أنقرة (زمان عرب) – كشف حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا عن هدفه الجديد للعام 2023. حيث وُصف البيان الانتخابي الذي قدمه رئيس الحزب رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو بعنوان “بناء تركيا الجديدة”.
لكن ثمة علامات استفهام حول ما إذا كان الحزب سيفي بوعوده المتعلقة بالبيان الانتخابي ووعوده المتعلقة بتركيا الجديدة في 2023 أم لا. إذ أنه كانت هناك أهداف مشابهة في البيان الانتخابي لسنة 2011 وكان عنوان ذلك البيان هو “تركيا مستعدة والهدف هو 2023”. لكن ذلك كله بقي حبرا على ورق.
وكان بيان 2011 مؤلَّفا من خمسة بنود رئيسية وهي “ديمقراطية متقدمة، اقتصاد عملاق، مجتمع قوي، بيئة صالحة، تركيا دولة نموذجية من خلال مدنها المثالية”.
وعدوا بديمقراطية متقدمة لكن تركيا باتت تحت حكمهم من أكثر الدول انطواء على ذاتها في العالم.
كان الهدف هو “تأسيس نظام عادل يحقق الأمن، والانتقال من مرحلة قانون الأسياد إلى سيادة القانون”. لكن بعد عمليات الفساد 17- 25 ديسمبر/ كانون الأول 2013 على وجه الخصوص دخلت تركيا في مرحلة قانون الأسياد بكل معنى الكلمة، وساد المفهوم بأن الديمقراطية هي عبارة عن صندوق الاقتراع، وانتُهك الدستور وأصبح القانون تحت الأقدام.
وانقسم المواطنون ما بين الناخبين المصوتين للعدالة والتنمية والآخرين من خلال مقولة ” الـ50%” المؤيدون للحزب الحاكم. وكل القطاعات أصبحت تشهد عقلية الدولة المتجبرة. وخير دليل على هذا هو قانون الأمن الداخلي الذي صدر مؤخرا.
كما تعرضت مؤسسات المجتمع المدني لضغوط كبيرة وهي من أهم رموز الديمقراطية.
وأُعيد تفعيل مجلس الأمن القومي وهو أهم مؤسسة ترمز لعهود الانقلاب، وبدأ المجتمع يتعرض للضغوط بسبب القرارات الصادرة عن هذا المجلس.
وأهم وعد يتضمنه بند “الديمقراطية المتقدمة” هو الدستور الجديد الذي كان أبرز ما ورد في خارطة الطريق إلى 2023 كما كان يقال، لكن ذلك لم يتحقق رغم الحصول على 50% من الأصوات، وراحت التوقعات ضحية إصرار أردوغان على الانتقال إلى النظام الرئاسي.
لم يفوا بوعدهم بتقديم الدعم للمتزوجين حديثا
كان من المزمع البدء بمشروع دعم حديثي الزواج أو المقدِمين على الزواج لدعمهم في تأسيس بيت الزوجية. حيث قالوا: “سنتكفل بهذا البرنامج من أجل الأزواج الذين قاموا بمراجعتنا، وسوف نساهم في تأثيث البيوت مثل شراء الآلات الكهربائية والأثاث وغيرها، بالإضافة إلى توفير سكن بالتقسيط المريح لمدة 25 عاما دون دفعة أولية” وهذا أيضا بقي حبرا على ورق.
كان هناك هدف رفع مستوى التصدير إلى 500 مليار دولار في 2023
كان هذا من أكبر وعود العدالة والتنمية، لكن تركيا صدرت ما قيمته 160 مليار دولار في السنة الماضية. وتضاءلت صادراتها تضاءلت في الأشهر الأخيرة بنسبة 10%، وهذا يعني أن الصادرات ستنخفض في 2015 إلى 150 مليار أي ما يعني الابتعاد بسرعة عن هدف 2023. كما أن هدف إيصال الدخل الفردي إلى 20 ألف دولار سيكون صعب المنال. ففي السنوات الأربع الأخيرة كان الدخل الفردي 10 آلاف دولار وفي هذه السنة أصبح 9 آلاف دولار.
إلغاء المشاريع العملاقة (الجنونية)
وكانت تأسيس مستشفيات المدن من أكبر المشاريع التي وعد بها حزب العدالة والتنمية. لكن لم تظهر إجراءات لتنفيذ هذا المشروع بسبب صعوبة التمويل ولتحوله إلى مشروع ربحي.
وكان هناك وعد بتحويل المدن التركية وخصوصا المدن الكبرى إلى مدن نموذجية راقية مع حلول عام 2023. لكننا لم نجد شيئا من ذلك على أرض الواقع ولم تبق أية قيمة لوعدهم هذا أيضا. بل على العكس تماما تتحول المدن التي كان لها تخطيط جيد نسبيا إلى مدن محرومة من التخطيط والجمال المعماري بسبب مشاريع البناء التي تعتمد على كسب أعلى نسبة من الأرباح.
فقد كانت المشاريع الجنونية رمز حملة انتخابات 2011 لحزب العدالة والتنمية. فقد ادعوا أنهم سيبدؤون في مشروع قناة إسطنبول في خلال عام بعد تلك الانتخابات لكنهم لم يبدؤوا فيه حتى الآن. وذهبت المشاريع المخطط لها في شطري إسطنبول أدراج الرياح. كما أن مشروع الربط بين مركز مدينة أنقرة والمطار بواسطة السكك الحديدية كان من تلك الأهداف ولم يُنفذ.
العودة إلى مقولة “ليست هناك مشكلة كردية”
فيما يتعلق بالقضية الكردية كانوا يقولون في السابق “سنجد الحلول للقضية الكردية بطريقة تعزز أخوَّتنا عبر إطلاق الحريات والديمقراطية” لكنهم أصبحوا اليوم يقولون: “عن أية مشكلة كردية تتحدثون أنتم، ما الذي ينقصكم يا أكراد”
من سياسة صفر المشاكل مع الجيران إلى سياسة إحداث المشاكل مع الجميع
لا شك في أن سياسة حل المشاكل التي ذكرها داود أوغلو كانت من الاستراتيجيات الأساسية التي حققت الشعبية العالمية للعدالة والتنمية. ولكن الحملات الدبلوماسية الخاطئة التي سوَّقوها في السنوات الأخيرة أدت إلى عدم بقاء أي صديق للإدارة التركية. وباتت تركيا تعيش المشاكل مع جميع دول الجوار.