عبد الله أيماز
يقول الأستاذ بديع الزمان سعيد النورسي رحمه الله في إحدى رسائله التي وردت في لاحقة أميرداغ: “لقد أثبتت رسائل النور أن العدالة قد تتجلى أحيانا في الظلم أيضا. أي إن إنسانا قد يتعرض للظلم بسبب من الأسباب فتحل عليه مصيبة ما وقد يحكم عليه بالسجن فيبقى خلف القضبان. فهذا السبب بغير وجه حق، وإنه حكم جائر. لكنه في الوقت نفسه قد يكون هذا الحادث سببا في تجلي العدل. فالقدر الإلهي يسوق ذلك الشخص المستحق للعقاب بسبب آخر إلى عقاب بيد حاكم ظالم فتحل عليه مصيبة ما، وذلك نوع من تجلي العدالة الإلهية..
أنا الآن أفكر. إنني أتعرض للنفي والنقل من ولاية إلى أخرى ومن بلدة إلى أخرى ومن محكمة إلى أخرى منذ 28 عاما. ما هو الذنب الذي يتهمني به من يعاملونني بهذا الجور؟ هل هو استغلالي للدين لمآرب سياسية؟ ولكن لماذا لا يستطيعون إثبات ذلك علي؟ لأن ذلك لا وجود له في حقيقة الأمر”.
وتحاول إحدى المحاكم طوال شهور وسنوات حتى تعثر على جريمة لتحكم على بسببها. ثم تترك تلك المحكمة متابعة محاكمتي وتتولى الأمر محكمة أخرى بالقضية نفسها لتحاول العثور على دليل لإدانتي، فتضايقني وتعرضني لأنواع من التعذيب. وحين لا تتوصل هي الأخرى إلى نتيجة تطلق سراحي لتتسلط علي محكمة ثالثة وهكذا تحل علي مصيبة إثر مصيبة حتى أمضيت 28 عاما من عمري على هذا النحو. وأخيرا أدركوا أن التهم الموجهة إلي لا أساس لها من الصحة..
فهل اتهموني بتلك التهم عمدا أوهل كانوا متوهمين؟ سواء كانوا متعمدين أو واهمين فأنا أعلم علم اليقين بأنه لا علاقة لي بتلك التهم. وكل المنصفين في العالم يعلمون أني لا أستخدم الدين لمآرب سياسية. وحتى الذين اتهموني بهذه التهمة يعلمون أني بريء منها. فلماذا أصروا على ظلمي إذن؟ ولماذا تعرضت لكل هذا الظلم المزمن والتعذيب مع أني بريء؟ ولماذا لم أستطع التخلص من تلك المصائب؟ أفلا تخالف هذه الأحوال العدالة الإلهية؟
وقد تعرض معي الكثير من طلابي لأنواع كثيرة من المصائب والمظالم والقسوة، وعانوا الكثير من المحن الصعبة. وأنا أرجو منهم أن يسامحوا الذين ظلموهم كما فعلت أنا. لأنهم كانوا وسيلة لأسرار القدر الإلهي دون أن يعلموا، ولعبوا دورا في نشر الحقائق الإيمانية دون أن يدركوا التجليات العميقة. فمهمتنا تقتضي أن نتمنى لهم الهداية أيضا. وأنا أوصي طلابي بأن لا يتركوا في قلوبهم ذرة من حب الانتقام تجاه الذين ظلمونا وآذونا، وأن يثابروا ويخلصوا في العمل من أجل نشر الحقائق التي تتناولها رسائل النور”.
إن حركة الخدمة الآن تمر بمرحلة عصيبة وتتعرض للكثير من المظالم ولكن الله تعالى يرسم لها آفاقا جديدة وكأنه يعيد تأهيل المجتمع من جديد. فالذين كانوا ينظرون لحركة الخدمة بأحكام مسبقة أصبحوا الآن ينظرون إليها بنظرة جديدة. وبدؤوا يقيمونها برؤية أوضح ويدققون في تفاصيلها ومميزاتها.
في الحقيقة كانت هجمات 11 سبتمبر نقطة تحول في العالم كله. ولكن الأستاذ فتح الله كولن الذي لعن كل أنواع الإرهاب دون اللجوء إلى التعليل بأن وأن ولكن، قائلا “لا يمكن أن يكون الإرهابي مسلما ولا يمكن أن يكون المسلم إرهابيا” قد صان بقوله هذا كرامة المسلمين.
وإن هذا الأمر رفع من شأن حركة الخدمة ولعب دورا في زيادة الاحترام لها في أوروبا على وجه الخصوص.