أنقرة (زمان عربي – أ ف ب) – قبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مساء أمس الثلاثاء استقالة حكومة رئيس الوزراء أحمد داوداوغلو فيما تجري مشاورات لتشكيل حكومة ائتلافية جديدة بعد ثلاثة أيام من النكسة التي تعرض لها حزب العدالة والتنمية الحاكم في الانتخابات التشريعية عبر خسارته الغالبية المطلقة.
وإثر لقاء بين أردوغان وداود أوغلو في قصر أردوغان (القصر الأبيض) أعلنت الرئاسة أن رئيس الوزراء وأعضاء فريقه سيواصلون مهمتهم “حتى تأليف حكومة جديدة”.
وقال مصدر قريب من الحكومة إنه لن يتم تكليف داوداوغلو، رئيس الحزب الذي تصدر الانتخابات البرلمانية التركية، التي أجريت الأحد الماضي، بتشكيل حكومة جديدة إلا بعد إعلان نتائج الانتخابات رسميا خلال أسبوعين.
وتصدر حزب العدالة والتنمية الحاكم منذ 13 عاما انتخابات الأحد وحصل على 40,8 في المئة من الأصوات أي 258 من أصل 550 مقعدا، وهو مالا يؤهله لتشكيل الحكومة منفردا .
وأدى هذا الوضع غير المسبوق إلى بدء مداولات لتشكيل حكومة ائتلاف بين العدالة والتنمية مع حزب آخر أو أكثر من ثلاثة أحزاب معارضة دخلت البرلمان هذه المرة هي الشعب الجمهوري والحركة القومية والشعوب الديمقراطي.
وفي حال فشل المفاوضات ضمن مهلة 45 يوما، فسيكون بإمكان أردوغان الدعوة إلى انتخابات جديدة.
وقد دعا أردوغان في بيان أول من أمس الاثنين الى تشكيل حكومة ائتلافية مطالبا الأحزاب بالتصرف بـ”مسؤولية” حفاظا على “استقرار” البلاد.
ومنذ مساء الأحد، بدات التكهنات التي تغذيها تصريحات مقتضبة لوزراء ونواب ومن جميع الاتجاهات حول سيناريوهات غير مؤكدة تتعلق بتركيبة الحكومة الجديدة.
ونال الخصمان الرئيسيان للعدالة والتنمية وهما حزب الشعب الجمهوري وحزب العمل القومي اليميني 25% و 16,3% من الاصوات على التوالي، اي 132 و82 مقعدا في البرلمان.
والمفاجاة الكبرى في الانتخابات كانت حزب الشعوب الديمقراطي الكردي وزعيمه صلاح الدين دميرتاش ما أحدث اضطرابا في الساحة السياسية مع نتيجة نسبتها 13,2 % من الأصوات، اي 80 مقعدا في البرلمان.
وحتى الآن، رفضت هذه الاحزاب الثلاثة أي تحالف مع العدالة والتنمية. وكرر دميرتاش أمس الثلاثاء أمام الصحفيين: “ما نحن متأكدون منه أننا لن نشارك في ائتلاف مع العدالة والتنمية”.
وخلال الحملة الانتخابية، هاجمت هذه الاحزاب بعنف الحكومة والرئيس أردوغان الذي وجه إهانات إلى زعمائها، ووسط ظروف كهذه، فان الاتفاق يبدو معقدا للغاية.
وقال مدير مكتب صحيفة” حرييت” في انقرة دنيز زيريك لفرانس برس: “سيطلبون قبل أي شيء من داود اوغلو الانعتاق من الرئيس على أن يبقى محصورا بصلاحياته الدستورية فقط. سيكون شرطهم الأساسي التخلي عن فكرة التحول الى النظام الرئاسي في تركيا”.
وتولى أردوغان رئاسة الحكومة طوال 11 عاما وانتخب رئيسا للدولة قبل عشرة أشهر وقد وضع كل ثقله السياسي في حملة الانتخابات للدفاع عن إقامة نظام رئاسي قوي لصالحه.
والنكسة التي مني بها العدالة والتنمية، الذي كان يجب أن يحصل على 330 مقعدا لتمرير الإصلاحات الدستورية تعني نهاية طموحات أردوغان، وتبدو بمثابة هزيمة شخصية بالنسبة له.
لكن السيناريوهات البديلة لائتلاف بقيادة العدالة والتنمية تبدو مجرد فرضيات.
من جهته، يترك زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كيليشدار أوغلو الباب مفتوحا أمام تحالف من ثلاثة أحزاب معارضة. وكتب الثلاثاء على موقع تويتر ان “انتخابات مبكرة لا تعدو كونها مضيعة للوقت”.
لكن فرص هذا التعاون ضئيلة للغاية لأن حزب الحركة القومية لا يميل كثيرا إلى التحالف مع حزب الشعب الديمقراطي. فهو يطالب بوقف مفاوضات السلام مع حزب العمال الكردستاني في حين يجعل الحزب الكردي من أحيائها أبرز أولوياته.
وتبقى هناك فرضية حكومة أقلية يشكلها حزب العدالة والتنمية. لكن نائب رئيس الوزراء محمد علي شاهين قال إنه “الاحتمال الأكثر بعدا والحديث عنه عديم الجدوى في هذه المرحلة”.
الى ذلك، قتل اربعة اشخاص بينهم مسؤول منظمة اسلامية غير حكومية، الثلاثاء في اشتباكات بين فصائل كردية متنافسة في دياربكر بحسب مصادر طبية، ما يزيد من التوترات في المدينة المأهولة بغالبية كردية بعد يومين من الانتخابات التشريعية.