تنقلت في العمل الطوعي في مجال المنظمات كمتعاون وموظف ثم متعاون للرقابة لمدة 13 عاما، لأنتقل بعدها للعمل باحثا في مجال الرأي العام، واستوقفني اسم جمعية كيمسا يوكمو “هل من مغيث” لأسعى بعدها للتعرف عن قرب بهذه المنظمة التركية التي أتت لبلد أفريقي كى تُسهم في مساعدة الانسان لإعمار الخرابات فإذا بهم يحيون خراب نفوسنا أولا بمثال حي نتأسى به ونعين أنفسنا ومجتمعنا عبرهم، فرحبنا بهم وهم يحيون الأمل في الانسان من جديد.
ومن جانب آخر تقدم الجمعية نموذجاً رائعاً كجسر بين مجتمعينا وصورة بهية للدبلوماسية الشعبية التي نجحت في تغيير صورة التاريخ التركي في السودان،
هذه المؤسسة التي اختارت أن تكون مجتمعية وخيرية خالصة يقترن اسمها دائما بالفقر والحاجة والمعونة، فلا تجدها إلا حيث العوز والضعف، لابد أن تجد صعوبات ومعوقات كابتلاءات من الله سبحانه وتعالى وعليهم حينها أن يلتزموا بمزيد من الإخلاص والشفافية التي ستوضح بإذن الله تعالى لجميع الناس مدى اسهامهم، وما هذا التشكيك في المصداقية والاتهامات إلا وسيلة يسرها الله لهم ليعرفهم المزيد ممن يحبون صنائع المعروف ومساعدة الآخرين.
إلى متى يا قلب تغشاك الظنون، إلى متى نتصارع ونُصعّد من خلافاتنا، كم اسفت وتقطع قلبي وأنا أرى ذلك، ولنسأل أنفسنا قبل أن نُسأل، من المستفيد من أي خلاف بين مسلمين? بدون أدنى شك هو العدو الذي يزرع الفتن لتقوية شوكته ويتغذي على ضعفنا ويتضخم بخلافاتنا. فمن العدو?!
لم يقبل عقلي قرار التحقيق بشأن المنظمة بوصفها منظمة إرهابية.. كيف يمكن لمثل هذه المنظمة التي نذرت برامجها من أجل السلام و التعليم ان تتهم باﻹرهاب؟! فإن كان من إرهاب يرهب ويرعب الغرب وأعداء الإسلام والسلام والقيم الإنسانية فهو سعيهم لإعمار الأراضي المحروقة والنفوس المتلهفة للخير، لا شك في أن قوة الخير ترهب، وهذا ما يمكن أن يحققوا فيه.
وقد تابعت بعض أعمالهم ومن ضمن برامجهم التي تابعتها، سعيهم لفتح دار أيتام بمدينة كوستي، وسألت نفسي لماذا لم يهتموا بتوصيل المعلومة للإعلام فلم أر أي إعلامي سوداني في هذا الافتتاح كما لم أجد خبرا عنه في صحف اليوم التالي ولا المواقع الإخبارية?? ليكون الرد أن الصدق والإخلاص الذين يتبنوه في أعمالهم هي وسيلتهم للوصول إلى الله وليس إلى الناس، إخلاص يصاحبه صمت في العمل، لكن الصدق مع الله يسخر لك من يبرزه ومن يسعى لإظهار العمل دون قصد في النية يرفضه الله ويسخط منه الناس، أسأل الله أن يتقبل منهم هذه الأعمال الجليلة التي تعالج النفوس قبل معالجتها للأوضاع المجتمعية المختلفة.
وأذكر أيضاً ما نشرته وكالة الأنباء السودانية (سونا) حول المشاركة التي قامت بها جمعية “كيمسايوكمو” مع مؤسسة الزبير الخيرية ومؤسسة معارج للإسلام والتنمية لإقامة برنامج احتفالي تحت عنوان (فرحة يتيم) بقاعة الصداقة بالخرطوم وسط حضور كثيف لعدد من المهتمين ببرامج رعاية الأيتام. وكان تحت رعاية الرئيس عمر حسن أحمد البشير رئيس الجمهورية. وقد هدف إلى توطيد العلاقات السودانية التركية باعتبارها منظمة من المنظمات الطوعية التركية العاملة بالسودان في المجالات الإنساية والاجتماعية. كمجال تعليم الأطفال في دارفور وإقامة المخيمات الطبية، وحملات صحة العيون، والختان الجماعي إضافة للمساهمة في إنشاء عدد من المستشفيات.
وفيما يخص دارفور، يحضرني هنا موقف غاية في الإبداع، وهو لأحد رجال الأعمال الأتراك وحسبما أذكر اسمه خليل، يقول خليل في مقال صحفي بصحيفة” الصحية” ، حسب اعتقادي أنه ليس من أهل البر والإحسان لكنه ذكر أنه تبرع بأضحية لجمعية كيمسا يوكمو وجاءته إفادة من الجمعية بأن أضحيته تمت بحمد الله، وبعد عام تقريباً سأل عن أضحيته ومكانها فاكتشف أنها كانت من نصيب دار للأيتام بمدينة دارفور، وذكر أنه في زيارة له للسودان زار هذه الدار وتعرف على طفل يتيم، ليتحول هذا التبرع لموقف انساني نبيل، بعد موقف مميز من هذا الطفل الذي فقد والديه مع رجل الأعما ، فيأخذ منه وعدا بأن ينجح في حياته ويساعد الناس فيما بعد وبعده الطفل بذلك، ومن ثم يسهم خليل في مساعدة الطفل واخوته، ويقول إن موقفا مميزاً حدث له أسهم في تنامي تجارته مما دفعه لدعوة إخوته من رجال الأعمال والأغنياء لمساعدة الناس من أجل التوفيق في الدنيا والسعادة في الآخرة.
أحمدعبدالعزيز
باحث في الإعلام والرأي العام – السودان