لاله كمال
كلما أحرز اتفاق إيران مع الدول الكبرى حول منع تطوير سلاحها النووي تقدما في التنفيذ أرض الواقع سيكون من الممكن مشاهدة ظهور تطورات إيجابية في المنطقة.ذلك لأن إيران ستسعى لتكون دولة لا تقدم الدعم للمجموعات الإرهابية من أجل تحقيق أهدافها السياسية، بل تكافح هذه المجموعات إلى جانب حلفائها الجدد من الدول الغربية التي تصالحهم هذه الأيام. وقد تفرض سيطرتها على المجموعات التي تدعمها من أمثال حزب الله حتى تحثها على الاعتدال لتأمين الاستقرار في لبنان، كما أنها قد تلعب دورا مهما في القضاء على داعش في سوريا والعراق يجبر السعودية على التغيير.
قد تم التوقيع في فيينا على الاتفاق التاريخي بين إيران من جهة وبين الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وألمانيا من جهة أخرى، وذلك بهدف منع إيران من تطوير سلاحها النووي بعد مباحثات استمرت طوال عامين.
وتنص الاتفاقية على رفع العقوبات التجارية وحظر السلاح عن إيران مقابل حدها من نشاطها النووي. وهي اتفاقية ذات أهداف سلمية أي أنها تسمح لإيران بالاستمرار ببرنامجها النووي الهادف إلى إنتاج الطاقة.
فإيران تعاني من حظر السلاح منذ 36 عاما أي بعد قيام الثورة الإيرانية سنة 1979. وقد ازداد الحظر بعد 2006 حين رفضت إيران التخلي عن تخصيب اليورانيوم الذي يُخشى أن تستخدمه في تطوير السلاح النووي.
وكنتيجة لتخلي إيران عن تطوير السلاح النووي فسوف يزول خطر تنافس دول المنطقة -بما فيها تركيا- على التسلح النووي.
وكيف ستتأثر تركيا بتصالح جارتها إيران مع الغرب، وبتحالفها الذي قد يستمر لسنوات مع أمريكا في المنطقة؟
إن عزلة تركيا ستزداد أكثر حال استمرار الحكومة الحالية المؤقتة بسياسة العدالة والتنمية التي انتهجها في السنوات الخمس أو الست الأخيرة من عهدها الذي استمر 13 عاما حيث أصبحت الحكومة داعمة لبعض الأطراف في النزاعات والحروب المذهبية التي تدور في المنطقة.
وكم هو مخز أن تكون تركيا العضو القديم في حلف الناتو تسوء علاقاتها بالغرب، في حين تزداد إيران قربا إليه.
وكما أن الحكومة التركية انتهكت دولة القانون في الداخل، فقد خلطت في الوقت نفسه بين الواقع والخيال في السياسة الخارجية.
وعندما كان داوداوغلو وزيرا للخارجية وقعت تركيا وإيران والبرازيل على اتفاقية ظنت أنها ستجعل إيران تصرف النظر عن برنامجها لتخصيب اليورانيوم. ولم تعترف الدول الغربية بتلك الاتفاقية ونجحت إيران بدهائها في استغلال أنقرة واستفادت من عضوية تركيا في حلف الناتو.
أشار نائب الحزب الجمهوري الأسبق الدبلوماسي عثمان كوروتورك، في حديثه لجريدة” زمان”، إلى ضرورة العودة لنقطة البداية معربا عن أن حزب العدالة والتنمية اتبع سياسة متزنة وواقعية جدا في سنواته الأولى في الحكومة، إلا أنه انتهج سياسة وخيمة في مراحله الأخيرة.
تركيا خسرت الكثير من هيبتها ليس في الغرب فحسب بل في الشرق الأوسط أيضا. ولذلك لن تستطيع الاستفادة من النعمة الجغرافية التي منَّ الله بها عليها، علما بأن العامل الإيراني يفرض عليها تحديد موقفها في السياسة الخارجية.