القاهرة 20 مايو أيار (رويترز) – أصبح من المعتاد أن يستهدف المتشددون الاسلاميون قوات الأمن المصرية. والآن بدأ بعض القضاة يشترون الأسلحة لحماية أنفسهم بعد عدة هجمات تشير إلى أنهم أصبحوا مستهدفين أيضا.
وتشير التقديرات إلى أن المتشددين قتلوا أكثر من 600 من رجال القوات المسلحة والشرطة منذ أطاح الجيش بالرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الاخوان المسلمين.
وربما يحمل فتح جبهة جديدة ضد القضاة في طياته مشاكل للرئيس عبد الفتاح السيسي الذي استطاع تحقيق قدر من الاستقرار بعد سنوات من الاضطرابات في مصر.
ويوم السبت الماضي قتل ثلاثة من القضاة بالرصاص في مدينة العريش بشبه جزيرة سيناء في اليوم نفسه الذي قررت فيه محكمة بالقاهرة إحالة أوراق مرسي و106 آخرين من أنصار جماعة الإخوان المحظورة إلى المفتي تمهيدا للحكم بإعدامهم.
وقال المستشار عدلي حسين الرئيس السابق لمحكمة جنايات القاهرة “بالنسبة للتهديد الواقع على القضاء دا تهديد حقيقي والحوادث دي حصلت… رسالة للقضاء بتهديد كما يفعلون ممكن يطلق النار على اي فرد جيش فرد بوليس بصرف النظر عن مين هو لكن بيخوف الجهة نفسها. فالتهديد على القضاء وارد.”
ورغم أن السلطة القضائية تصر على أنها مستقلة عن الحكومة والجيش فقد أثار بعض القضاة اتهامات بالانحياز الصريح من خلال إصدار أحكام بالسجن لمدد طويلة وأحكام إعدام جماعية على الاسلاميين.
وتؤيد الحكومات الغربية السيسي غير أنها انتقدت بعض قرارات المحاكم خلال العامين الأخيرين كما سارعت إلى إدانة قرار إحالة أوراق مرسي إلى المفتي لاستطلاع رأيه في إعدامه في قضية الهروب من السجن قبل توليه منصب الرئيس.
ووصفت وزارة الخارجية الأمريكية القرار يوم الاثنين بأنه ظالم ويقوض الثقة في سيادة القانون.
أما خصوم السيسي الاسلاميين فكان غضبهم أكبر كثيرا.
وقال أكرم كساب عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يرأسه الشيخ يوسف القرضاوي على فيسبوك بعد قرار إحالة مرسي للمفتي “الخلاص من قضاة العسكر والقضاء عليهم فريضة شرعية وضرورة بشرية وأمنية ثورية.”
ولا يعيش القرضاوي أو كساب في مصر وإصدار مثل هذه التعليقات داخل البلاد قد يؤدي بصاحبها إلى قضاء سنوات طويلة خلف قضبان السجن.
* واجب مقدس
وقد أدت الأحكام الجماعية بعد محاكمات قصيرة نسبيا في بعض الاحيان إلى زيادة صعوبة مهمة مصر في إثبات التزامها بالديمقراطية بعد أربع سنوات من الانتفاضة التي أطاحت بحكم حسني مبارك.
وتحدثت رويترز مع عدد من القضاة قال كلهم إنهم يؤدون واجبهم “المقدس” وإن الهجمات لن تردعهم.
ومع ذلك فإن البعض يأخذ احتياطات إضافية مثل شراء الأسلحة أو الاستعانة بحراس لحمايتهم.
وقد نجا المستشار معتز مصطفى خفاجي رئيس محكمة جنايات الجيزة من محاولة لاغتياله هذا الشهر عندما فجر مهاجمون ثلاث قنابل قرب منزله.
وقالت وزارة الداخلية يوم الاثنين إن قوات الأمن قتلت رجلين في أوائل الثلاثينات من العمر في معركة بالرصاص ذكرت أنهما مسؤولان عن زرع هذه القنابل.
وكان المستشار خفاجي أصدر أحكاما في عدد من القضايا المعروفة المرتبطة بأحداث أمنية من بينها الحكم بإعدام 12 اسلاميا في قضية قتل ضابط كبير في الشرطة في كرداسة قرب القاهرة خلال صيف 2013.
كما حكم على محمد بديع المرشد العام للاخوان المسلمين بالسجن المؤبد. وصدرت على بديع أحكام أخرى منها حكم بالاعدام وأربعة أحكام بالسجن المؤبد في سلسلة أخرى من القضايا.
وقال خفاجي لرويترز “محاولات الإغتيال المتكررة للقضاة لن تثني أحداً منهم عن التخلي عن دوره فى إعمال القانون واستكمال العمل القضائي.”
وأضاف “الأعمال الإرهابية المختلفة ومنها التفجيرات أو حرق السيارات لا تهز شعرة مننا. ولن تضطر أى قاضي للتراجع قيد أنملة عن أداء رسالته أو التنحى عن نظر أى قضية. وفى حالة تنحى أى قاض عن نظر أى قضية فسيكون لأسباب قانونية وليست أمنية.”
أما خالد المحجوب القاضي الذي أمر بإعادة التحقيق في الاتهامات بأن مرسي نظم الهروب من السجن خلال انتفاضة عام 2011 فدعا إلى توفير حماية أكبر للقضاة وأعضاء النيابة العامة والعاملين بالمحاكم وكذلك الشهود.
وقال “لم أكن خائفا يوم إصدار الحكم فى قضية الهروب من (سجن) وادى النطرون. وأصدرت الحكم بعدما درست أوراق القضية جيدا واستمعت لعدد من الشهود فى جلسات سرية حفاظا على أرواحهم وتيقنت أن هناك مؤامرة على البلاد. فكان الخوف على مصر فقط وليس من أى شخص مهما كان.”
وكانت قنبلة انفجرت خارج منزله في يناير كانون الثاني الماضي.
وقال مسؤولون أمنيون إن مجهولين أحرقوا سيارة قاض آخر في محافظة المنيا جنوبي القاهرة.
* طلب الحماية
يحظر القانون على القضاة العمل بالسياسة لكن منتقدين وجماعات حقوقية تقول إن مجلس تأديب وصلاحية القضاة غض الطرف عمن يؤيدون السيسي صراحة من رجال القضاء.
وقالت مصادر قضائية إن مجلس التأديب أمر بإحالة 41 قاضيا للتقاعد في وقت سابق من العام الجاري بسبب تأييدهم للإخوان المسلمين.
وأصدرت المحاكم أيضا أحكاما بالسجن لمدد طويلة على نشطاء ليبراليين وعلمانيين وفي الوقت نفسه برأت محاكم أخرى تدريجيا مسؤولين سابقين كانوا مقربين من مبارك.
ودعا المستشار حمدي عبد التواب عضو مجلس نادي القضاة الذي يمثل قضاة مصر وزارة الداخلية إلى تكثيف الحماية للجهاز القضائي.
وقال لرويترز “هناك محاكم فى أماكن لا يوجد بها التأمين الكافى. أحيانا تكون المحاكم منعقدة لنظر القضايا والمحكمة معين عليها فردين شرطة فقط. والإستجابة لمطلب التأمين ضرورى فالسلطة القضائية هى الملاذ الأخير لأى مظلوم وأي ضرر يصيبها سيصيب مؤسسات الدولة كلها.”
ورغم أنه يتم تشديد الأمن عادة خلال جلسات المحاكم التي تضم شخصيات كبيرة في الاخوان بصفة عامة فليس من الصعب على أحد أن يحضر جلسات المحاكمة.
وقال عبد التواب “حزننا على شهداء القضاء لن يمنعنا من استكمال رسالتهم ومهمتهم السامية ونحن متواجدين على المنصة وسنحارب الإرهاب بالقانون لأننا رجال قانون.”
أما حسين الرئيس السابق لمحكمة جنايات القاهرة فقال إن الدولة لا يمكنها أن توفر حماية خاصة لنحو 17 ألفا من القضاة ورجال النيابة العامة في بيوتهم وتنقلاتهم ولأولادهم وزوجاتهم.
لكنه أضاف أن بعض زملائه بدأوا يشترون أسلحة من وزارة الانتاج الحربي المصرية.
ونشرت وسائل إعلام مصرية صورة من فيسبوك للقاضي محمد يسري أحد قضاة محكمة الجنايات وهو يحمل سلاحه.
ونقلت عنه صحيفة الوطن قوله على صفحته على فيسبوك “سلاحي جاهز. وديني اللي هيقرب بس أو يحاول يمارس دور الغدر ولو بالهزار لأشطب اسمه من الدفتر. ياروح ما بعدك روح.”