إسطنبول (زمان عربي) – أقدمت صحيفة” ستار” إحدى الصحف التي يسيطر عليها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحكومة حزب العدالة والتنمية على تحريف خبر نشرته على صدر صفحاتها أمس وزعمت فيه أنه يتم التخطيط لأعمال احتجاجيّة جديدة في تركيا على غرار أحداث حديقة “جيزي بارك” عبر استغلال ما يتعرض له الأتراك الأويغور في إقليم شينجيانج (تركستان الشرقية) في الصين.
وكشفت سعادت أوروتش محررة الخبر الأصلي عن التحريف الذي قامت به الصحيفة والذي وصفته بأنه يتعدى حدود المنطق. وأوضحت، عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، أن النقاط المشار إليها في الخبر لإيجاد صلة بين ما يحدث للأتراك الأويغور وأحداث حديقة “جيزي بارك” التي اندلعت في ميدان تقسيم وسط إسطنبول عام 2013 لم تكتبها على الإطلاق في خبرها، لافتة إلى أنها رأت الخبر بهذا الشكل يوم نشره متهمة إدارة الصحيفة التي تعمل فيها بتحريف خبرها.
وكتبت أوروتش في تويتر: “عقب الكم الهائل من الإساءات التي وجهت إليّ من فئات مختلفة أمس رأيت ضرورة الكتابة لتوضيح هذا الأمر. إن الصلة التي تُعقد بين ما يحدث في تركستان الشرقية حالياً وأحداث حديقة “جيزي بارك” سابقاً، في الخبر الذي نشرته الصحيفة أمس، والذي يحمل توقيعي أنا، لا تعود إليّ أبداً، وإنما خبري كان يركّز على “تطوّرات من الممكن أن تؤثر سلباً على الزيارة المرتقبة للرئيس رجب طيب أردوغان إلى الصين”.
وكان الخبر الذي حمل عنوان “مؤامرة جيزي بارك جديدة عبر الأوريغور”، بتوقيع أوروتش التي نفت صحتها واتهمت صحيفتها، يزعم أن الاعتداءات التي حدثت في تركيا أثناء المظاهرات الاحتجاجية على الحكومة الصينية بسبب ما يتعرض له الأتراك الأويغور ما هي إلا بروفة وتمهيد لتكرار وإعادة أعمال جيزي بارك التي اندلعت في إسطنبول عام 2013.
كما ورد في الخبر: “اندلعت أعمال وحركات استفزازية في البلاد بالتزامن مع إقدام مواقع التواصل الاجتماعي والصحف ووسائل الإعلام على نشر أخبار بصورة مبالغ فيها عن أعمال القمع التي تمارسها السلطات الصينية بحق المسلمين الذين يعيشون في منطقة تركستان الشرقية”، على حد تعبير الصحيفة.
إعلام أردوغان يحرّض ثم يصف ما حدث بأعمال استفزازيّة
كانت وسائل الإعلام الموالية للحكومة والرئيس أردوغان هي التي تنشر أخباراً وصوراً استفزازية عما يتعرض له الأتراك الأوريغور، ثم حدث تحوّل بـ180 درجة في موقفها. وتبين أن سبب هذا التحول هو ما جاء في التصريحات الرسمية بشأن زيارة أردوغان للصين. إذ أوضح مسؤولو رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء أن الاتفاقيات الثنائية المزمع إبرامها بين تركيا والصين مهمّة للغاية، وأن الرئيس أردوغان سيتناول في زيارته للصين أعمال قمة دول العشرين (G20)، وأن بنك الصين للاستثمار والصناعة قدم استثمارات في تركيا بنحو 700 مليون دولار، وأن المفاوضات مع الصين بشأن عطاء منظومة الدفاع الصاروخيّة لا تزال مستمرة.
وعلى الرغم من ظهور عدم صحة المزاعم الواردة حول “حظر العبادة” على الأتراك الأويغور، إلا أن الصحف المقربة من حكومة العدالة والتنمية استمرت في ترويج ادعاءات حول عدم السماح للمسلمين في الصين بأداء فريضة الصوم وإرغامهم على شرب الخمر. كل هذه الأمور أفضت إلى قيام المواطنين الأتراك لاسيما القوميين بتنظيم وقفات احتجاجيّة، بل والاعتداء على المطاعم الصينية وقنصلية وسفارة الصين، وكذلك السياح الذين ظنوا أنهم صينيون والذين تبين لاحقًا أن غالبيتهم من الكوريين.
ولم تأتِ تصريحات الرئيس رجب طيب أردوغان بـ”أن ادعاءات حظر العبادة في الصين كاذبة” إلا بعد مرور أسبوعين على بدء هذه الاعتداءات في تركيا التي استهدفت الصينيين والمؤسسات المرتبطة بالصين. ثم تغيّر تبعاً لذلك موقف الإعلام الموالي لأردوغان 180 درجة.
وبعد أن صرّح أردوغان بأن “الاحتجاجات التي اندلعت قبيل زيارتي للصين تحمل دلالات عميقة” بدأ الإعلام الموالي له يصمّم نفسه مجدداً وفق هذه التصريحات وينشر أخباراً طبقاً لها.
وبنظرة إلى ممارسات الإعلام الموالي لأردوغان يتبين أن هذا الإعلام هو من حرّض واستفزّ المحتجين ضد الصين عبر أخباره على مدار أسبوعين، أي حتى تصريحات أردوغان المذكورة، ومن ثم زعم بوجود “مؤامرة ومكائد” لإعادة أحداث جيزي بارك، وبذلك يكون قد اتهم نفسه بالتآمر على تركيا.