القاهرة (زمان التركية)- أكد اللواء الدكتور شوقي صلاح الخبير الأمني والقانوني، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نجح في منع تشكل لوبي يهودي في بلاده، وأشار في حديث صحفي مع جريدة (زمان التركية) إلى تشابه نهج حركة حماس مع النهج الإسرائيلي في التمكين والسيطرة، كما لفت إلى أن هجمات طوفان الأقصى تدفع واشنطن لتغيير مواقع تخزين الأسلحة الاستراتيجية الأمريكية من إسرائيل.
4- هل هناك وجه للشبه بين النفوذ الإسرائيلي الواقع على الولايات المتحدة وأوروبا، وأيديولوجية حماس في غزة؟
نعم، وأشير هنا بداية إلى أن ميثاق أو عهد إنشاء حركة المقاومة الإسلامية” حماس” الذي أعلن في 18 أغسطس 1988، حددت وفقًا له الحركة هويتها، وقدمت نفسها على أنها جناح من أجنحة الإخوان المسلمين بفلسطين، وأكدت أنه لا حل للقضية الفلسطينية إلا بالجهاد، حيث نصت المادة الثاني من الميثاق أو العهد المشار إليه على أن: “حركة المقاومة الإسلامية جناح من أجنحة الإخوان المسلمين بفلسطين، وحركة الإخوان المسلمين تنظيم عالمي، وهي كبرى الحركات الإسلامية في العصر الحديث، وتمتاز بالفهم العميق، والتصور الدقيق والشمولية التامة لكل المفاهيم الإسلامية في شتى مجالات الحياة….”
هذا، ولما كانت “أستاذية العالم” هي فكرة إخوانية تعني السيطرة والهيمنة التي تصل لحد العالمية، وهي عملية متدرجة عند الإخوان؛ تبدأ بتربية أو تكوين “الفرد الإخواني” ثم “الأسرة الإخوانية” ثم “المجتمع الإخواني” ويطلقون عليه “المجتمع المسلم” من منطلق زعمهم بأنهم الممثل الشرعي والحصري لصحيح الإسلام.. ثم تأتي مرحلة “الخلافة الإسلامية”.
وحدد مؤسس الجماعة “حسن البنا” مهمة الإخوان في “سيادة الدنيا وإرشاد الإنسانية” إلى نظم الإسلام الصالحة وتعاليمه، وفقًا للمنهجية الإخوانية. وبهذا فإن كلا النهجين الإسرائيلي والحمساوي المشار إليهما يهدفان إلى التمكين والسيطرة التي تصل لحد العالمية، وإن حققت إسرائيل من خلال أذرعها في الولايات المتحدة وأوروبا أشواطًا متقدمة، إلا أن حماس حققت هذا الهدف بامتياز في قطاع غزة فقط.
وجدير بالذكر أن حماس أعلنت في 2017، وثيقة سياسية عرضها خالد مشعل رئيس المكتب السياسي للحركة في الدوحة، أشارت حماس وفقًا لها انتهاء ارتباطها التنظيمي بجماعة الإخوان المسلمين، في خطوة تهدف على ما يبدو إلى تحسين علاقاتها مع مصر والدول الخليجية، هذا ووفقًا لأحكام القضاء المصري فتعتبر جماعة الإخوان المسلمين في مصر منظمة إرهابية”.
5- عطفًا على ما سبق، هل حاولت إسرائيل فرض السيطرة على دول عظمى أخرى، إضافة لما سبق وأشرت إليه؟
“عدد المواطنين اليهود في روسيا حاليًا “٢٠٢٤” حوالي ١٦٥٠٠٠ يهوديًّا، بينما كان عددهم عام ١٩١٤ خمسة مليون وربع المليون نسمة -في عهد الإمبراطورية الروسية- ولعل أسباب هجرتهم كثيرة.. ولكن يبدو أن روسيا لم تتمسك بهم أو تكن حريصة على استمرار إقامتهم فيها، ففي عام ٢٠٢٢ تدفق عشرات الآلاف من اليهود الروس لإسرائيل نتيجة سياسات روسية وصفت بأنها ضد اليهود، واتخذ الكرملين قرارات بشأن إيقاف نشاط فرع الوكالة اليهودية في روسيا! وكأن لسان حال بوتين يقول: ما حدث في ٢٦ ديسمبر ١٩٩١ من تفكيك للاتحاد السوفيتي لن يتكرر، فنفوذ اللوبي اليهودي في روسيا يظل في نطاق المواطنة المراقبة، حتى لا يتخذوا أية تحركات ينفذون بها لمواقع اتخاذ القرار، فإن تحقق لهم ما أرادوا في بلاد العم سام، فإنه محظور عليهم هذا في روسيا.
٦– أكدت هجمات المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر الماضي هشاشة الوضع الأمني الإسرائيلي.. فهل لهذا انعكاسات على خطط تأمين الأسلحة الاستراتيجية الأمريكية الموجودة بإسرائيل؟
قد لا أذهب بعيدًا في نطاق التحليل بالقول إن؛ المخابرات المركزية الأمريكية بالتعاون مع وزارة الدفاع قد درسا بكل جدية سيناريوهات لتغيير مواقع تخزين الأسلحة الاستراتيجية الأمريكية من إسرائيل، لنقلها لأماكن أخرى تتحقق فيها عناصر التأمين لهذه الأسلحة الخطيرة، خاصة على ضوء الاختراق الأمني الذي حدث في ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، فبكل بساطة إذا كان فصيل مقاوم استطاع أن يخترق المنظومات الأمنية الإسرائيلية، ويحصل على أجهزة كمبيوتر وسرفرات عليها ملفات أمنية بالغة السرية، ويأسر ما يقرب من مائة مقاتل إسرائيلي منهم طواقم تشغيلها، وهذا الفصيل المقاوم – مع كامل احترامي لهم- محدودي القدرات والإمكانات إذ ما قورنوا بقدرات جيوش.. ورغم هذا فقد أبهروا العالم بهجومهم.. فماذا سيفعل بإسرائيل جيش قوي محترف إذا هاجمها؟ مؤكد سيفعل الكثير، ولنكتفي بهذا القدر من التحليل لهذه الزاوية من الحوار.
ولا شك أن إسرائيل سترحب بتغيير أماكن هذه الأسلحة الاستراتيجية، فهي عبء عليها ومهدد لوجودها.. ومن هنا جاءت فلسفة الاتجاه نحو التطبيع بين إسرائيل والدول العربية المحيطة بها، والحقيقة أنها في تقديري كانت خطوة أمريكية ذكية، ستؤمن للمحتل الإسرائيلي من أخطار كثيرة محتملة، وقد أطاحت هجمات السابع من أكتوبر مؤقتًا بجهود التطبيع المشار إليها.
هذا ونؤكد أن الموضوع أكبر بكثير من أن يختزل في اعتبار أن ما يحدث هو مجرد فصل من فصول الصراع بين مقاومة تهدف إلى تحرير وطن، ومحتل غاصب، بمعنى أن الصراع تتدخل فيه قوى عظمى أكبر، فالصراع بحسب الأصل بين الكبار.. ولا مانع عندهم أن تُستخدم فيه دولاً كأوكرانيا أو إيران أو فصائل للمقاومة وغيرهم”.
٧– هل تتمنى زوال إسرائيل من فلسطين والمنطقة العربية؟
“ينسب لهتلر القول بأنه؛ كان في إمكانه قتل كافة يهود أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية، ولكنه ترك جانبًا منهم حتى يثبت للعالم أنه كان محقًّا في قتل عدد كبير منهم.. مما يدل على أنهم ومن وجهة نظره خونة، والخائن في ظروف الحرب يُعدم. وبالطبع فأنا أُدين ما فعله هذا النازي المدعو هتلر، الذي ارتكب جرائم للإبادة الجماعية في حق مدنيين يهود، فقتل مدنيين جريمة جنائية دولية.. وهكذا أدين الآن جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبها نتنياهو وحكومته المتطرفة وجيشه، وكلهم يحملون نزعة نازية ضد الإنسانية، جيث ارتكبوا جرائم إبادة جماعية، راح ضحيتها حتى الآن ما يجاوز المائة ألف شهيدًا وجريحًا من المدنيين الفلسطينيين.
ومع هذا فلدي وطيد الأمل في أن يُحاكم القادة المسؤولين عن هذه الجرائم محاكمة دولية على ما ارتكبوه من جرائم، وللموضوعية فإني أدين أيضًا ما قامت به بعض عناصر المقاومة في السابع من أكتوبر 2023، وذلك لقيامهم بخطف رهائن إسرائيليين مدنيين واحتجازهم، وهو ما يعد جرائم ضد الإنسانية يجب أن يحاسب مرتكبيها.. فأنا مع العدالة أينما اتجهت، ويحضرني هنا حديث سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قال فيه ” إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وَأيْمُ اللهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا” هذا وأتمنى أن تحرر الأراضي الفلسطينية قريبًا وتعلن دولتهم المستقلة، وتتعايش إسرائيل بشكل طبيعي مع محيطها”.
(قريبًا سننشر الجزء الثالث من الحوار مع اللواء د. شوقي صلاح)