من سيلفيا ويستول
بيروت 2 يونيو حزيران (رويترز) – يحقق المتشددون مكاسب ثابتة
على جبهات مهمة في سوريا الأمر الذي يعني أن الرئيس السوري بشار
الأسد واقع تحت ضغط عسكري أكبر من أي وقت مضى في الحرب المستمرة
منذ أربعة أعوام.
وقد تمثل الخسائر في الشمال والشرق والجنوب أمام جماعات مثل
تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة جناح تنظيم القاعدة في سوريا
اختبارا لسيطرة الأسد على المناطق الغربية من البلاد وهي الأكثر
أهمية في معركته للصمود.
وبعد خسارة مدينة تدمر الأثرية التي لها أيضا أهمية استراتيجية
عسكرية ومحافظة إدلب كلها تقريبا فيبدو أن الأسد يحشد قواته قرب
منطقة غربية تضم دمشق وحمص وحماة والساحل.
وتقر مصادر مطلعة على أسلوب تفكير دمشق أن الضغط يتزايد لكنها
تقول إن الحكومة واثقة من أن الجيش يستطيع الدفاع عن أراض حيوية
بمساعدة حلفائه.
ولا يزال الأسد يسيطر على مناطق في بعض الأجزاء النائية في
سوريا لكن عدد هذه المناطق يتضاءل. ويشير قراره الاحتفاظ بقوات في
مناطق مثل دير الزور والحسكة وحلب إلى أنه لايزال يريد أن يحتفظ
بوجود في جميع أنحاء البلاد رافضا تقسيم سوريا على أرض الواقع.
وتقول مصادر مطلعة على أسلوب تفكير الحكومة إن الأسد واثق من
موقفه على الأرض. ومن المتوقع تدفق مزيد من الدعم من إيران أقوى
حلفائه والتي قالت اليوم إنها ستواصل الوقوف بجانب سوريا. ونشرت
جماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران مقاتليها في سوريا على
نطاق أوسع من أي وقت مضى.
ولا يزال الأسد يعتقد أن الغرب سيعاود قبوله شريكا في المعركة
ضد تنظيم الدولة الإسلامية وهو تحول لا توجد مؤشرات على حدوثه لكن
الأسد يراه حتميا في ظل خطر أن يسيطر الجهاديون بشكل كامل.
وقال أحد المصادر المطلعة على تفكير دمشق طالبا عدم نشر اسمه
لأنه يناقش محادثات خاصة مع مسؤولين سوريين “هذا الصيف سيكون قاسيا
على الأرض لكن الخطوط الحمراء لن تمس.”
وسبق أن صمد الأسد في وجه ضغوط مماثلة من مقبل ولا سيما في
نهاية 2012 عندما كان الغرب يعتقد أن حكومته قاربت على الانهيار.
لكن الاختلاف الآن هو أن المتشددين ازدادوا قوة بينما ضعفت قوات
الحكومة بعد أربعة أعوام من القتال.
كما خسر الأسد أيضا أفراد الفصائل الشيعية العراقية الذين
كانوا يحاربون بجانب القوات السورية. وعادت هذه الفصائل لموطنها
لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية بعد أن سيطر على الموصل وغيرها من
المدن العراقية في يونيو حزيران الماضي. وأضافت المكاسب المفاجئة
أيضا إلى الضغوط العسكرية التي تواجه إيران في سوريا والعراق.
وبرزت الجماعات المتشددة في شمال وجنوب سوريا كأقوى فصائل في
الحرب خلال الشهرين المنصرمين فهي أفضل تنظيما وتسليحا من ذي قبل
ويعتقد أنها تلقت دعما جديدا من أعداء الأسد في المنطقة.
وقال نواه بونسي وهو محلل كبير في مجموعة إدارة الأزمات
الدولية “من الواضح أن التوجهات الحالية ليست في صالح النظام لكن
يبدو أن داعمي النظام ولا سيما إيران قد يزيدون من دعمهم في محاولة
لتغيير هذه التوجهات.”
وتابع قوله “من السابق لأوانه التكهن بما الذي يمكن أن يحققه
مثل هذا التصعيد.. النظام لايزال يحاول أن يحافظ على ما يمكن من
وجوده الجعرافي.”
وقالت صحيفة السفير اللبنانية اليوم الثلاثاء إن أكثر من 20
ألف مقاتل عراقي وإيراني ولبناني دخلوا محافظة إدلب استعداد لشن
هجوم مضاد. ولم يتسن لرويترز التحقق من هذا التقرير بشكل مستقل.
*أين الدعم؟
وزاد قلق الرأي العام من الحرب في المناطق التي تسيطر عليها
الحكومة حيث لا يزال يعيش معظم السكان. وتراجعت قيمة الليرة
السورية.
وواجه وزير الخارجية السوري وليد المعلم أسئلة صعبة خلال مؤتمر
صحفي تلفزيوني في دمشق الأسبوع الماضي بما في ذلك إن كانت سوريا قد
انقسمت بالفعل.
وقال له أحد الصحفيين إن سبل الدعم الروسية والإيرانية تفشل في
التصدي لتقدم المتشددين. وقال الصحفي إن الناس يتساءلون لماذا لا
يبدو هذا الدعم أكثر وضوحا على الأرض.
وقال المعلم إن هذا سؤالا يطرحه الرأي العام لكنه أكد على أن
العلاقة مع روسيا وإيران أعمق مما يعتقد البعض.
وأفاد دبلوماسي يتابع الشأن السوري أن لهجة الخطاب أبرزت
استعدادا جديدا لدى الحكومة للاعتراف بالضعف.
وأضاف الدبلوماسي “هذا تغير في أسلوبهم. المزاج العام قاتم.”
وقال نائب قائد القوات المسلحة الإسرائيلية هذا الأسبوع إن
الجيش السوري “لم يعد موجودا على أرض الواقع” بينما يستثمر حزب
الله آلافا من مقاتليه في سوريا.
ويصف آخرون الوضع بمصطلحات أقل تشاؤما ويقولون إن الجيش لا
يزال قادرا على الدفاع عن المناطق التي تسيطر عليها الحكومة.
ويبث التلفزيون الرسمي مقاطع فيديو تطمئن السوريين بأن الجيش
في حال جيدة وتعرض أسلحة وتظهر جنودا عراة الصدور وهو يحطمون
الخرسانة بأسلحتهم.
ونقل أحد عناوين هذه التقارير الإعلامية عن رئيس الوزراء وائل
الحلقي القول “نثق بقدرة الجيش على إعادة الأمن لكل شبر من سوريا.”
*انسحاب تكتيكي
لا يزال الأسد عازما على التمسك بمنشآت الطاقة الضرورية لمد
المناطق التي تسيطر عليها الحكومة باحتياجاتها بما في ذلك حقول
النفظ والغاز شرقي حمص. وخلال الأسبوع الماضي أرسل الحلقي في زيارة
لحقل الشاعر للغاز الذي كان قد سقط في يد الدولة الإسلامية لكن
استعاده الجيش بعد معارك عنيفة.
كما أن هجوما من الجيش وحزب الله ضد متشددين بينهم جبهة النصرة
في منقطة جبل قلمون شمالي دمشق مهم للغاية.
وقال الدبلوماسي “سيكون من الصعب للغاية على الجماعات المسلحة
أن تستولي على (دمشق) لأنها لن تكون معركة على الأرض فحسب بل على
الصمود أيضا.. لكن قد يكون من الأصعب الدفاع عن اللاذقية على
الساحل وحمص.”
وصرح سالم زهران وهو ناقد لبناني له علاقات وثيقة بدمشق بأن
الحكومة السورية تعتبر سقوط تدمر خسارة تكتيكية لكنها مكسب
استراتيجي
وقال مبرزا وجهة نظر دمشق إن سقوط المدينة الأثرية المدرجة في
مواقع منظمة يونسكو للتراث العالمي في يد تنظيم الدولة الإسلامية
ينبغي أن يشجع واشنطن على مراجعة سياستها بشأن سوريا وسيجبر الأردن
حليف الولايات المتحدة على الانتباه لخطر الدولة الإسلامية وسيجبر
العراق على التعاون بشكل أكبر مع سوريا.
وأضاف أن دمشق تعول أيضا على صعود سوريا على قائمة الأولويات
الإيرانية بمجرد أن توقع طهران اتفاقا نوويا مع القوى الدولية.
لكن الدبلوماسي قال إن الافتراضات السابقة بأن الأسد لا يمكن
هزيمته بسبب قوته العسكرية المتفوقة المدعومة بالقوات الجوية لم
تعد قائمة. ويستغل المتشددون الزخم وبات لديهم عددا أكبر من
المجندين.
وأضاف الدبلوماسي “عندما يسقط من النظام مئة جندي لا يحل مئة
جندي آخر محلهم.”
(إعداد ليليان وجدي للنشرة العربية- تحرير سيف الدين حمدان)