بقلم: دانيال حنفي
القاهرة (زمان التركية)ــ هذه أخبار ربما تكون معتادة، ولكن أن يهرب الأسد فهذه فضيحة في حقه وفي حق والده الذي قهر البلاد والعباد لعقود طويلة وأورثها أبناءه يعيثون فيها فسادًا لعقدين ونصف آخرين. وبينما الشعب السوري يحتفل بحريته التي سبق وأن سلبت منه على أيدي فئة قليلة من أبنائه، يثور تساؤل هام قديم جديد: أفلم يكن أولى بالرئيس الهارب أن يترك موقعه في عام 2010 أو عقب ثورة الناس عليه في 2012 وينجو بنفسه وبأسرته وبأمواله الطائلة، ليعيش في بلد آخر في سلام؟.
أفلم يكن أولى بالرئيس الهارب المخلوع أن يرحل بأمواله الطائلة وبأتباعه وزبانيته الذين أذاقوا الناس الخوف والرعب، ليعيشوا سعداء للملوك وأكثر من الملوك في بلد آخر ويكفوا الناس شرورهم ورزالتهم؟ أكثر من الملوك، لأن للملوك الحقيقيين شرفًا ودورًا ومسؤوليات ويكنون الإخلاص والولاء لبلادهم، ولكن المجرمين الهاربين الفارين من العدالة بأموال طائلة والذين أهانوا شعوبهم وسجنوهم وعذبوهم رجالًا ونساء وأطفالًا لا شرف لهم ولا مسؤولية بالطبع وبكل تأكيد .
هرب الأسد المزعوم إلى المجهول والى حيث بعيش مطاردًا خائفًا مزعورا الى الأبد، مثلما أخاف وأرعب وأقض مضاجع شعبه ليلًا ونهارًا وقطع عليهم الطريق واستمرأ قتلهم وتشريدهم هو وأسرته وأعوانه. وقد بقى رئيس وزرائه في بيته ولم يهرب، لعله ينجو بنفسه وبأهله لقاء تعاونه مع الحكام الجدد للبلاد في تسليم السلطة إليهم وأتباعهم واطلاعهم على ما يودون معرفته من أمور الدولة، وهو أمر مهم وحيوي. بقى رئيس الوزراء السوري في بيته -وفقًا لتصريح رئيس الوزراء نفسه المذاع في وسائل الإعلام العالمية- وهي مناورة شخصية جيدة وربما خدمة طيبة لبلده أيضًا.
لعلم رئيس الوزراء بأحوال البلاد، وإمكاناتها، وخزائنها، وديونها واحتياجاتها، ودرايته بإدارة البلاد الذي لا يعلن عنه قادة البلاد الجدد شيئًا طبعًا لغياب سابق الخيرة بالعمل الحكومي وبإدارة البلاد. وبذلك، فقد تكون صفقة جيدة على جانب رئيس الوزراء السوري السابق وعلى جانب القيادة السورية الجديدة ما لم يكن رئيس الوزراء السابق متورطًا في جرائم ضد الشعب السوري بالطبع وهو شأن سوري. يبقى من المهم -فوق كل شيء- أن تسود الحكمة والرزانة والتسامح وروح العمل الجاد فوق كل المشاعر السلبية والفوضوية والانتقامية، من أجل حاضر طيب ومستقبل أفضل في البلاد.