نازلي إيليجاك، جريدة بوجون
زمان عربي – هل أنتم مدركون أن تركيا تحكمها حاليًا حكومة مستقيلة لم يجدد البرلمان الثقة بها؟ فالسياسيون الذين لا يتمتعون بأي دعم برلماني يوشكون على زجِّ تركيا في حرب ضروس؛ إذ إنهم يقدمون على تنفيذ إجراءات ستضع مستقبل تركيا رهن المخاطر.
في البداية أقلعت ثلاث طائرات مقاتلة من طراز إف – 16 تابعة لسلاح الجوي التركي من قاعدة جوية في محافظة ديار بكر الواقعة جنوب شرقي البلاد، ثم قصفت ثلاثة مواقع مختلفة تابعة لتنظيم “داعش” الإرهابي داخل الأراضي السورية، ودمرت مقرَّيْن ونقطة تجمع تابعة للتنظيم في منطقة باب الهوى المقابلة لمدينة كيليس التركية، وهناك ادعاءات بمقتل 35 شخصًا خلال هذه العملية.
وفي العملية الجوية الثانية، حلّقت طائرات مقاتلة من أسطول “بارس”، واستهدفت هذه المرة أهدافًا تابعة لتنظيم “داعش” مرة ثانية ومعسكرات تابعة لتنظيم حزب العمال الكردستاني في بعض المدن الشمالية في العراق.
يتحدث البعض عن أن السياسيين الأتراك يناقشون كذلك احتمالية تنفيذ هجوم بري، فتركيا تواجه خطرًا كبيرًا للغاية، ولديَّ اعتقاد شخصي بأن الحكومة التي يدعمها الرئيس رجب طيب أردوغان لن تتخذ قرارًا يصب في مصلحة الوطن؛ إذ إنني على يقين من أنهم يخططون لكل شيء وفق حساباتهم السياسية سواء كانت صحيحة أم خاطئة، لكن ما اتخذته هذه الحكومة من قرارات سابقة تَحُول دون أن أثق بإخلاصها لهذا الوطن.
تتغير السياسيات في تركيا 180 درجة بين ليلة وضحاها. فلماذا لم تشن السلطات الأمنية حملات ضد عناصر داعش إلى يومنا حتى يعتقلوا 297 شخصًا في 16 محافظة في ليلة واحدة؟ هل كان يجب أن ننتظر حتى تقع مذبحة سوروج ليقدموا على هذه الخطوة؟ أم كان يجب أن يسقط ضابط بالجيش شهيدًا على يد عناصر “داعش” التي كانت تعبر الحدود التركية – السورية بسهولة دونما تجد مانعاً عسكرياً حتى تُشن هذه الحملات؟
كيف قُوّضت في لحظة واحدة مفاوضات السلام التي كانت تديرها الحكومة مع الأكراد منذ عام 2011؟ وماذا عن الحجج التي ساقوها من أجل إقرار السلام؟ فلو كان مقتل شرطيين في قضاء جيلانبينار التابع لمحافظة شانلي أورفا على يد عناصر تابعة لحزب العمال الكردستاني حجة، فليس هذا سببًا كافيًا، فقد وقع هذا النوع من الأحداث المنفردة قبل ذلك، لكن من الواضح أن الهدف هو الإضرار بصورة حزب الشعوب الديمقراطي لدى الرأي العام. ولا بد أن أردوغان يفكر على النحو التالي: “مفاوضات السلام صبت في مصلحة حزب الشعوب الديمقراطي لدرجة أنه استطاع اجتياز العتبة الانتخابية لدخول البرلمان”، وهذا ما دفعه للإقدام على حملة كهذه. هل يريد أردوغان حقًا إنقاذ تركيا من الإرهاب؟ من يصدق ذلك؟!
لا بد أن يكون أردوغان يفكر في أنه لو انتشرت أحداث العنف التي ترتكبها عناصر حزب العمال الكردستاني في تركيا سيكون باستطاعته الحيلولة دون اجتياز حزب الشعوب الديمقراطي العتبة الانتخابية في الانتخابات البرلمانية المبكرة المقبلة؛ إذ لو فشل الحزب في اجتياز هذه العتبة سيكون بإمكان حزب العدالة والتنمية تشكيل الحكومة بمفرده هذه المرة.
جريدة بوجون 26/7/2015