ممتاز أر توركونه
الحكم الأساسي الذي يمكن استخلاصه من نتائج انتخابات 7 يونيو هي أن محاولات تأسيس حكم الفرد الواحد تم دفنها في صندوق الاقتراع. ولكن من الصعوبة بمكان استيعاب هذا الحكم من قبل الذين ينظرون إلى الديمقراطية بشكل بدائي على أنها مجرد نظام يبحث عن الإجابة لسؤال: “من الذي سيحكم البلاد؟”
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]الحكم الأساسي الذي يمكن استخلاصه من نتائج انتخابات 7 يونيو هي أن محاولات تأسيس حكم الفرد الواحد تم دفنها في صندوق الاقتراع. ولكن من الصعوبة بمكان استيعاب هذا الحكم من قبل الذين ينظرون إلى الديمقراطية بشكل بدائي على أنها مجرد نظام يبحث عن الإجابة لسؤال: “من الذي سيحكم البلاد؟”[/box][/one_third]فالديمقراطية تعني إنشاء منظومة توازن ورقابة للحيلولة دون إساءة استخدام السلطة قبل تحديد من سيتولى السلطة. فحكومة العدالة والتنمية سدت كل سبل الرقابة خلال 13 سنة ثم أصبحت السلطات بيد شخص واحد. حتى إن البرلمان الذي وضع قانونا قبل انتخابات 7 يونيو/ حزيران كان يمثله في الحقيقة شخص واحد. فالسلطة التنفيذية كانت بيد شخص واحد وهذه الاوتوقراطية كانت تتزايد باستمرار في البلد وتحولت إلى عبء ثقيل على كاهله، وتمثل هذا العبء أخيرا بالقصر الأبيض.
وقد تخلص الناخب من هذا العبء من خلال صندوق الاقتراع ليعيد الحياة مرة أخرى لمنظومة الرقابة والتوازن أي الديمقراطية. فنواب العدالة والتنمية اليوم سيتمتعون بإرادة أكثر حرية وشخصية أكثر استقلالا وصلاحيات أوسع مقارنة بذويهم في الدورة الماضية.فبدل أن يرفعوا أيديهم للموافقة بالإجماع على المقترحات القانونية سيصبحون هم كذلك أعضاء عملية تشريع حقيقية.
وسيبدأ العاملون في السلك القضائي اتخاذ قراراتهم دون أن يتأثروا من الخوف الناجم عن التفكير في مكان نفيهم إن خالفوا سلطة الفرد الواحد. وستختفي الكوابيس التي تراود رجال الأعمال من ظلم جباة الضرائب إن لم يراعوا رضا صاحب السلطة. ولم يعد بإمكان صاحب السلطة تزويد الإعلام الموالي بالمال كما كان يفعل في السابق. ولم يعد هناك أي دور سياسي للقصر ذي الغرف الألف الذي بُني لتوزيع ثروات البلاد من خلال يد فرد واحد فقط.
وقد شارك الشعب في انتخابات 7 يونيو لتحقيق هذه النتائج. ونجح في إعادة منظومة الرقابة والتوازن إلى مكانتها الأصلية لتعمل على الوجه الصحيح.
ويبدو أن المقربين من الحكومة يغفلون عن أن نتائج هذه الانتخابات قد قضت على الأوتوقراطية. وبعبارة أدق: “كانت حزب العدالة والتنمية قد ابتعد عن هويته وشخصيته المؤسسية ولجانه وآلياته الداخلية، فقد عاد هذا الحزب بشكله الأصلي من جديد بعد 8 يونيو”. فقد انهزمت الأوتوقراطية في انتخابات 7 يونيو ولكن حزبها انبعث من جديد.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]إن حزب العدالة والتنمية الذي كان “غائبا” عن الساحة السياسية وبدأنا نشك من وجوده خرج من الانتخابات الأخيرة حاصلا على أكبر قدر من الأصوات. وعاد إلى الساحة من جديد كناشط قوي وكجزء من حياة التعددية الحزبية. أما طاغية كان يستعد لإعلان حكمه الفردي بعد الانتخابات فقد بقي قابعا معزولا وحده في قصره.[/box][/one_third]ويمكن أن نضرب مثالا للذين يجدون صعوبة في استيعاب الوضع. لو أن الحزب الحاكم فاز في الانتخابات بنسبة قريبة من التي حصل عليها في 2011 هل كان حزب العدالة والتنمية سيحافظ على استقلاليته تجاه مستشاري القصر؟
فالذين يفقهون السياسة على الوجه الأمثل يستطيعون رؤية الخطوات التي ستعقب الوضع الجديد. وللمرة الأولى ستكون هناك حرية لدى حزب العدالة والتنمية ولدى كتلته البرلمانية ليتخلص من كونه بمثابة يد شخص واحد. فخيارات الائتلاف واحتمال حدوث الانتخابات المبكرة لن يتحدد بالمساومات بين جميع الأحزاب بل حسب التوازن بين حزب العدالة والتنمية وبين القصر. وستدور نزاعات ومناورات سياسية بين حزب العدالة والتنمية وبين القصر حول إعادة التحقيق في قضية الفساد والرشوة ومثول الوزراء الأربعة أمام المحكمة العليا وإعمال القوانين من جديد وترك الإعلام الموالي ليواجه مصيره بنفسه دون دعم من الحكومة وإلغاء شبكة توزيع الثروات، وإعلان المصالحة مع شرائح المجتمع التي اتخذت منها الاوتوقراطية موقفا معاديا.
إن حزب العدالة والتنمية الذي كان “غائبا” عن الساحة السياسية وبدأنا نشك من وجوده خرج من الانتخابات الأخيرة حاصلا على أكبر قدر من الأصوات. وعاد إلى الساحة من جديد كناشط قوي وكجزء من حياة التعددية الحزبية. أما طاغية كان يستعد لإعلان حكمه الفردي بعد الانتخابات فقد بقي قابعا معزولا وحده في قصره.