جوكهان باجيك
ثمة شائعة تنتشر في الأوساط السياسية بأنقرة تفيد بأن تركيا تستعد للتدخل في سوريا عسكريا.
إن تركيا بلد غريب. إذ يجب أحيانا الأخذ بعين الاعتبار حتى الشائعات السياسية. وبسبب كثافة الفتن ومشكلة عدم الشفافية في السياسة لا يتيسر تجاهل الشائعات دوما قائلين: “ما هي إلا مقولة أخرى لا أصل لها”.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]علينا أن ندرك أولا أن المسألة السورية “ذات أهمية ثورية” بالنسبة للسياسة الخارجية التركية.فهذه هي المرة الأولى التي تسعى فيها تركيا صراحة لإسقاط نظام في دولة مجاورة لها. وتدرب مقاتلي المعارضة لتحقيق ذلك. وتدعم الفرق المعارضة للأسد بمساعدات كبيرة بما فيها الأسلحة.[/box][/one_third]فبعض الشخصيات البارزة في حزبي الشعب الجمهوري والحركة القومية تداولوا في اليومين الأخيرين هذه الشائعات التي تفيد بالتدخل العسكري التركي في سوريا.
لكن إذا ما تذكرنا تصريحات بعض كبار السياسيين، التي كشف عنها النقاب منذ وقت طويل، ودققنا فيها لتبين لنا احتمال وقوع هذا التدخل فعلا.
وحتى لو لم يكن هناك اعتراف رسمي فإن تركيا طرف في الحرب السورية منذ البداية.
وعلينا أن ندرك أولا أن المسألة السورية “ذات أهمية ثورية” بالنسبة للسياسة الخارجية التركية.
فهذه هي المرة الأولى التي تسعى فيها تركيا صراحة لإسقاط نظام في دولة مجاورة لها. وتدرب مقاتلي المعارضة لتحقيق ذلك. وتدعم الفرق المعارضة للأسد بمساعدات كبيرة بما فيها الأسلحة.
لكن ذلك كله لا يعني أن تدخل تركيا بقواتها العسكرية إلى سوريا. لأن إرسال الجيش إلى سوريا لتغيير النظام فيها يُدخل السياسة في مرحلة مجهولة.
ويجب التنويه هنا ببعض النقاط .
أولا: ماذا ستكون غاية الجيش التركي في سوريا؟ هل هي تأمين مناطق عازلة؟ أم هل هي محاربة النظام فيها مباشرة إلى جانب قوى المعارضة؟ فهذان الاحتمالان ليسا سهلين.
وعندما نتحدث عن سوريا فإننا نتحدث عن بلد تدور فيه حروب ميدانية ضروس ظالمة. وبعض الخطط التي يرسمها السياسيون في أنقرة قد لا تتوافق مع الواقع في سوريا التي تشهد حربا أهلية.
ثانيا: قد تنجح بعض العمليات الرمزية في سوريا. ولكن ماذا سيكون موقف إيران وروسيا إذا كانت هناك محاولة حقيقية لتغيير الموازين فيها جذريا؟ فمنذ أيام أعلن حزب الله أنه يخوض حربا ضد جبهة النصرة. فإذا أرسلت تركيا بعض جنودها ليحاربوا إلى جانب جبهة النصرة فما الذي سيفعله حزب الله وإيران؟
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]للأسف يجب أن نأخذ بعين الاعتبار بعض الأمور التي لا يوافق عليها إنسان عاقل في الظروف العادية بسبب ما وصلت إليه السياسة التركية. ولكن علينا أن نتساءل: هل يكون تأثير دفع الجيش للتدخل في سوريا لدى الناخبين في صالح الحزب الحاكم؟ وهل يمكن أن يُعد ذلك مكسبا استراتيجيا.[/box][/one_third]ثالثا: هناك تفرقة متطورة بين أهل السنة والشيعة في المنطقة، فالتدخل العسكري التركي في سوريا سيزيد من الفتن بين السنة والشيعة خصوصا إذا ما نظرنا إلى موقف دول المنطقة من التطورات الأخيرة في اليمن.
وإن إيران، التي تتعرض لخسارة استراتيجية على الساحة السورية، ستقوم بالرد على تركيا. وليس من الضروري أن يكون رد إيران عسكريا.
وباختصار، فالتدخل العسكري التركي في سوريا سيؤدي إلى تطوير مشاكل استراتيجية إقليمية لا مفر منها سواء كانت قصيرة الأمد أو طويلة الأمد.
وهل يكون من الصواب لتركيا أن تتدخل عسكريا في سوريا كما ورد في الشائعات من أجل الدعاية الانتخابية؟
وهل يمكن إجراء مناورة عسكرية بسيطة على نطاق ضيق، وتضخيم ذلك إعلاميا وتصويره للرأي العام التركي على أنه ملحمة؟
للأسف يجب أن نأخذ بعين الاعتبار بعض الأمور التي لا يوافق عليها إنسان عاقل في الظروف العادية بسبب ما وصلت إليه السياسة التركية. ولكن علينا أن نتساءل: هل يكون تأثير دفع الجيش للتدخل في سوريا لدى الناخبين في صالح الحزب الحاكم؟ وهل يمكن أن يُعد ذلك مكسبا استراتيجيا.
ومهما يكن من أمر فإن الحرب في سوريا لا يمكن التنبؤ بعاقبتها. فرب مغامرة تبدأ بأهداف صغيرة قد يبدو من الممكن السيطرة عليها لكنها تؤدي إلى عواقب وخيمة متتابعة.