اسطنبول /واشنطن 27 يوليو تموز (رويترز) – تعمل تركيا
والولايات المتحدة على وضع خطط لتوفير غطاء جوي لمقاتلي المعارضة
السورية والتعاون في إخراج مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية من شريط
من الأرض على امتداد الحدود التركية وذلك لتعزيز أمن أنقرة عضو حلف
شمال الأطلسي وتوفير ملاذ آمن للمدنيين.
ولفترة طويلة شاركت تركيا على استحياء في التحالف الذي تقوده
الولايات المتحدة ضد الدولة الإسلامية لكنها في الأسبوع الماضي
أجرت تغييرا جذريا حين سمحت للتحالف باستخدام قواعدها الجوية وقصفت
أهدافا في سوريا مرتبطة بالتنظيم المتشدد.
وتستضيف تركيا اكثر من 1.8 مليون لاجئ سوري وتدعو منذ فترة
طويلة الى إقامة “منطقة حظر طيران” في شمال سوريا لابعاد تنظيم
الدولة الإسلامية والمسلحين الأكراد عن حدودها وللمساعدة في وقف
تدفق اللاجئين الذين يحاولون العبور اليها.
ولم يتم الاعلان عن ترتيبات رسمية بهذا الشأن مع واشنطن لكن
رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو قال اليوم الاثنين إن أنقرة
وواشنطن متفقتان على الحاجة إلى توفير غطاء جوي للمعارضة السورية
المعتدلة في قتالها ضد الدولة الإسلامية.
وقال داود اوغلو لقناة (ايه.تي.في) التركية في مقابلة أذيعت
على الهواء مباشرة “ما لدينا الآن هو غطاء جوي لإخلاء منطقة من
داعش (الدولة الإسلامية) ودعم المعارضة المعتدلة حتى تستطيع
السيطرة على تلك المنطقة.”
وأضاف “لا نريد أن نرى داعش على حدود تركيا.”
وفي واشنطن قال مسؤولون أمريكيون إن مناقشات تجري بشأن حجم
ونطاق منطقة آمنة على الحدود تخلى من مقاتلي الدولة الإسلامية
وتتيح لمسلحي المعارضة المعتدلة العمل بحرية.
وقال مسؤول كبير في إدارة الرئيس باراك أوباما وطلب عدم نشر
اسمه “الهدف هو إقامة منطقة خالية من تنظيم الدولة الإسلامية وضمان
المزيد من الأمن والاستقرار على حدود تركيا مع سوريا.”
واستبعد مسؤولون أمريكيون التعاون مع تركيا في إقامة منطقة حظر
جوي رسمية.
وسيعقد حلف شمال الأطلسي اجتماعا طارئا لمناقشة القضايا
الأمنية غدا الثلاثاء بناء على طلب تركيا. وقال شخصان مطلعان على
المناقشات إن من المتوقع أن تطلع أنقرة حلفاءها على الاجراءات التي
تتخذها ولكنها لم تطلب اي دعم بالطائرات أو القوات خلال الأعداد
للاجتماع.
وقال الامين العام لحلف الأطلسي ينس شتولتينبيرج لمحطة
(بي.بي.سي) “تركيا لديها جيش قوي للغاية وقوات امن قوية جدا لذا
فانه ليس هناك اي طلب بدعم عسكري اضافي من الحلف.”
أكراد سوريا “ليسوا هدفا”
وإلى جانب ضرباتها في سوريا شنت المقاتلات التركية غارات لليلة
الثانية على التوالي أمس الأحد استهدفت معسكرات للانفصاليين
الأكراد في العراق وذلك في اطار ما وصفه مسؤول كبير في الحكومة
بمعركة “شاملة ضد كل التنظيمات الإرهابية”.
وأثار تجديد الحملة العسكرية على حزب العمال الكردستاني الذي
يخوض منذ 30 عاما تمردا ضد الدولة التركية ينطلق جزئيا من معسكرات
في شمال العراق شكوكا في أن هدف تركيا الحقيقي هو كبح جماح
الطموحات الإقليمية للأكراد وليس قتال الدولة الإسلامية.
وتخشى تركيا أن تؤدي المكاسب التي حققتها وحدات حماية الشعب
الكردية في سوريا بمساعدة قصف جوي من التحالف الذي تقوده الولايات
المتحدة إلى تشجيع النزعة الانفصالية بين الأكراد الأتراك وتقوية
شوكة حزب العمال الكردستاني.
ويقول الأكراد الأتراك إن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يسعى
أيضا من خلال تجديد الصراع المفتوح مع حزب العمال الكردستاني إلى
تقويض التأييد للمعارضة المؤيدة للأكراد في الداخل قبل الانتخابات
المبكرة المحتملة عبر إثارة المشاعر القومية.
وفي إبراز للطريق المحفوف بالمخاطر الذي تسلكه أنقرة بينما
تقاتل تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والمقاتلين الأكراد في
العراق قالت وحدات حماية الشعب الكردية إن الجيش التركي قصف
مواقعها في قرية على مشارف بلدة جرابلس الحدودية التي تسيطر عليها
الدولة الإسلامية.
وأكد مسؤول تركي كبير أن الجيش رد على قصف تعرض له عبر الحدود
في وقت متأخر أمس الأحد لكنه قال إنه لم يتضح اي الجماعات هي التي
قصفت تركيا مشددا على أن الجيش التركي لا يستهدف وحدات حماية
الشعب.
وقال المسؤول التركي منوها عن أن أنقرة تجري تحقيقا بشأن
اتهامات وحدات حماية الشعب لها “العملية العسكرية الحالية تستهدف
تحييد التهديدات الوشيكة للأمن القومي التركي ومستمرة في استهداف
الدولة الإسلامية في سوريا وحزب العمال الكردستاني في العراق.”
وأضاف “حزب الاتحاد الديمقراطي (الجناح السياسي لوحدات حماية
الشعب الكردية في سوريا) وآخرون ما زالوا خارج نطاق الجهد العسكري
الحالي.”
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان والمتحدث باسم وحدات حماية
الشعب ريدور خليل إن الوحدات حققت مكاسب جديدة اليوم الاثنين ضد
الدولة الإسلامية في شمال سوريا عندما استولت على بلدة قرب نهر
الفرات بعد هجوم استمر شهرا استهدف قطع خطوط إمدادات التنظيم
المتشدد.
اعتقال المئات
ظهر الجناح المسلح لحزب الاتحاد الديمقراطي بوصفه الشريك
الوحيد الذي يمكن الاعتماد عليه على الأرض حتى الآن للتحالف الذي
تقوده الولايات المتحدة في قتاله ضد تنظيم الدولة الإسلامية في
شمال سوريا.
لكن هذه الجماعة الكردية تربطها صلات بحزب العمال الكردستاني
الذي تعتبره تركيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة منظمة
إرهابية. ويشترك الحزبان ليس في الأفكار فحسب بل في المقاتلين أيضا
إذ يجذب حزب العمال الكردستاني أكرادا سوريين إلى معسكراته في شمال
العراق وأكرادا أتراك من أعضاء حزب الاتحاد الديمقراطي.
وأتاح ذلك وصول واشنطن وأنقرة إلى حل وسط .
ونقلت صحيفة حريت عن رئيس الوزراء التركي قوله اليوم الاثنين
إن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري يمكن “أن يكون له مكان في
سوريا الجديدة” إذا لم يسبب قلقا لتركيا وإذا قام بقطع كل علاقاته
مع إدارة الرئيس السوري بشار الأسد وتعاون مع قوى المعارضة.
وأكدت واشنطن مرارا تصنيفها لحزب العمال الكردستاني على أنه
تنظيم إرهابي وشددت على أنها تحترم حق تركيا في اتخاذ إجراءات ضد
الجماعة المتشددة.
وقال إردوغان يوم الجمعة الماضي إن عمليات تركيا ضد المتشددين
من الإسلاميين والأكراد واليساريين ستستمر محذرا من أن جميع
المنظمات “الإرهابية” ستواجه العواقب إذا لم تلق أسلحتها.
وتأتي خطوات تركيا ضد حزب العمال الكردستاني على الرغم من
مفاوضات السلام التي أطلقتها عام 2012 لإنهاء تمرد أسقط 40 ألف
قتيل منذ عام 1984.
وأعلن الحزب الكردي أن هذه الخطوات أفرغت عملية السلام من
مضمونها.
وقال داود اوغلو إن قوات الأمن التركية ألقت القبض على 1050
مشتبها بانتمائهم لتنظيم الدولة الاسلامية والانفصاليين الأكراد
واليساريين المتطرفين في الأيام القليلة الماضية مضيفا أن ما بين
50 و60 منهم من الأجانب. وقالت وسائل إعلام محلية إن الأغلبية
العظمى منهم من الأكراد واليساريين وليس من أعضاء الدولة
الإسلامية.
(إعداد دينا عادل للنشرة العربية – تحرير حسن عمار)