مصطفى أونال
اتحد حزبا “السعادة” و”الوحدة الكبرى” في الآونة الأخيرة ويدخلان الانتخابات معا. وكانت قائمة مرشحيهما ناقصة فاكتملت لاحقا.
وأطلقوا على الكيان الجديد اسم الاتفاق الوطني. وكلمة وطني تناسب الرؤية السياسية لكلا الحزبين، كما تناسب الظروف الحالية أيضا. فقد كان هذا اختيارا موفقا. وهو تطور مهم في واقع الأمر. ولكن لم يُروَّج له كثيرا وسائل الإعلام. ولم يتم النقاش حول المرشحين ولا برنامجهما الانتخابي. وقد دخل البلد في جو الانتخابات. أما البيان الانتخابي للاتفاق فسيعلن عنه في أنقرة نهاية هذا الأسبوع. وبعد ذلك سينظمون الفعاليات الشعبية في الساحات أمام الجماهير.
أعلمُ أن جدول الأعمال في تركيا الآن يركز على السياسة الخارجية. على المسألة الأرمنية. وكأن حكومة حزب العدالة والتنمية فوجئت بالأمر ولم تستعد له. رغم أن ما سيحدث كان متوقعا من قبل. إلا أن الحكومة لم تتخذ التدابير كما ينبغي. بل اكتفت بانتظار الخطر الداهم. وبعد فوات الأوان اكتفت بتكرار الأدبيات التركية التي غدت معروفة للعيان. وقد كان بإمكانها تنفيذ حملات ذات أصداء مؤثرة على الساحة الدولية.
وقبل أن أشتت الموضوع أكثر أودُّ لفت الانتباه إلى الاتفاق الوطني. فالسياسة التركية بعيدة عن الاتفاق والإجماع والتحالف. والأمثلة على ذلك قليلة جدا. ولذلك فإن الاتفاق بين حزبين قبل الانتخاب أمر يعتبَر تطورا مهما. وكان أكثر الاتفاقات نجاحا في تركيا في عام 1991، حيث تحالف فيها 3 أحزاب (الرفاه والحركة القومية والديمقراطي الإصلاحي) لتجاوز العتبة الانتخابية (الحصول على 10% من إجمالي أصوات الناخبين). وكلها حققت النجاح.
وقد حقق حزب الرفاه قفزة نوعية وفاز بالانتخابات المحلية والعامة وأصبح الحزب الأول وأسس الحكومة، بعد أن كان لا يتجاوز العتبة الانتخابية.
الجو السياسي مهم جدا بالنسبة للتحالفات، فلا يمكن تحقيق التآزر في جميع الأوقات، وأحيانا تتزعزع التحالفات. وثمة جو ملائم للتحالفات في تركيا هذه الأيام. في البداية كان التحالف ثلاثيا، بحيث كان يشتمل على حزب الحركة القومية، ولكن حزب الحركة القومية لم يقبل بذلك. وقالت إدارة الحزب إنها لا تعاني من المشاكل. نعم حزب الحركة القومية ليست لديه مشكلة في تخطي العتبة الانتخابية ولكن لديه مشكلة في تسلم السلطة. ولو أن هذا الاتفاق تحقق شاملا لزاد احتمال الحصول على الأصوات بنسبة أكبر، ولوُجد بديل بالنسبة للذين يصوتون لصالح العدالة والتنمية بحجة أنه ليس هناك بديل له.
وما الذي يتأتى من تحالف حزبي السعادة والوحدة الكبرى؟ أولا لا يخفى على أحد موضوع تخطي العتبة الانتخابية. ولكن المهمة كبيرة. فحزب السعادة هو حزب الرؤية القومية التي تركت بصمة في السياسة التركية. وهو الأب الروحي للعدالة والتنميةإذ خرج حزب العدالة والتنمية من عباءته. أما حزب الوحدة الكبرى فهو حزب الراحل محسن يازيجي أوغلو. وهو الذي انشق عن الحركة القومية. ولم يكن لهما حضور كبير في صناديق الاقتراع حتى الآن، ولكن احتمال حصولهما على الأصوات بقدر كاف ليس ضعيفا. في حين أن حزب العدالة والتنمية قلق إزاء تخطيهما العتبة الانتخابية. فقد انقطع عن ماضيه، حيث إن عبد الله جول وبولنت أرينتش قد خرجا من اللعبة. وابتعد حزب العدالة والتنمية عما كان عليه في 2002، وأصبح حزب أفكان آلاء وسليمان صويلو. وإن حزب الحركة القومية يمشي بخطوات ثابتة ولكن الرياح الدافعة تزيد من سرعته. ولو أنهم استفادوا من إمكانياتهم كما يجب قد يكون بإمكان الاتفاق الوطني أن يصل إلى أول أهدافه، بحيث يكون بديلا للعدالة والتنمية. وليس من الصعب أن نرى الحماسة التي يشهدها كلا الحزبين. فزعيم حزب السعادة مصطفى كامالاك وزعيم حزب الوحدة الكبرى مصطفى دستيجي يرون أن الاتفاق عبارة عن مسيرة مباركة. وكلاهما في غاية السعادة. وقال أحد أعضاء حزب السعادة: “الحماس لدى القاعدة الشعبية للحزبين ممتاز، إلى درجة لم نشعر بها منذ وقت طويل، وقد راجعنا الكثيرين لتنفيذ مهام في المرحلة الانتخابية والأصوات التي فقدناها سابقا بدأت تعود إلينا”.
ويُفضَّل أن نتابع الاتفاق الوطني عن كثب. ولعله يكون له دور مهم في تحديد مصير الانتخابات في 7 يونيو/ حزيران المقبل.