محمد كاميش
عندما استيقظت لصلاة الفجر في 6 فبراير/ شباط الماضي عانت من البلغم في حلقها ومن ضيق التنفس وبعد دقيقتين من عدم التنفس دخلت في غيبوبة.
المعلمة هوليا كانت تلقت العلاج بسبب ضيق في التنفس من قبل. لكنها لم تستطع هذه المرة منع انسداد مجرى التنفس بسبب البلغم. وبعد هذه الحادثة، جعلت زوجها الأستاذ عمر يقضي حياته في المستشفيات برفقة زوجته. وكان يأخذ أطفاله (برفين، صفية وأحمد فائق) إليها ليُسمعها أصواتهم. وكان يُسمعها القرآن بعد أن ينهي الأطفال كلامهم. كما كان يقرأ التسابيح ودعاء جوشن. وهي لم تكن تتأثر سوى بهذه الأصوات.
واستمر الأستاذ عمر على هذه الحال طوال أشهر دون كلل أو ملل. كما أخذ يراقب بعضا من حركات يد زوجته وتحريك جفنيها لحظة بلحظة. وكان يُحدِّث أطفاله وتلاميذه وأحبابه يوميا عن آخر التطورات التي تطرأ على صحة زوجته. وكان يفرح أشد الفرح لأي تحسن طفيف في صحتها وكأنها تعافت من المرض.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ] إن المجرمين الذين قبض عليم متلبيسين بجرائمهم المشهودة ينتقمون من الأطفال الصغار والمرضى الذين ينشدون الشفاء في أسرة مرضهم. وهم يعاقبون الأطفال الأبرياء حتى يحولوا دون معاقبة أبنائهم الذين قبض عليهم بتهمة السرقة.[/box][/one_third]ونحن تعرفنا إلى المعلمة هوليا بشكل عائلي في 2003. حيث كانت أول معلمة لابني الذي تعلم منها الإمساك بالقلم والقراءة والكتابة والابتعاد عن أمه. وكانت بعد انقلاب 28 فبراير/ شباط 1997 كالتي نذرت نفسها لأطفالنا وكأنها أمهم ومعلمتهم وحافظة لأسرارهم رغم عملها في مجال التعليم .
وبعد سنوات عدة، وعلى الرغم من أنها تركت مدرسة ابني واستقرت في مدينة إزميت إلا أن تلاميذها في مدرسة ابني لم يتركوها، وكانوا يذكرون المعلمة هوليا بأنها نصف أم بالنسبة لهم. ولما علموا بمرض معلمتهم راحوا يتابعون حالتها الصحية يوميا ويخبرون بعضهم بعضا حول آخر التطورات التي تطرأ على صحتها لحظة بلحظة مهما كانت بسيطة. فكانوا يدعون لها ويطلبون من غيرهم أن يدعوا لها. ولم يدخر الأستاذ عمر أي جهد ليُسمع خبرا جيدا لأبنائه وللآلاف من تلاميذه الذين تهفوا قلوبهم لسماع خبر سار عن صحة المعلمة هوليا. فكان صبورا جدا.
لكننا سمعنا بأن الأستاذ عمر الذي لم يترك زوجته المريضة طوال 4 أشهر قد اعتُقل بسبب امتحان التوظيف لدى الدولة الذي أجرِي قبل 5 سنوات دون أي دليل يدينه ودون أي مستند قانوني جاد. حيث اقتحم العشرات من رجال الشرطة منزله في أثناء صلاة الفجر مع أنه كان يسهر على صحة زوجته. وبالتالي أصبح الأطفال الذين كانوا قلقين من تدهور صحة والدتهم يقلقون على والدهم أيضا هذه المرة.
وقد أضاف الظالمون بذلك حادثة جديدة إلى سجل مظالمهم دون دليل أو مستند منتهكين القانون كما كانت تجري مطاردة الساحرات في العصور الوسطى. وإن المجرمين الذين قبض عليم متلبيسين بجرائمهم المشهودة ينتقمون من الأطفال الصغار والمرضى الذين ينشدون الشفاء في أسرة مرضهم. وهم يعاقبون الأطفال الأبرياء حتى يحولوا دون معاقبة أبنائهم الذين قبض عليهم بتهمة السرقة.
ما علينا إلا أن نقول كما قال قدري جميل يغيت، رجل الأمن المعتقل بعد عمليات الفساد والرشوة في 17و25 ديسمبر 2013 لأنه قبض على المتهمين بالسرقة وبينهم أبناء بعض الوزراء: “الذين يظلمون أطفال هذا الشعب كي لا يحاسَب أبناؤهم المجرمون البُلهاء نفوض أمرهم إلى الله لينتقم منهم”.