إسطنبول (زمان عربي) – لم يسلم القضاء في تركيا في عهد حزب العدالة والتنمية من محاولات السيطرة وإخضاعه لقرارات وأهواء السلطة الحاكمة في البلاد على الرغم من المواد الدستورية التي تنص على وجوب حياديته واستقلاليته بعد أن ظن الجميع أنه سيتحرر من تلك القيود التي فرضها الانقلاب العسكري في 28 فبراير/ شباط 1997المعروف بالانقلاب مابعد الحداثي.
فكما أن منفذي الانقلاب العسكري في 28 فبراير/ شباط قبل حوالي 20 عاماً اجتمعوا مع أعضاء الجهاز القضائي ورسموا لهم “خطة العمل وإطاره” وأجبروهم على الالتزام بهما دون ميل عنهما، كذلك حزب العدالة والتنمية عمل على تأسيس جهاز قضائي تابع له داخل المجلس الأعلى للقضاة والنواب العموم.
القضاء في ظل انقلاب 28 فبرار/ شباط 1997
ضرب قادة الانقلاب العسكري في تركيا عرض الحائط بمبادئ استقلالية وحيادية الجهاز القضائي من خلال الاجتماعات التي عقدوها مع أعضاء الجهاز القضائي. ودخل القضاء تحت عباءة المجلس العسكري. وفي 28 فبراير/ شباط 1997 أصدر مجلس الأمن القومي، ومن بعده اللجنة العليا للقضاة والمدعين العموم قرارا باستبعاد النائب العام بمحكمة أمن الدولة في ذلك الوقت حسين ألطان. أما النائب العام بمدينة يوزجات رشاد باتاك فقد اضطر إلى تقديم استقالته في يناير/ كانون الثاني 1999 بسبب الضغوط التي تعرض لها.
القضاء في 2015
في عام 2015 دخل القضاء تحت عباءة السلطة السياسية الحاكمة في البلاد بعد التعديلات الأخيرة التي أجريت على تكوين المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العموم. وبعد أن استطاع منبر “الوحدة في القضاء” الذي يحصل على دعم مباشر من حزب العدالة والتنمية الحاكم الفوز بانتخابات المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العموم، التي أجريت مؤخرا، تم استبعاد ما يقرب من 8 آلاف قاضٍ ونائب عام. وبهذا قضي على استقلالية وحيادية الجهاز القضائي.
كما أسس أردوغان محاكم الصلح الجزائية التي وصفها بـ” المشروع” أي محاكم أسست من أجل أداء مهمة معينة. وأمر بفتح دوائر جديدة داخل المحكمة العليا، واختار قضاة ومدعين عموم معينين للنظر في القضايا الشائكة.
كما تم تقديم طلب للدائرة الثانية بالمجلس الأعلى للقضاة والمدعين العموم باستبعاد المدعين المشاركين في الكشف عن وقائع الفساد والرشوة التي طالت أردوغان وكبار رجال حكومته في 17و25 ديسمبر/ كانون الأول 2013 ومنهم زكريا أوز، محمد يوزجاتش، جلال كاراه ومعمر أك كاش.
وكان من أبرز وقائع التدخل في عمل القضاء واقعة تدخل وزير العدل بكر بوزداغ في التحقيقات التي تجريها النيابة العامة في مدينتي أضنة وإزمير، عبر مداخلة تليفونية أجراها مع النواب العموم المسؤولين عن ملف التحقيقات. وكانت الصورة الملتقطة آنذاك والتي يظهر فيها بوزداغ وهو جالس على كرسي النائب العام بينما النواب العموم واقفون أمامه صورة رمزية تعكس روح هذه الفترة ومايجري فيها.