بقلم: دانيال حنفي
القاهرة (زمان التركية)- أعجبني كثيرًا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر من هذا العام، والتي كانت كلمة قوية واضحة الموقف والألفاظ وواضحة الدلالات. أعجبتني لأنها كانت شجاعة الاتهامات وظاهرة الضمير فيما يتعلق بالعدوان الظالم المدمر على غزة وعلى أهلها، ولم تتوار ولم تخجل من أحد على الإطلاق.
فهناك كلام لا بد وأن يقال، ولو ذرًّا للرماد في العيون. هناك كلام لا بد وأن يقال ولو بدأ سبًّا وشتمّا ولعنًا في حق شخصيات تجاوزت كل الحدود والقوانين والدساتير والنظم الوطنية والإقليمية والدولية في طريقها الى تنفيذ مخططاتها المستفزة المجافية لروح العدالة، والمنكرة لروح القانون وروح الإنسانية، والمنكرة لسلامة الضمير وأهمية احترام الرباط الانساني بين مختلف الشعوب والدول. من المهم بمكان -بالنسبة الى جميع الدول- أن ترفع صوتها بإدانة الهمجية والوحشية المختبئتين وراء قناع الدفاع عن النفس، على الأقل لتأنى بنفسها عن مواقع الشبهة الآن، ولتدفع عن نفسها مخاطر الوقوع في مثل هذا الموقف الضعيف يوما ما. فالأيام دوال ولا يحسبن أحد أنه بمنأى عن كل الشرور، ولو كان بعيدًا محاطًا بالحبال والبحار ومحصنا بالمسافات المرهقة التكلفة والجهد. فعندما تدق طبول المواجهات، تصبح المسافات أقصر كثيرًا وتصبح الرؤية أوضح كثيرًا، كما رأينا في سالف الأزمان وفي حديث الأزمان.
من المهم أن يأخذ المرء – متى كان مسؤولًا- كل المساحات المتاحة أمامه عندما يحين الوقت اللازم لمثل هذا التصرف، ليحقق هدفًا وطنيا قد لا يمكن تحقيقه الا عبر استخدام كل تلك المساحات التي قد يخشى الكثيرون أن يطأؤها وهي لهم في كل وقت، ولكنهم يؤثرون السلامة. وليست السلامة في أيثار النفس، ولكن في ايثار الغير على النفس وفى ايثار المصلحة الوطنية على المصلحة الخاصة وفي إيثار الأقدام والشجاعة على طمأنينة السكوت والرضوخ غير المبررين. كل عمل شجاع هو عمل أولى بالإنسان وأجدر وأحب إلى الكل من النكوص والتراجع والقعود. إن طمأنينة السكوت وهم، لأن الأمان الحقيقي يكمن في التقدم الواثق بالحق نحو الحق وبالقدر الحق. لا زيادة ولا نقصان ولا جنوح الى التشدد في غير محله، ولكن لكل شيء قدر.