سلجوق جولطاشلي
هناك مباحثات في بروكسل حول إجراءات الحكومة التركية، وثمة تبادل حيوي للأفكار. لكن ليست هناك أية إشارة أو تلميح إلى اسم رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو في هذه النقاشات الحيوية. فأردوغان هو الوحيد الذي يقف في محور التحليلات والنقاشات. والكل يتطلع إلى أفكار وأقوال أردوغان ويتحدث عنه.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ] أفاد أحد المسؤولين عن السياسة التركية في بروكسل بأن داود أوغلو يحاول تحديد وجهته التي سيسير إليها. ولم يقرر بعد ما الذي سيفعله وما الذي لا يجب عليه فعله. ويخيم الغموض على بداية ونهاية حدود صلاحياته. وهو يحاول أن يجد لنفسه مجالا بينما يُسحق في ظل أردوغان.[/box][/one_third]إذا ركبتم سيارة أجرة في إسبانيا لقال لكم السائق إن أردوغان” ديكتاتور”، وإذا ذكرتم اسم داود أوغلو لا تلاحظون لديه أي رد فعل. إذ لم يسبق له أن سمع اسمه.
في القاهرة كذلك يتطلع الموالون للسلطة والمعارضون لها إلى أردوغان وأخباره.. ما الذي يقوله؟ وكيف ينظر إلى الأمور؟ وحين سألنا صحفيا مصريا عن داود أوغلو قال لنا: “ليست له شخصية سياسية، بل هو جزء من نظام أردوغان” دون أن يطيل الحديث عنه، وهو يجعلنا نشعر بأنه لا يحس بحاجة للمزيد من التعليق.
وقد أفاد أحد المسؤولين عن السياسة التركية في بروكسل بأن داود أوغلو يحاول تحديد وجهته التي سيسير إليها. ولم يقرر بعد ما الذي سيفعله وما الذي لا يجب عليه فعله. ويخيم الغموض على بداية ونهاية حدود صلاحياته. وهو يحاول أن يجد لنفسه مجالا بينما يُسحق في ظل أردوغان.
أما عن حقبته كوزير للخارجية فيقول: ” كان يلقن الدروس لكل من صادفه، وكان يسبب الانزعاج لمحاوريه، لكنهم كانوا يستمعون إليه من باب اللباقة وكانوا يضبطون أعصابهم”.
وكان أحد الدبلوماسيين في واشنطن قد روى قصة منذ أعوام عديدة، وأصر على أنها حقيقية، فحين أنهت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون مهامها في الوزارة قالت مازحة: “إن أحسن ما في التخلي عن هذا المنصب هو التخلص من دروس داود أوغلو”.
ولما كان” الأستاذ الجامعي” وزيرا للخارجية كان يعطي الدروس ويزعج محاوريه لكنه كان يحظى بشيء من الاحترام لعلمه. ولم تكن أطماعه آنذاك غطت على بصيرته ولم يكن حبه في الترقي على مدارج السياسة صارت غايته القصوى بعدُ.
والآن أصبح في هذا البلد رئيس وزراء حاضر غائب. فالعالم لا ينظر إلى “الأستاذ الجامعي” على أنه رئيس الوزراء. وحتى في الإعلام الموالي للحكومة ليس له مكان إن لم يفسح له أردوغان بعض المجال. ولذلك هو يبحث عن وسيلة ليكون له أيضا مجال في جدول الأعمال، ومحل في الإعراب. وأرخص وسيلة لذلك هي أكاذيب “الكيان الموازي” والافتراء على الأستاذ فتح الله كولن.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ] الآن أصبح في هذا البلد رئيس وزراء حاضر غائب. فالعالم لا ينظر إلى “الأستاذ الجامعي” على أنه رئيس الوزراء. وحتى في الإعلام الموالي للحكومة ليس له مكان إن لم يفسح له أردوغان بعض المجال. ولذلك هو يبحث عن وسيلة ليكون له أيضا مجال في جدول الأعمال، ومحل في الإعراب. وأرخص وسيلة لذلك هي أكاذيب “الكيان الموازي” والافتراء على الأستاذ فتح الله كولن.[/box][/one_third]ويستمر داود أوغلو، الذي لا تبدو الابتسامة في وجهه حقيقية، في تكرار الافتراءات ضد حركة الخدمة من خلال العناوين العريضة في جريدة ميللِّيت التي تقدم الدعم للإعلام الموالي من الخارج بعد أن جعل أردوغان صاحبها يبكي نتيجة توبيخه له. إحدى تلك الافتراءات أكبر من الأخريات بكثير. وهي أن داود أوغلو يدعي بأن الأستاذ كولن بعد عمليات الكشف عن الفساد في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2013 كان سيعود إلى تركيا كعودة االخميني لإيران. وكان هذا الافتراء على الأستاذ كولن أكثر الافتراءات ابتذالا وكراهية ووقاحة وجريا على ألسنة أعداء الإسلام إبان أيام الانقلاب العسكري. وكان أكثر الداعمين لهذه الفكرة في أمريكا هم المحافظون الجدد neo-con الذين يكرهون حزب العدالة والتنمية أيضا. إن داود أوغلو ومستشاريه الذين لا يفارقونه هم أكثر الناس إلماما بمقالات مايكل روبن وراشل شارون-كرسبين وأمثالهما.
من المثير أن يكرر داود أوغلو هذه الافتراءات المتعلقة بالخميني حول الأستاذ كولن. لأنني حضرت واستمعت إلى دروس”الأستاذ الجامعي” (داود أغلو) التي كان يثنى فيها على الخميني، وهذا ما يثير الاستغراب. وهو يقول اليوم قاصدا بكلامه الأستاذ كولن: “لقد كنا على علم بما كان يخطط له في الخارج”. وقد قام بتكذيبه أولا محامو الأستاذ كولن وبعدهم رئيس الجمهورية التركي السابق عبد الله جول الذي يرجع الفضل إليه في تقديم داود أوغلو ولمعان نجمه في عالم السياسة.
ومن حقنا أن نسأله: “ما دمت كنت على علم بما كان الأستاذ كولن يخطط له في الخارج فلماذا قمت بزيارته بصحبة عائلتك وأطفالك؟ وما دمت كنت تدري أنه كان يخطط لانقلاب في شهر ديسمبر لماذا لم تتخذ التدابير اللازمة لمنعه؟
ألا يعتبر هذا الانغماس في هذا الكم الهائل من الافتراءات بعد أن انكشف كذبكم المتعلق بالقاضيين قبل غروب الشمس أكثر من اللازم ولو كنا على مشارف الانتخابات؟ ومضت قرابة 10 أيام على قولكم “تلقوا تعليمات من بنسيلفانيا. ولدينا وثائق تثبت ذلك”. فأين هذه الوثائق التي بحوزتكم؟ وبما أنكم تشاركون في الحملات الانتخابية فلماذا لا تفصحون عن تلك الوثائق وتبرزوها أمام الحشود؟
وأود أن أنهي هذا المقال بسؤال: مَن مِن المشاهير هو صاحب هذه المقولة: “ما من سياسي يقترب من العلم أو العالم إلا ويعلو شأنه وما من عالم يقترب من السياسة أو السياسي إلا وينخفض شأنه”؟!.