محمد كاميش
كانت مواقع الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي تداولت قبل خمسة أيام من إجراء الانتخابات المحليّة في تركيا في 30 مارس/ آذار من عام 2014 تسجيلات يتحدث فيها عدد من المسؤولين رفيعي المستوى بالدولة في غرفة” محمية” ضد عمليات التنصت بوزارة الخارجية عن عملية عسكريّة محتملة ضد سوريا.
والمسؤولون الأربعة الذين شاركوا في هذا الاجتماع هم وزير الخارجية آنذاك أحمد داوداوغلو، ونائب رئيس هيئة الأركان العامة للجيش التركي يشار جولر، ورئيس[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]إن الرموز الكبيرة في هذا الحزب الحاكم، الذين يعرفون أنفسهم بأنهم مسلمون وإسلاميون، ويزعمون أنهم يمارسون العمل السياسي وفق المبادئ الإسلامية، لا يتورعون منذ عامين عن ترويج هذه الافتراءات لمرات عديدة ضد حركة الخدمة. لقد جالوا وصالوا في كل الميادين، وانتهزوا كل الفرص وخرجوا على القنوات وزعموا “أن الفلانيين هم من فعلوا ذلك، وعندنا وثائق وأدلة تثبت هذا”. إلا أنهم لم يستطيعوا تقديم أية أدلة حتى اللحظة.[/box][/one_third] المخابرات التركية خاقان فيدان، ومستشار وزارة الخارجية لشؤون الشرق الأوسط فريدون سينيرلي أوغلو.
وكان جميع مسؤولي حكومة حزب العدالة والتنمية يتسابقون كلما وجدوا فرصة سانحة، سواء في اللقاءات الجماهيرية أو الحوارات التليفزيوينة، لإعلان أن حركة الخدمة هي التي تنصتت على هؤلاء المسؤولين وسربت هذه التسجيلات إلى وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، مع التغاضي تماماً عن مضمون الحديث الدائر بينهم في أثناء الاجتماع، زاعمين أن هذه الواقعة وحدها تشكّل دليلا قاطعًا على عمل هذه الحركة ضد الدولة.
وأكثر من ذلك، أكّد هؤلاء المسؤولون، مراراً وتكراراً، بصوت عالٍ وعلى مرأى ومسمع من الجميع، أن لديهم أدلة ووثائق تبرهن على أن حركة الخدمة هي التي سرّبت مكالمات المسؤولين المشاركين في الاجتماع، مشدّدين على أنهم سيعلنون عما قريب عنها للرأي العام.
وتحوّلت هذه الحادثة إلى أداة في أيدي مسؤولي الحكومة يوظّفونها خلال خطاباتهم في الميادين في الوقت الذي كانوا يستعدون لخوض الانتخابات المحليّة. ومع أنهم ردّدوا ليل نهار عبر منصات انتخابيّة ذات مكبرات الصوت أن “حركة الخدمة هي من سرّبت وهي من فعلت ذلك”، إلا أن ما يدعو للدهشة هو أنه لم يتطرق أحد إلى مضمون المحادثات الواردة في تلك التسجيلات.
كما أن أحدا لم يحاسب ولم يسائل هؤلاء المسؤولين الذين يتقلدون مناصب حسّاسة في الدولة على عجزهم وفشلهم الذريع في منع حدوث التنصّت عليهم مع أن الاجتماع عقد في غرفة محمية ضد أية عملية تنصت محتملة.
أطلقوا العنان للافتراءات على مدار 15 شهراً وعجزوا عن تقديم أي أدلة!
على الرغم من مرور أكثر من 15 شهرًا، إلا أن مسؤولي الحكومة لم يستطيعوا تقديم أية أدلة على ما زعموه. ومع ذلك، فإنهم قدموا وسوّقوا فشلهم هذا كدليل على مظلوميتهم في الشارع. إلا أنه بعد مضيّ 15 شهرًا، نشرت مجلة فوكس الألمانية خبراً قالت فيه إن وكالة الأمن القومي الأمريكي هي من تنصتت على هذا الاجتماع وسرّبته. وهو الأمر الذي نسف مرة أخرى وبشكل كامل الاتهامات والافتراءات الموجهة ضد حركة الخدمة دون دليل أو وثيقة منذ عامين في كل مناسبة ومكان.. فقد انهارت مزاعم التنصّت والتجسّس على الدولة مرة أخرى، بعد انهيار نظيرتها من المزاعم الخاصة بقضية العثور على أجهزة تنصت في مكتب أردوغان بقرار البراءة الذي أصدرته المحكمة منذ أيام بحق المتهمين في إطارها.
إن الرموز الكبيرة في هذا الحزب الحاكم، الذين يعرفون أنفسهم بأنهم مسلمون وإسلاميون، ويزعمون أنهم يمارسون العمل السياسي وفق المبادئ الإسلامية، لا يتورعون منذ عامين عن ترويج هذه الافتراءات لمرات عديدة ضد حركة الخدمة. لقد جالوا وصالوا في كل الميادين، وانتهزوا كل الفرص وخرجوا على القنوات وزعموا “أن الفلانيين هم من فعلوا ذلك، وعندنا وثائق وأدلة تثبت هذا”. إلا أنهم لم يستطيعوا تقديم أية أدلة حتى اللحظة.
والآن تذكروا ما قيل عن القضاة المسجونين حالياً لأنهم حكموا بإخلاء سبيل المدير العام لقناة “سامان يولو” هدايت كاراجا ورجالِ الأمن المعتقلين بعد كشفهم عن فضائح[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]لقد افتريتم على الأبرياء دون أي دليل، وكذبتم على الرأي العام، وأقدمتم على حرب نفسية لاختراق الأذهان والاستحواذ على العقول سعياً لإلصاق جرائم بهؤلاء الناس وهم بعيدون كل البعد عن ذلك. والآن نسألكم.. أرأيتم هل يجوز سياسيًّا الكذب على أناس أبرياء؟ هل يجوز سياسيًّا إطلاق العنان للافتراءات على الآخرين؟ هل يجوز سياسيًّا إلصاق التهم بالأبرياء دون تقديم سند أو دليل؟ [/box][/one_third] الفساد الكبرى التي طالت رموزاً كبيرة من حكومة العدالة والتنمية والمقربين من أردوغان، على الرغم من أن جميع القوانين السارية في البلاد تستوجب إطلاق سراحهم. إذ كان رئيس الوزراء أحمد داوداوغلو زعم في الميادين الانتخابية “أن هؤلاء القضاة تلقوا تعليمات من بنسلفانيا – في إشارة للأستاذ فتح الله كولن المقيم في ولاية بنسلفانيا الأمريكية – فقضوا بالإفراج عنهم، ولدينا وثائق وأدلة تثب صحة ما نقول وسنعلن عنها عما قريب”. وبعد مضي وقت طويل على هذه التصريحات، لم يقدّم حتى دليلاً واحداً يثبت صحة مزاعمه تلك.
هل يمكن لرئيس حزب يدعي أنه إسلامي أن يفتري على الآخرين؟
لقد افتريتم على الأبرياء دون أي دليل، وكذبتم على الرأي العام، وأقدمتم على حرب نفسية لاختراق الأذهان والاستحواذ على العقول سعياً لإلصاق جرائم بهؤلاء الناس وهم بعيدون كل البعد عن ذلك. والآن نسألكم.. أرأيتم هل يجوز سياسيًّا الكذب على أناس أبرياء؟ هل يجوز سياسيًّا إطلاق العنان للافتراءات على الآخرين؟ هل يجوز سياسيًّا إلصاق التهم بالأبرياء دون تقديم سند أو دليل؟ هل يليق بالإنسان أن يوجه كل أنواع الإهانات والأكاذيب والافتراءات ضد أناس يراهم معارضين، ويمارسَ أسوأ أنواع الاغتيال المعنوي ضد شخصيات من خلال عملية مظلمة لتشكيل الإدراك؟
فقد كشفت مجلة فوكس الألمانية عن الجهة التي قامت بالتنصت والتجسس على مكالمة المسؤولين الأتراك سالفة الذكر، وإذا كان لديكم أي اعتراض على ما كتبته فتفضلوا وأعلنوا عنه مع أدلته. وإن كانت لديكم وثائق مختلفة، كما زعمتم قبل 15 شهراً، فنطالبكم بإزاحة الستار عنها حتى يراها كل العالم.
وأظنّ أنكم تعلمون جيداً بأي وصف سيسجلكم ويذكركم التاريخ إن لم تفعلوا ذلك. لكن الأمر الذي يحزّ في نفسي ويثير فضولي هو ردكم على هذا السؤال: متى فقدتم ضمائركم إلى هذا الحد؟