إسطنبول (زمان عربي) – لم تكن دفاعات مدينة إسطنبول تبدأ من التحصينات التي تحيط بالمدينة من أطرافها كما يظن الكثيرون بل كان الدفاع عن المدينة يبدأ من القلاع المنتشرة على طول طرفي المضيق وفي سواحل البحر الأسود.
وهذه جولة للكشف عن القلاع الموجودة على منافذ مدينة إسطنبول والاطلاع على تاريخها لتكون استراحة من ضوضاء المدينة وزحامها:
قلعة أسكي حصار أو البرج الشرقي لإسطنبول
تقع على الحدود الشرقية لإسطنبول في موقع جيبزا، ويعود تاريخها إلى العصر البيزنطي. وقد ذُكرت في المدونات التاريخية إثر معركة مالتبه في عهد أورخان بك بين العثمانيين والبيزنطيين . وقد جددها العثمانيون مرات عدة واستمروا باستخدامها. وهي تطل على بحر مرمرة. وفي الحفريات التي جرت في الموقع منذ وقت قريب عُثر فيه على آثار بيزنطية كثيرة.
قلعة طوبجي ومنارة روميلي
تقع في أقصى الشمال من الساحل الأوروبي لمضيق البسفور وفي نقطة التقاء المضيق مع البحر الأسود، ويعود تاريخها إلى القرن 17 في عهد السلطان مراد الرابع. وهي تتشكل من برجين ضخمين مطلين على البحر وهما مبنيان من الحجارة والقرميد. ويتضمن البرجان عددا من مرامي السهام على شكل الأقواس. وقد كانت القلعة تستخدم كمخفر الشرطة في العهد الجمهوري مدة من الزمان.
ابنة الوالي البيزنطي فتحت قلعة أيدوس
يتضح من اسمها أن قلعة أيدوس من الأبنية البيزنطية. وكلمة أيدوس تعني النسر باللغة الإغريقية. تقع هذه القلعة في منطقة سلطان بييلي على تلة أيدوس وكانت تشكل خطا دفاعيا مهما من الجهة الشرقية إذ قاومت الهجمات العثمانية مدة طويلة. وقد تم فتحها في عهد أورخان غازي. وقد كانت ابنة الوالي البيزنطي تقيم في هذه القلعة وقدمت مساعدات في فتح القلعة من قبل الأتراك المسلمين وظلت قصة حبها للقائد عبد الرحمن فاتح القلعة الذي تزوجها بعد الفتح تنتقل من جيل إلى جيل منذ مئات السنين حتى وصلت إلينا.
قلعة يدي كوله (الأبراج السبعة) الشهيرة بسجونها
وهي في أقصى الجنوب الغربي من أسوار مدينة إسطنبول التاريخية. وهي ملاصقة لأسوار المدينة. وتتألف هذه القلعة القديمة من سبعة أبراج لكل واحد منه اسمه الخاص. وقد أمر ببنائها الحاكم البيزنطي تيودوسيوس الثاني ويصادف تاريخ بنائها بين سنتي 413-439. كما أن الباب الذهبي الأسطوري الذي كان يستخدمه أباطرة الرومان كان من ضمن أبواب هذه القلعة.
لكن السلطان محمد الفاتح بعد فتح المدينة أمر بإلغاء الدخول من ذلك الباب وسده ونقل مدخل المدينة إلى منطقة أدرنه كابي. وبعد ذلك تحولت القلعة إلى سجن. ومن ثم أصبح محبسا للسفراء الأجانب وأفراد أسرة بعض الملوك الأجانب وحتى بعض السلاطين العثمانيين. حيث كان السلطان عثمان الثاني أحد السلاطين العثمانيين الذين قُتلوا فيها من قبل الجنود الإنكشارية. وتم إحياء القلعة التي كانت تحتوي على حي تاريخي في السبعينيات. وهي الآن من الأماكن المفضلة لتصوير المسلسلات.
قلعة روملي:
وهي جوهرة المضيق. فقبل فتح إسطنبول أمر السلطان محمد الفاتح ببنائها في 1451-1452. وهي تذكر في الوثائق التاريخية باسم قلعة ينيجه أو بوغازكسين (قاطع المرور في المضيق). وقد اكتمل بناؤها في 4 أشهر فقط حيث أشرف السلطان بنفسه على البناء الذي شارك فيه ألف من الحرفيين والعمال. وبعد تحقق الفتح وانتهاء مهمة القلعة لاقت المصير الذي لقيته قلعة الأبراج السبعة. حيث تحولت إلى سجن للإنكشارية العصاة وبعض السفراء الأجانب.
وكان الأشخاص الذين يُحكم عليهم بالإعدام ينقلون إلى هذا المكان عن طريق البحر وبعد تنفيذ حكم الإعدام تُطلق القذائف المدفعية وتُذكر أسماء الذين تم إعدامهم على مسمع من الناس.
وقد تحولت بيوت حراس القلعة وقادتها إلى حي صغير مع مرور الزمن. وفي عهد عدنان مندريس سنة 1953 تم هدم الجامع والحي بشكل كامل بحجة ترميم القلعة التي أُضيف إليها مسرح وهو ما لا ينسجم مع طرازها المعماري.
قلعة الأناضول: هدية العثمانيين للمضيق
وتُسمى جوزيلجيه حصار أيضا. وهو أول مبنى عسكري تم بناؤه على سواحل المضيق من قبل الأتراك. وقد أمر ببنائها السلطان بايزيد الأول سنة 1395 في ملتقى وادي جوكصو والمضيق لتكون أقرب نقطة بين طرفي المضيق الأوروبي والآسيوي. وصممت بطريقة تساعد على التواري عن أنظار الأعداء المتسللين من المضيق، وقد أضيف إليه أثناء فتح المدينة السور الخارجي والأبراج لتكون أكثر مناعة ولتأخذ شكله النهائي.
وقد ذكر الرحالة الأوروبيون أن القلعةكان لها باب متحرك للأعلى والأسفل ويستخدم في الوقت نفسه كجسر باتجاه المياه المحيطة بالقلعة كما في القلاع الأوروبية.
كانت هذه القلعة من الآثار التي تزين إسطنبول إلا أن القلاع التي بنيت على ساحل المضيق قد غيَّبت فعاليتها الدفاعية. فتحولت إلى سجن. وقد ذكر بعض المؤرخين أن بعض مجرمي الإنكشارية كانوا يُسجنون هنا. ولكنها أصبحت من أجمل الأماكن في إسطنبول بعد بناء البيوت والشاليهات على ضفاف الوادي.
قلعة يوروس.. ذكرى الجنويين
بُنيت على الشاطئ الأناضولي (الآسيوي) وفي نقطة التقاء المضيق بالبحر الأسود وهي قلعة شامخة. وهي على سفح غابات الحور في القسم الأناضولي. وهناك من يدعي بأنها من بناء البيزنطيين وآخرون يدعون أنها من بناء الجنويين.
وقد بُنيت من أجل حماية طريق التجارة الجنوبي. وجميع جدران القلعة وبرجيها الضخمين في حالة جيدة. وثمة كتابات يونانية على باب القلعة. والقادمون إلى هذه القلعة يشاهدون منظرا خلابا للمضيق والبحر الأسود لا يمكن مشاهدتها من مكان آخر. وهناك يستنشقون عبير البحر مع أريج غابات الحور.
قلعة أوجاكلي آدا في منطقة شيلا بإسطنبول
كانت شيلا قرية عاش فيها الروم (اليونانيون) إلى أن تم تبديلهم بالمسلمين الأتراك مع اليونان في عهد أتاتورك. وفيها 4 قلاع ولكن قلعة أوجاكلي آدا هي إحدى رموز هذه المنطقة. وتقع القلعة على تلة حجرية تطل على ميناء محاط بالصخور. وأول ما يستميل أنظار زوار شيلا هو برج المراقبة الذي يبلغ ارتفاعه 12مترا وهو من الطراز الجنوي مثل كثير من المباني العسكرية.
قلعة ريفا: معقل التجار
وهي قلعة عسكرية تقع في منطقة ريفا الجميلة التابعة لمدينة إسطنبول. وقد بُنيت لتأمين طريق التجارة الجنوي ولتكون مركزا لصيادي السمك. وقد استُخدمت كمنفى وسجن. وهي محاطة بسورين وكان لها باب متحرك يستخدم كجسر كما تذكر سجلات الدولة.
قلعة كيليوس:
وهي تقع على ساحل البحر الأسود في القسم الأوروبي ويعود تاريخ بنائها إلى العصر البيزنطي، ولكنها بُنيت على يد الجنويين. وقد تم ترميمها في عصر السلطان العثماني محمود الثاني كما تشير الكتابات الموجودة على جدرانها. وقد ظلت محافظة على معالمها القديمة وخصوصا الجدار القرميدي والأقبية المتقاطعة.