محمد شتين جوليتش
معدلات الأصوات التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية في السنوات الـ4 الأخيرة:
2011 الانتخابات البرلمانية 49.8 %
2014 الانتخابات المحلية 45.2%
2014 انتخابات رئاسة الجمهورية 51.65%
لم يمضِ سوى 9 أشهر على انتخابات رئاسة الجمهورية، وقد أفادت شركات بحوث استطلاع الرأي المقربة من العدالة والتنمية بأن الدعم الشعبي للحزب تراجع إلى 47 %. في حين أن النتائج التي توصلت إليها الشركات الأخرى تتراوح ما بين 39 و43%.
فأغلب الاستطلاعات تشير إلى تراجع الأصوات.
ولم يكن تصريح رئيس الجمهورية السابق عبد الله جول عن عبث، إذ قال ” ستزداد قوة أحزاب المعارضة في البرلمان بعد الانتخابات المقبلة”.
فما هو سبب هذا التراجع الذي يتعرض له حزب العدالة والتنمية؟
يمكن تلخيص أسباب ذلك في 7 عناوين:
1- انحياز أصوات القوميين الأتراك من العدالة والتنمية إلى حزب الحركة القومية بسبب المباحثات التي جرت بين الحكومة ومنظمة حزب العمال الكردستاني وزعيمها عبد الله أوجلان في سجن إيمرالي غرب تركيا وقياداتها المسلحة في جبال قنديل بشمال العراق.
2- التراجع الاقتصادي ووصول عدد العاطلين عن العمل إلى 6 ملايين شخص. ووجود 29 مليون شخص يعيشون تحت حد الفقر. وزيادة سعر الدولار بنسبة 26% خلال عام واحد. وضياع قيمة رواتب العاملين والموظفين والمتقاعدين وذوبانها بسبب ارتفاع الأسعار. وتضاؤل ثروات رجال الأعمال. وتراكم الديون الخارجية بسرعة شديدة.
3- تشكيل تكتلات في المجتمع والضغوط وتحديد نطاق الحريات. وعملية مطاردة الساحرات إذ بدأت الحكومة تخوّف وترعب شعبها.
4- بناء القصور الفاخرة وشراء أساطيل من الطائرات والسيارات الفخمة في الوقت الذي يعاني فيه الشعب من الفقر. والشعب لا يوافق على محاولة إظهار الدولة قوية من خلال بناء القصور تقليدا للإمبراطورية العثمانية. فالقصر يزعج الجميع. والشعب لا يتسلى بكون دولته قوية في وقت يعاني هو فيه الفقر. وفوق ذلك فإن الدولة ليست قوية كما يحاولون إظهارها. إذ يبنى ما يبنى من القصور بالديون. وثمة تصريح مهم لنائب رئيس الوزراء علي باباجان حيث قال: “لا يمكن الإستمرار على العمل والعيش في الأبينة الفاخرة والبذخ في التسوق من خلال الديون”. وكان حزب العدالة والتنمية قد حصل على الدعم الشعبي عن طريق تركيزه على الشعب بدلا عن الدولة. أما الآن فثمة مشهد معاكس تماما. ولو كانت القصور الرئاسية هي التي تجعل الدول قوية لما كان البيت الأبيض الأمريكي يبدو متواضعا جدا مقارنة مع القصر الأبيض الجديد في العاصمة أنقرة.
5- مغادرة أردوغان حزبه رسميا ولو أنه لم يتركه فعليا، وكان حزب الرئيس الراحل تورجوت أوزال قد ضعف حين غادر حزبه وتولى منصب رئاسة الجمهورية.
6- الفشل الذريع في محاولات إحياء الدولة العثمانية التي انتهجها حزب العدالة والتنمية في السياسة الخارجية. والمشاكل التي ظهرت مع سوريا ومصر والعراق وإيران. وتحول سياسة ” صفر المشاكل” إلى سياسة” صفر حلول”.
7- غياب روح التحديث بسبب التعب الذي طرأ على الحزب الحاكم نتيجة بقائه في السلطة 13 عاما.
وباختصار يمكننا أن نقول:
إن نصف الشعب في تركيا لا ينعم بالسعادة لأسباب عديدة وعلى رأسها المشاكل الاقتصادية، والحكومة تستمر بتوجيه اتهامات للجميع بدلا عن محاولة فهم مشاعر الناس، لكن هذا الأسلوب الفظ الذي استمر تسويقه بنجاح في سوق السياسة لم يعد مرغوبا فيه كما في السابق.