فيينا 6 يوليو تموز (رويترز) – الدفاع عن الخصم مدعاة للحرج.
غير أن هذا هو الموقف الذي وجدت إدارة الرئيس الأمريكي باراك
أوباما نفسها فيه مع ايران وهي تسعى سعيا دؤوبا من أجل التوصل
لاتفاق تاريخي من شأنه وضع نهاية لخلاف نووي بدأ قبل 12 عاما.
فخلال 36 عاما من العداء وصفت طهران واشنطن “بالشيطان الأكبر”
وردت الولايات المتحدة بوصف ايران بأنها عضو في “محور الشر” وأصبح
الاثنان أكثر اعتيادا على تبادل الإهانات لا دفاع كل طرف عن الطرف
الآخر.
وكان الطرفان قطعا علاقاتهما الدبلوماسية بعد أن احتجز ثوريون
ايرانيون 52 رهينة في السفارة الأمريكية بطهران خلال الثورة
الإسلامية عام 1979.
ومع ذلك تدافع وزارة الخارجية الأمريكية منذ شهر عن ايران في
مواجهة تلميحات أنها على شفا مخالفة بند من بنود اتفاق مؤقت تم
التوصل إليه مع القوى العالمية عام 2013 ويقضي بتخفيض مخزونها من
اليورانيوم المنخفض التخصيب.
ويمكن تخصيب اليورانيوم المنخفض التخصيب الى درجة أعلى لانتاج
مادة يمكن استخدامها في صنع القنبلة الذرية وأحد الأهداف الرئيسية
لأي اتفاق نووي هو منع ايران من انتاج السلاح النووي.
كما تفادت واشنطن انتقادات لاستمرار انتهاكات ايرانية لعقوبات
الأمم المتحدة وتقارير عن محاولات لشراء تكنولوجيا نووية سرا يمكن
استخدامها في أنشطة يريد الغرب من ايران أن تتوقف عنها.
وتقول إدارة الرئيس باراك أوباما إنها على دراية بالمخالفات
المشتبه أن تكون ايران قد ارتكبتها لكن الاتفاق المؤقت الموقع في
نوفمبر تشرين الثاني 2013 وتم تمديده ثلاث مرات لا يشملها.
وفي تغريدة الشهر الماضي قالت ماري هارف المتحدثة السابقة باسم
وزارة الخارجية والتي تعمل الان مستشارة لوزير الخارجية جون كيري
في الوفد الامريكي في المحادثات مع ايران “لا دفاعا عن ايران بل
دفاعا عن خطة العمل المشترك (الاتفاق النووي المؤقت) التي تفاوضنا
عليها مع ايران ولتوضيح أننا ملتزمون. أمران في غاية الاختلاف.”
وسلم مسؤول أمريكي رفيع تحدث إلى رويترز شريطة عدم نشر اسمه
بأن الدفاع الأمريكي عن مدى التزام ايران “غريب” وليس طبيعيا.
وقال المسؤول “ايران اقترفت الكثير من الأمور السيئة في سوريا
ومختلف أنحاء الشرق الأوسط ومازالت. وهي تحتجز أمريكيين رهائن.
لكنها في واقع الأمر ملتزمة بخطة العمل المشترك.”
وكان المسؤول الأمريكي يقصد بكلمة الرهائن مواطنين أمريكيين
محتجزين في ايران من بينهم الصحفي جيسون رضائيان لمحاكمته بتهمة
التجسس. وتقول الولايات المتحدة إن الاتهامات الموجهة لرضائيان
وآخرين مزورة وطالبت باطلاق سراحهم.
وقال علي فايز الخبير في شؤون ايران بمجموعة الأزمات الدولية
إن الحكومة الايرانية تعرضت لانتقادات من جانب محافظين متشددين في
ايران لدفاعها عن “الشيطان الأكبر”.
وقال “هذه هي أخطار التعامل مع العدو” مضيفا أن الولايات
المتحدة لا تدافع عن ايران بل عن الاتفاق مع ايران.
* مشكلة المخزون
وإذا بدا أن ايران خالفت الاتفاق النووي المؤقت فسيزيد ذلك من
الصعوبة التي سيواجهها أوباما في اقناع أعضاء الكونجرس المتشككين
خاصة الجمهوريين أصحاب الأغلبية باتفاق طويل الأجل ترفع بمقتضاه
العقوبات على ايران مقابل تقييد أنشطتها النووية.
وتقول إدارة أوباما إن تقريرا أصدرته الوكالة الدولية للطاقة
الذرية الأسبوع الماضي توصل إلى أن ايران ملتزمة بالاتفاق المؤقت
وذلك بعدم احتفاظها بكميات من اليورانيوم منخفض التخصيب في نهاية
يونيو حزيران أكبر مما كان لديها قبل ذلك بثلاثة أشهر.
غير أن الخبير النووي ديفيد أولبرايت قال إن طهران لم تحقق هذا
الهدف سوى بتحويل بعض اليورانيوم منخفض التخصيب إلى صورة يمكن
بسهولة إعادتها إلى حالتها السابقة فيما يمثل انتهاكا لروح الاتفاق
إن لم يكن نصه.
وقال أولبرايت إن القضية توضح أن واشنطن “مستعدة لاعادة تفسير
الاتفاق من الناحية القانونية” لتبرير الاداء الضعيف لايران.
وردد أولي هاينونن من جامعة هارفارد النائب السابق لرئيس وكالة
الطاقة صدى التحذير الذي أطلقه أولبرايت.
ورفض مسؤول أمريكي رفيع انتقادات أولبرايت وقال إن ايران فعلت
المطلوب منها.
* أي انتهاكات؟
لم تكن تلك هي المرة الأولى التي دافعت فيها واشنطن عن ايران.
وبعد أن قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن ايران بدأت
تزويد جهاز متقدم للطرد المركزي في العام الماضي باليورانيوم – وهو
ما كان يعد انتهاكا لاتفاق 2013 – قالت مفاوضون أمريكيون إن ذلك
كان خطأ فيما يبدو من جانب ايران وإنها سرعان ما توقفت عن ذلك.
وقالت هيئة خبراء تابعة للامم المتحدة تختص بمراقبة الالتزام
بعقوبات مجلس الأمن الدولي أكثر من مرة إن ثمة شبهات أن ايران
اشترت معدات لها صلة بأنشطة تتفاوض الآن على وقفها.
غير أن هيئة الخبراء قالت في تقريرها السنوي في ابريل نيسان
إنها لم تتلق أي اخطار رسمي من الدول الاعضاء في الامم المتحدة عن
مخالفات ايرانية للعقوبات وأشارت إلى أن ذلك ربما يرجع إلى أن
الدول تحاول تفادي الاضرار بالمحادثات النووية.
ونفت وزارة الخارجية أن واشنطن تحجب عن الامم المتحدة معلومات
عن انتهاكات ايرانية للعقوبات وقالت إن مثل هذه المخالفات ليست
انتهاكات للاتفاق المؤقت.
من ناحية أخرى يشير مسؤولون أمريكيون إلى أن إدارة أوباما
واصلت التوسع في قائمتها السوداء بسبب مخالفات لعقوبات أمريكية
منفصلة والتنديد بانتهاكات حقوق الانسان في ايران.
وقال كريم سجادبور خبير شؤون ايران في مركز كارنيجي للسلام
الدولي إن أوباما بذل جهدا كبيرا في فترة رئاسته الأولى في اقناع
العالم بمخاطر البرنامج النووي الايراني لكنه غير منذ ذلك الحين
مساره من أجل الفوز بصفقة يحتاج إليها بشدة مع اقتراب فترته
الثانية من نهايتها.
وقال لرويترز “من أجل الوصول إلى اتفاق اضطرت الادارة لاقناع
المتشككين في الكونجرس والرأي العام الامريكي بأن الانشطة النووية
الايرانية شفافة وسلمية.”