القاهرة 21 أبريل نيسان (رويترز) – حلم الرئيس المصري المعزول محمد مرسي يوما ما خلال حكمه الذي استمر عاما بنهضة لمصر “بمرجعية إسلامية”. لكن الحلم صار أبعد ما يكون اليوم الثلاثاء عندما قضت محكمة بسجنه 20 عاما في قضية أدين فيها مع آخرين بالعنف وخطف وتعذيب متظاهرين مناوئين له في ديسمبر كانون الثاني 2012.
وفي أكثر من مرة وصف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي -الذي عزل عندما كان قائدا للجيش مرسي في يوليو تموز 2013 بعد احتجاجات حاشدة على حكمه- جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الرئيس المحكوم عليه بأنها جماعة إرهابية تمثل خطرا وجوديا على بلاده.
وأيد مصريون كثيرون رؤية السيسي بحماس لرغبتهم في عودة الاستقرار إلى البلاد وبالتالي أيدوا حملة شنها السيسي لاحقا على مرسي والقادة الآخرين لجماعة الإخوان المسلمين ومؤيديهم. وقتل في الحملة وهي الأقسى في تاريخ مصر نحو 800 متظاهر.
شاهد المصريون مرسي بعد عزله في لقطات من قفص الاتهام. ويحاكم أيضا معظم قادة الجماعة الأقدم بين الجماعات الإسلامية في العالم العربي وفر الباقون إلى الخارج.
لم تتصور جماعة الإخوان المسلمين أنها ستحكم مصر في يوم قريب لكن انتفاضة 2011 التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك دفعت بها إلى الصدارة ومهدت لإعلان فوز مرسي عام 2012 في أول انتخابات رئاسة حرة في تاريخ البلاد.
ويقول بعض المحللين إن قرار جماعة الإخوان التقدم بمرشح لانتخابات الرئاسة بعد مبارك وتقديمه للمحاكمة شابه سوء تقدير.
وبينما كانت جماعة الإخوان فاعلة وهي محظورة في عهد مبارك فإنها لم تتمكن من التعامل مع التحدي الماثل بإدارة نحو تسعين مليون مصري تقدموا بمطالب واحدة أفضت إلى سقوط مبارك بعد ثلاثة عقود من توليه السلطة.
كان مرسي مثالا على ذلك الفشل. واتهمه بعض المصريين بإساءة استغلال السلطة وإهمال الاقتصاد وهي اتهامات تنفيها جماعة الإخوان.
وكان من شأن شائعات اعتزام مرسي إعطاء حماس جزءا من سيناء أن علقت فوقه طول الوقت سحابة من الريبة.
ووسط احتجاجات الشوارع ظهر السيسي الذي كان مديرا للمخابرات الحربية والاستطلاع بالقوات المسلحة في عهد مبارك معلنا للأمة في منتصف 2013 أن الجيش سيتحمل المسؤولية وينفذ خارطة طريق إلى الديمقراطية.
وقتل مئات من مؤيدي مرسي في فض اعتصامين في القاهرة والجيزة بعد أقل من شهرين من عزله وألقي القبض على معظم قادة الجماعة وآلاف من أعضائها ومؤيديها وهو ما حطم آمال مرسي والقادة الآخرين للجماعة في أن يكون من شأن الاضطرابات السياسية كسر قبضة الجيش.
كان مرسي قد أثار حفيظة كثيرين من المصريين عندما أصدر في أواخر نوفمبر تشرين الثاني 2012 إعلانا دستوريا يوسع سلطاته. وتسبب الإعلان في مظاهرات أمام القصر الرئاسي في ديسمبر كانون الأول 2012 اشتبك خلالها مؤيدون ومعارضون له وسقط نحو عشرة قتلى.
قال أسامة وهو ابن لمرسي لرويترز في مقابلة أجريت أمس الاثنين إن معنويات والده عالية وإنه يقبل التحدي رغم الضغط الذي لا ينتهي عليه من قوات الأمن والقضاة ووسائل الإعلام المناوئة للإسلاميين.
* عزلة في السجن
اختفى مرسي بشكل كبير من المناقشات العامة في مصر.
وقال شادي حامد الخبير في مركز بروكينجز الذي يتخذ من الولايات المتحدة مقرا له “لا يوجد شيء إيجابي يمكن أن يحدث من التفكير في مرسي.”
وأضاف حامد الذي ألف كتابا عن الإسلاميين وانتفاضات الربيع العربي “إن ذلك يمكن فقط أن يؤدي إلى أفكار قاتمة سلبية ليس فقط للمصريين لكن أيضا للولايات المتحدة ولأوروبا.”
دافعت مصر عن الإجراءات التي اتخذتها وأسفرت عن سقوط القتلى من المحتجين بالقول إن الفرصة أتيحت لهم لفض الاعتصام سلميا وإن متشددين من الإخوان المسلمين بدأوا العنف. وتقول إيضا إن جميع المتهمين يمثلون في محاكمات عادلة أمام قضاء مستقل.
في أول ظهور له في المحكمة هتف مرسي “يسقط يسقط حكم العسكر” ولا يزال يقول -علنا على الأقل- إن ذلك سيحدث.
وقال عضو قيادي في جماعة الإخوان متصل بقادتها في السجون وفي الخارج إن الجماعة غير مهتمة بمصالحة مع الحكومة. وقال في اتصال هاتفي “إننا لن نتفاوض في أي وقت كما لم نفعل من قبل.”
مرسي الذي نال درجة الدكتوراه في الهندسة من جامعة في الولايات المتحدة رشح نفسه للرئاسة عندما ثارت مشكلة في ترشح خيرت الشاطر النائب الأول لللمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين للمنصب. وكان الشاطر المرشح المفضل للجماعة.
ولد مرسي لأب فلاح في قرية بمحافظة الشرقية شمال شرقي القاهرة. وكانت رئاسته كسرا للنمط السائد في شغل المنصب منذ ثورة يوليو 1952 متمثلا في رئاسة ضباط من الجيش.
بعض شباب الجماعة لا ينتظرون التعليمات من الجيل القديم وهو ما يشير لاحتمال أن ينفد صبرهم ويحملوا السلاح.
ويقول حامد إن مرسي لا يزال مهما باعتباره رمزا سياسيا لجماعة الإخوان لكن السنوات القادمة المتوقع أن يقضيها في الدوائر القانونية والقضائية أضفت مزيدا من التعقيد على مستقبل الإخوان.
وأضاف أن الجماعة لم يكن أمامها اختيار بعد عزل مرسي واحتجازه سوى التمسك به لأن التخلي عنه يعني التخلي عن الرجل الذي يمثل التفويض الديمقراطي الذي منح لها.