مصطفى أونال
يوم أمس كان أطول يوم في السياسة. وكانت الأنظار متجهة إلى أنقرة. أي إلى قائمة المرشحين للبرلمان. إن حزب السعادة وسع من نطاق التحالف مع حزب الوحدة الكبرى .
وكانت المفاجأة هي أن حزب العدالة والتنمية الحاكم عرض التعاون الانتخابي على حزب السعادة في اللحظة الأخيرة. لكن حزب السعادة لم يكترث بذلك كثيرا. بل التفت إلى الأحزاب الأخرى ونجح في تشكيل كتلة مهمة.
يشبه السياسي المخضرم رئيس البرلمان جميل تشيشك أيام تقديم قوائم المرشحين بيوم الحشر، حيث يمتنع الجميع عن خدمة الآخرين ولا يفكر أحد إلا في إنقاذ نفسه، وليس أعضاء البرلمان فقط بل حتى رؤساء الأحزاب لا يفكرون إلا في مصالحهم ليروا أسماءهم في القائمة. وثمة خاسرون في كل الأحزاب. مثل جولدال مومجو وأوموت أوران من حزب الشعب الجمهوري، ومحمد شاندير من حزب الحركة القومية. وكانت نسبة الذين لم تُذكر أسماؤهم في قوائم المرشحين كبيرة جدا. فالبرلمان سيكون فيه أسماء جديدة. فعدد الذين بقوا خارج قائمة العدالة والتنمية توضح الحالة. إذ كان أكثر من 70 نائبا ضحية قاعدة ثلاث دورات للحزب وحرموا من حق الترشح مرة أخرى. و105 آخرين من أعضاء الحزب في البرلمان أيضا لم تُذكر أسماؤهم في القائمة هذه المرة. كما أن هناك الكثير من الذين تم نقلهم إلى مناطق يصعب فيها انتخابهم. ومن المؤكد أن البرلمان سيتجدد بنسبة كبيرة.
وحتى اللحظة الأخيرة لم يسرِّب حزب العدالة والتنمية أي معلومات للخارج. وقد انتشر خبر أن داود أوغلو استحلف أعضاء اللجنة في حزبه بعدم الكلام. ولابد أن بعض الأسماء قد تطايرت في الهواء. وكان عثمان جوكتشيك (ابن رئيس بلدية أنقرة مليح جوكتشيك) مثيرا للجدل. فقيادة الحزب أولت عنايتها بمكانة بولنت أرينتش ولم يخذلوه في رغبته وآثروه على مليح جوكتشيك. رغم أن عثمان جوكتشيك كان يبدو متقدما على منافسيه حسب الاستطلاعات التي أجريت.
مصطفى شنتوب الذي أوصل القائمة لهيئة الانتخابات العليا أرجع سبب إخراج جوكتشك من القائمة إلى القرابة الأسرية. ورغم ذلك فإن صهر الرئيس أردوغان “برات البيرق” قد ذُكر اسمه في قائمة إسطنبول. وما كان يُذكر اسمه بين المرشحين. فكان أحد المفاجآت في القوائم.
أثناء مراجعتي قائمة العدالة والتنمية وخاصة الأسماء المرشحة في المدن الكبيرة لاحظت وجود عدد كبير من الإعلام الموالي إذ نعرف اسم ووجه الكثير منهم من شاشات تليفزيونات الإعلام الموالي.
واللافت كثرة عدد الصحفيين في قائمة العدالة والتنمية من أمثال شامل طيار وحسين يايمان. فثمة تأثير واضح للقصر الرئاسي في القوائم الانتخابية، بل من الممكن أيضا رؤية تأثير الصهر ألبيراق.
حزب الشعب الجمهوري كان أكثر الأحزاب شفافية إذ أجرى انتخابا أوليا لتحديد أسماء المرشحين بنسبة كبيرة. فلذلك كان أغلب مرشحيه معروفين من قبل الرأي العام من قبل. حتى الأسماء التي يحددها رئيس الحزب بنفسه كانت معروفة تقريبا. أوليست هناك مفاجأة؟ طبعا هناك مفاجآت.
كان ترشيح الدبلوماسيين في الانتخابات الماضية لافتا للانتباه، لكن اللافت هذه المرة عدد الصحفيين. كان ترشح أوتكو تشاكير أوزير مفاجئا. حيث دخل في الترتيب الثاني مباشرة في مدينة أسكيشهير بناء على اقتراح كمال كيليشدار أوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري.
فالإعلاميون مثل أنيس بربر أوغلو، وتونجاي أوزكان ، ومصطفى بالباي، وباريش اركاداش ، وآتيلا سرتل من أبرز الأسماء من القطاع الإعلامي. وإلهان كسيجي الذي كان يزاول السياسة في يمين الوسط تم ترشيحه من حزب الشعب الجمهوري اليساري هذه المرة. وثمة نساء في مقدمة مرشحي حزب الشعب الجمهوري. فقدر ازدادت نسبة النساء مقارنةً مع الانتخابات السابقة. واللافت أيضا وجود خبراء اقتصاديين إلى جانب الصحفيين في مرشحي هذا الحزب. وعلينا ألا ننسى الخبير الاقتصادي وزير الاقتصاد الأسبق كمال درويش. لكن مفاجآت اللحظة الأخيرة كانت موجودة في كل الأحزاب.
فعلى سبيل المثال لم يكن ألطان طان يذكر اسمه بين المرشحين بل كان يبدو أن حزب الشعوب الديمقراطية الكردي ودعه، لكنه دخل في القائمة في اللحظة الأخيرة. إذ كانت هناك أصوات معترضة ترتفع من قاعدة شعبية الحزب والرأي العام على السياسة بدون طان. فأعادت قيادة الحزب النظر في قرارها وأصبح طان مرشحا عن مدينة ديار بكر. وفي مدينة شانلي أورفا مرشح من عائلة أوجلان.
أما مفاجأة حزب الحركة القومية هو أكمل الدين إحسان أوغلو الذي استجاب لدعوة الحزب لترشيحه للبرلمان وكان اسمه على رأس قائمة إسطنبول، وهو الذي رشحته المعارضة لرئاسة الجمهورية في الإنتخابات الرئاسية. وقد اختفى عن الأنظار بعد الانتخابات الرئاسية وانزوى في بيته معلنا أنه سيبقى بعيدا عن السياسة، حتى إن اسمه لم يعد يذكر مطلقا إلى الأيام القليلة الماضية إذ بدأ يرد اسمه في كواليس أنقرة.
خلاصة القول إننا سنتحدث كثيرا عن قوائم الانتخابات.