سعر
البنزين نحو 15 سنتا فقط للتر بحسب جلوبال بترول برايسيس دوت كوم.
وقالت وكالة فيتش للتصنيف الإئتماني في تقرير “إلغاء دعم وقود
النقل في دولة الإمارات ربما يضع سابقة إيجابية أمام اقتصادات أخرى
في المنطقة ومن بينها تلك التي تعاني ماليتها العامة من مزيد من
الضغوط.”
ولا يوجد ما يشير حتى الآن إلى أن السعودية ستتخذ خطوة مماثلة.
ورغم دعوة مسؤولين كبار في المملكة ومن بينهم محافظ البنك المركزي
لإصلاح دعم الطاقة إلا أن جزءا كبيرا من المواطنين السعوديين من
ذوي الدخل المنخفض على عكس مواطني الإمارات. وربما يجعل ذلك رفع
أسعار الوقود أكثر صعوبة من الناحية السياسية.
ورغم ذلك ربما تتشجع بعض الدول الخليجية الأصغر حجما للمضي
قدما في هذا الطريق. فقامت الكويت برفع أسعار الديزل والكيروسين
المحلية في يناير كانون الثاني رغم أنها خفضت تلك الزيادات جزئيا
بعد أسابيع قليلة في أعقاب انتقادات من جانب أعضاء في البرلمان.
ويراجع المسؤولون الآن مجموعة من صنوف الدعم تتضمن دعم البنزين
ونقلت صحيفة النهار الكويتية عن مصادر حكومية لم تسمها قولها هذا
الأسبوع إن وزارة المالية اقترحت زيادة أسعار البنزين بنحو 50 في
المئة بحلول أبريل نيسان القادم. ولم يتسن الحصول على تعليق من
مسؤولين في الوزارة.
ولا تبدو قطر الغنية جدا بالغاز تواجه ضغوطا كبيرة للترشيد لكن
سلطنة عمان والبحرين الأضعف ماليا بين مصدري النفط الخليجيين
الأغنياء ربما تجريان إصلاحات وشيكة.
وتدرس عمان إمكانية خفض الدعم على البنزين بعدما خفضت دعم
الغاز الطبيعي الذي تستخدمه المصانع في يناير كانون الثاني.
ورفعت البحرين أيضا أسعار الغاز الطبيعي المستخدم في الصناعة
وتتطلع إلى تخفيضات أخرى للدعم رغم تأخر تنفيذ الإجراءات نظرا
لاعتراض البرلمان على التغييرات وإصراره على أن يكون له تأثير أكبر
في العملية.
(إعداد علاء رشدي للنشرة العربية – تحرير محمد عبد العال)