بقلم: عمر نور الدين
أبعدوه بطريقة غير لائقة .. والآن احتاجوا إليه فبدأوا تبادل الأدوار في إطلاق التصريحات كالعادة.. ينتظرون منه إنقاذهم بعدما لاحظوا أن المركب الذي حملهم لمدة ثلاثة عشرة عاما بدأت تتقاذفها الأمواج وأن دفتها قد تفلت من بين أيديهم.
بات الرئيس التركي السابق عبد الله جول هو الأمل للخروج بحزب العدالة والتنمية الحاكم من عنق الزجاجة في الانتخابات البرلمانية التي ستشهدها تركيا في السابع من يونيو/ حزيران المقبل.
هكذا اكتشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس وزرائه أحمد داوداوغلو الحقيقة، وأن حساباتهم وتقديراتهم السابقة للموقف لم تكن صحيحة.. فأراد أردوغان تحديدا، على اعتبار أنه المالك الحصري لمعادلة السياسة والحكم في تركيا، إطلاق التصريحات التي تدعو عبد الله جول للعودة لإنقاذه مرة أخرى كما سبق وأنقذه من قبل.. وبعد أن كان داود أوغلو، الذي كان لجول الفضل بالدفع به إلى ساحة السياسة في تركيا إلى أن أصبح رئيسا لحكومتها، يطلق تصريحات مفادها أن جول لن يعود فورا بعد أن قال أردوغان إنني أرحب بعودته إن هو اتخذ قرارا بذلك.
ألم يكن جول أخاكم الذي قذفتموه بنيرانكم الصديقة.. ألم يكن هو مؤسس حزب العدالة والتنمية مع أردوغان وبولنت أرينتش وعدد آخر من دائرة محدودة تكسرت أو كادت بسبب أحلام الانفراد والهيمنة على مقاليد الحكم كلها وتركيزها في يد شخص واحد.
لقد جرى إبعاد قسري لجول عن دنيا السياسة بعد أن انتهت فترته الرئاسية التي امتدت لسبع سنوات عرفت فيها تركيا نظاما مؤسسيا للحكم لعب فيه هو دور الضابط والميزان الذي كان يكبح في العديد من المواقف نزق أردوغان للانفراد بالسلطة ونزعته للاستبداد بالحكم.
لاقى جول مالاقى من ضغوط من أردوغان خلال رئاسته للحكومة ورئاسة جول للجمهورية إذ طبق أردوغان الدستور بحذافيره، وهو الدستور نفسه الذي تخلى عنه تماما عندما أصبح رئيسا للجمهورية خلفا لجول.. حتى يصنع من داودأوغلو وحكومته أداة طيعة في يده.
لكن جول يختلف عن داودأوغلو..
هم يلقون إليه بالعروض السقيمة ليعود نائبا بالبرلمان أو ربما يكون رئيسا للبرلمان.. وبالتالي سيكون منصبا شرفيا في ظل رئيس ينفرد بكل أطراف العملية السياسية والاقتصادية، وأحيانا الاجتماعية أيضا، في تركيا.. هل يريدون جول أم يريدون كتلته التصويتية في الشارع وقاعدته داخل حزب العدالة والتنمية، أم يريدون منعه من أن يكون له كيان سياسي خاص ينافس به العدالة والتنمية وقد يثخنه بالجراح؟
لايمكن أن يفترض أحد في شخص بوزن وخبرة جول أنه لايفهم المقاصد أو الأغراض التي استدعى الآن من أجلها للعودة، بل وأن تكون الدعوة من جانب من قصفوه بنيرانهم الصديقة بالأمس القريب.. لقد قالها منذ البداية صراحة أنا أحد مؤسسي هذا الحزب.. وهو الآن يتركهم ليقولوا كل ما عندهم .. لايتكلم كثيرا كالعادة وإذا تكلم كان كلامه موزونا بميزان الخبرة والدبلوماسية وحكمة السياسة.. هم يغازلونه وينادونه .. وهو صامت .. فيما تركيا تنتظره.