مصطفى أونال
بدأت نقاشات تشكيل الحكومة في تركيا مبكرًا هذه المرة.. أما السؤال الذي يبحث عن إجابة فهو: هل ستتشكل الحكومة مع حزب العدالة والتنمية الحاكم أم بدونه؟
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ] إن يوم الأحد الماضي 7 يونيو / حزيران (الجاري) ليس تاريخًا عاديًا بالنسبة للسياسة التركية، فهو عنوان لمرحلة جديدة. وأهم نتيجة للانتخابات البرلمانية التي أجريت في ذلك اليوم كانت تغيير أجندة تركيا، فقد تبدد” جو الخوف” الذي شكلته حكومة حزب العدالة والتنمية، وأصبحنا أمام عمليات بحث جديدة. فتركيا صبيحة يوم الاثنين تختلف كثيرًا عن تركيا عشية يوم الأحد.[/box][/one_third]ثمة الكثير من المعادلات في البرلمان ذي الأحزاب الأربعة، فالانتخابات المبكرة تأتي ضمن الخيارات. سنتحدث على مدار الأسبوعين المقبلين عن شكل الحكومة الجديدة واللقاءات الرسمية والحوارات التي تجري خلف الستار، وباختصار سنتناول كواليس عالم السياسة، فلدينا الكثير من الوقت.
إن يوم الأحد الماضي 7 يونيو / حزيران (الجاري) ليس تاريخًا عاديًا بالنسبة للسياسة التركية، فهو عنوان لمرحلة جديدة. وأهم نتيجة للانتخابات البرلمانية التي أجريت في ذلك اليوم كانت تغيير أجندة تركيا، فقد تبدد” جو الخوف” الذي شكلته حكومة حزب العدالة والتنمية، وأصبحنا أمام عمليات بحث جديدة. فتركيا صبيحة يوم الاثنين تختلف كثيرًا عن تركيا عشية يوم الأحد…
هناك قليلون جدًا يشتكون من حالهم، إذا ما استثنينا أنصار الحزب الحاكم. فنسبة هؤلاء منخفضة جدًا. ربما تستغربون من هذا الكلام، غير أن هناك كثيرين يفسرون الهزيمة التي مني بها حزب العدالة والتنمية على أنها خير.
أعلم أن أجندة السياسة الآن في أنقرة تدور حول نماذج الحكومة الجديدة… فتصريحات السياسيين تتحدث عن هذه النقطة دومًا. لكنني اليوم أرغب في تقييم نتائج الانتخابات، ومهما تناولنا هذه النقطة فلن نوفيها حقها.
يمكننا أن نجري تحليلات منفصلة لكل حزب سياسي على حدة. ذلك أننا يمكن أن نقول الكثير من الكلام عن أحزاب الشعوب الديمقراطي والشعب الجمهوري والحركة القومية. لكن الكلام الأكبر يجب أن يقال بحق حزب العدالة والتنمية، وسأقوم أنا كذلك بهذا.
عندما بدأت نتائج الانتخابات تتضح، علقت على نتيجة الانتخابات بمقال عنوانه “نهاية عهد…”. ولن يغير فكرتي هذه أن يشكِّل حزب العدالة والتنمية الحكومة غدًا. لقد مني الرئيس رجب طيب أردوغان والعصبة قليلة العدد من كوادر الحزب الحاكم بهزيمة ثقيلة. فما نحن أمامه أبعد من أن يكون تحذيرًا بسيطًا أو “شدة أذن”، فالأذن قد “قُطعت”؛ إذ إن الحزب الحاكم ليس في الوضعية التي تمكنه من أن يقول “نستخلص الدرس من هذه النتائج ثم نواصل طريقنا”.
فشل الحزب في الوصول إلى أي من أهدافه الثلاثة، فلم يستطع حجز 400 مقعد في البرلمان، ولا حتى 330 مقعدًا، ولا حتى 276 مقعدًا. فما الفائدة في أن يكون الحزب الأول بعدما تخلى عن تفوقه لصالح أحزاب المعارضة؟ فكلنا يعلم الأجواء التي كانت مسيطرة على الحزب قبل الانتخابات، وكذلك التوقعات والآمال، فالغرور كان قد وصل إلى منتهاه.
معنى هذا أن السلطة تجعل لدى الشخص إحساسًا بأنها لن تنتهي وستستمر لألف عام، بالضبط كما كان الوضع بالنسبة لمنفذي انقلاب 28 فبراير/ شباط 1997. لقد انتهت سلطة حزب العدالة والتنمية، وفقد أغلبيته المطلقة في البرلمان، وزاد عدد مقاعد كتلة المعارضة التي تعتبر كتلة صعبة التحلل في مواجهة الحزب الحاكم.
أما الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية فهي أكثر ضعفًا. فهناك عدد من النواب الذين نجحوا في دخول البرلمان تحت مظلة الحزب هم من “أصحاب المصلحة” الذين سيدعمون الحزب إلى مرحلة معينة. ولذلك فهناك احتمال أن يخرجوا عن سيطرة الحزب في أول اختبار.
تشير التقديرات الأولية إلى أن حزب العدالة والتنمية لا يدرك حجم الهزيمة التي تعرض لها على وجه التحديد، فرئيس الحزب أحمد داوداوغلو خاطب أنصاره وكأنه قائد حقق نصرًا مؤزرًا.
إن بعض الهزائم تكون كإصابة السيف، لا يشعر بها الإنسان فورًا، بل إن ألمها يظهر بعد مدة. وهذا ما يعيشه حزب العدالة والتنمية. أو بالأحرى فإنني كنت أنتظر من مسؤولي الحزب أن يحاسبوا أنفسهم دون أن يمر الكثير من الوقت بقولهم “أين أخطأنا؟”. يضم الحزب الكثير من الأسماء التي يمكن أن تشخص هذه الحالة بشكل صحيح لتضع العلاج المناسب. فقد حان وقت التعبير بشجاعة عن كل ما يتداولونه بشكل سري حول ما يرونه ويسمعونه.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ] السلطة تجعل لدى الشخص إحساسًا بأنها لن تنتهي وستستمر لألف عام، بالضبط كما كان الوضع بالنسبة لمنفذي انقلاب 28 فبراير/ شباط 1997. لقد انتهت سلطة حزب العدالة والتنمية، وفقد أغلبيته المطلقة في البرلمان، وزاد عدد مقاعد كتلة المعارضة التي تعتبر كتلة صعبة التحلل في مواجهة الحزب الحاكم.[/box][/one_third]ولكي يعيد الحزب ترتيب أوراقه… الحزب هو حقيقة من حقائق السياسة، وليس الحزب الذي يدار من قبل عصبة من الشخصيات التي ابتعدت عن جذورها وفقدت روحها وخسرت دعواها ورسالتها ولا يتخطى عددها أصابع اليد الواحدة. حزب العدالة والتنمية كما كان عامي 2002 و2007. وكان من المقدر أن يخسر الحزب الذي أصبح يالتشين آكدوغان هو الأكبر فيه، ويلعب أفكان آلا الدور الأبرز فيه.
ألن يتناقشوا بصراحة بشأن علاقتهم بالرئيس أردوغان؟ لا أقول تأثيره في الميادين الانتخابية فقط. هل سيتغاضون عن علاقته بالحزب بالرغم من قسمه على الحياد؟ ألن يسألوا “لماذا دخلنا في صراع مع الجميع؟”؟ ألن يقولوا “لماذا صادقنا على قوانين الاستبداد بدلًا من حزم الإصلاح؟”
ألن يرفعوا أصواتهم قائلين: “كيف يعيش الظلم عصره الذهبي في عهد حزب يحمل اسم العدل عنوانًا له؟” ألن يتناقشوا بشأن القصر الرئاسي الفاخر وصناديق الأحذية المملوءة بالملايين؟ ألن يتمردوا قائلين: “كيف يمكن للكتاب الأحمر (دستور تركيا السري) أن يكون كتابنا المقدس؟”
إذا لم يحاسب مسؤولو حزب العدالة والتنمية أنفسهم محاسبة حقيقية فستكون هذه الأيام هي أفضل أيامه، وسيكون قادم الأيام هو الأسوأ. وليسمعوا مني هذا…
من المستحيل أن تعود تركيا إلى ما كانت عليه، فلقد بدأت وتيرة السابع من يونيو/ حزيران المليئة بالمفاجآت…