إسطنبول (زمان عربي) – جامع السلطانة (الأميرة) مهرماه في حي أوسكودار بالشطر الآسيوي لمدينة اسطنبول هو أحد أهم معالم اسطنبول التي تستحق الزيارة.
نحن الآن في جولة داخل أحد هذا الجامع لنتعرف على أحد أبرز معالم أوسكودار؛ داخل شمس أوسكودار وقمرها، واسم الأميرة مهرماه هو اسم فارسي، فمهر هي الشمس وماه هو القمر باللغة الفارسية، وجولتنا تبدأ بإقامة الصلاة داخل الجامع، بعد سماع الآذان بصوت بديع.
مهرماه سلطان؛ إنها الابنة الوحيدة للسلطان سليمان القانوني من السلطانة هُرّاَمْ، المعروفة بجمالها وحسنها. واسمها الذي يجمع بين “الشمس” و”القمر” في معناه باللغة الفارسية، يعكس عراقة شخصيتها وأصالتها. نحن الآن في جامع السلطانة مهرماه، أو كما يطلق عليه أهالي أسكودار “جامع المرفأ”،لأداء صلاة الجمعة.
شيد الجامع في البداية ككلية (مجمع) عثمانية على يد المهندس المعماري المعروف سينان، يضم في مركزه الجامع وهو محاط بمطبخ كبير، ومشفى، ومدرسة. وإن منطقة أوسكودار تستحق بموقعها المتميز أن تكون مركزا لمدينة إسطنبول…
وقبل أن نبدأ جولتنا في محيط الجامع، نشير إلى أن منطقة أوسكودار هي حي له خصوصية بذاته وله شخصيته الفريدة؛ ولذلك يتمتع بوجود العديد من الأماكن الأثرية الجديرة بالزيارة.
1- السوق البلدي (سوق البادية)
يمكننا أن نقول إن هذا المكان المليء بصغار التجار والمحال التجارية القديمة هو أبرز معالم منطقة أوسكودار، آخر محطات المنطقة في الشطر الأسيوي. ويوجد السوق في قلب المنطقة. نبدأ بزيارة سوق المعماري سينان الذي يضم محال الأسماك وتشكيلة من المحلات التي تبيع الكثير من المستلزمات والمنتجات.
2- قراءة الفاتحة في ضريح أحد أولياء الله الشيخ مصطفى دواتي
قبل الصلاة نبدأ بزيارة ضريح الشيخ مصطفى دواتي، أحد أولياء الله. نجده في الجزء المطل على شارع هورهور، من الجامع. الشيخ مصطفى دواتي هو أحد تلاميذ الشيخ عزيز محمود هدائي، أحد أولياء الله الذين نشأوا في الأناضول، عاش في القرن السابع عشر الميلادي. ونقرأ الفاتحة على روحه ثم نغادر الضريح نحو المتحف المفتوح في هذه الجولة.
3- مسجدان باسم السلطانة مهرماه في إسطنبول
تضم مدينة إسطنبول جامعين يحملان هذا الاسم: الأول في منطقة أوسكودار، والثاني في منطقة أدرنة كابي. بدأت أعمال تشييد الجامع عام 1540 على يد المهندس المعماري سينان، بأوامر من السلطان سليمان القانوني، وافتتح للعبادة عام 1548. يعتبر هذا الجامع آخر الجوامع التي استخدم فيها المعماري سينان تقسيم الرواقين في أعماله الأولى. وتدور حول هذا الجامع العديد من الأساطير: أبرزها أن المعماري سينان أبدع في تشييد الجامع لعشقه للسلطانة مهرماه. فقرر أن يجسد حبه الأبدي في جامع تغرب الشمس عند واجهته الخلفية، ويطلع القمر عند الجهة الأخرى في شهري أبريل/ نيسان ومايو/ آيار من كل عام.
نعود مرة أخرى للجامع للصلاة. ولكن لا يجب أن تفوتكم مشاهدة الساعة الشمسية الموجودة في صحن الجامع لتدل على ساعات صلاة الظهر والعصر. ولا يفوتكم أيضًا النظر إلى جمال البسفور من حديقة الجامع، على الرغم من اكتظاظ حركة السياحة في المنطقة وناطحات السحاب التي تشوه منظر إسطنبول التاريخية. ولا ننسى أن نقرأ الفاتحة للسلطانة مهرماه قبل أن نغادر الجامع الذي يحيي اسمها.
4- الاستمتاع بجمال البسفور
الحمد لله أدينا صلاة الجمعة في جماعة داخل أحد لآلئ إسطنبول التاريخية. والآن نتجه إلى الشريط الساحلي المتجه نحو جسر البسفور. هذا هو الساحل المفتوح للجميع على الجانب الآسيوي من منطقة الأناضول. إلا أن هذه الفرصة لا تكون متاحة بعد الجسر الأول في اتجاه الجسر الثاني بسبب القصور المبنية على الساحل مباشرة. ولذلك أدركوا قيمة تنزهكم بالشطر الآسيوي من إسطنبول. ومن يتعب يمكنه الجلوس على أحد المقاعد المطلة على البسفور، ويستمع لصوت الماء الصادر من داخله وصوت الطبيعة من حوله.
5- لا تفوّتوا فرصة التنزه في الأماكن الخضراء
نكمل سيرنا نحو منطقة ميناء الباشا. سنجد على الجانب الأيمن من الطريق بستانا مطلا على البسفور… هذا هو وقت الذهاب لبستان فتحي أحمد باشا. فقد شهد هذا المكان حادثا مأساويا؛ إذ تم حرق وهدم قصر حسين عوني باشا التاريخي من أجل الأرباح والمكاسب المادية حسب الادعاءات الشائعة. ويمكننا أن نتناول وجبة الغداء في هذا المكان الرائع الذي تديره بلدية مدينة إسطنبول.
6- لا يمكننا إنهاء جولتنا من دون زيارة حي كوزجونجوك
بعد تناول وجبة الغداء والاستراحة يمكننا الآن استكمال جولتنا نحو حي كوزجونجوك أحد القرى المطلة على البسفور. في البداية نتناول الشاي في المقهى المطل على البسفور من خلف محطة الأتوبيس. يقول الرحالة أوليا شلبي إن هذا المكان استلهم اسمه من أحد الأولياء الذي كان يدعى كوزجون بابا في عهد السلطان محمد الفاتح. وتعتبر المنطقة التي تجمع بين الجامع والكنيسة نموذجا للتسامح الديني. ويعرب أهالي المنطقة عن حبهم الشديد للمكان، لذلك ينزعجون من إقامة مواقع تصوير الأفلام أمام منطقتهم.وتعتبر اللافتات التي علقها أهالي المنطقة “ممنوع التصوير” دليلا على انزعاجهم من أعمال التصوير المتكررة بالمنطقة.
وننهي جولتنا هنا سيرا في أزقة وحارات هذا الحي الرائع ببطء لأنه يعيدنا إلى أيام طفولتنا مرة أخرى.