أنقرة (زمان التركية) – تشهد مدينة إسطنبول منافسة شرسة بين الحزب الحاكم وأكبر احزاب المعارضة التركية، على البلدية الكبرى وبعض البلديات الفرعية خلال الانتخابات البلدية المقرر عقدها في تركيا يوم 31 مارس الجاري.
وبالوقت الراهن، يتولى حزب العدالة والتنمية الحاكم 24 بلدية فرعية من أصل 39 بلدية في إسطنبول، مقابل 14 بلدية لحزب الشعب الجمهوري وبلدية واحدة لحزب الحركة القومية.
جزء من هذه البلديات تشكل “حصونا” لحزبي العدالة والتنمية والشعب الجمهوري، غير أن هناك بلديات أيضا يزعم كل من الحزبين هيمنته عليها، ويسعى كل منهما لاقتناصها من الآخر.
المنافسة على بلديات أسكودار و فاتح و أيوب سلطان
من بين البلديات التي يهدف حزب الشعب الجمهوري لاقتناصها من حزب العدالة والتنمية في إسطنبول خلال الانتخابات، تبرز بلدات أسكودار وباهجلي افلار وسانجاك تبه و فاتح و تشاتالكا و سيليفري وسلطان أيوب وتوزلا وباي أوغلو، وذلك على الرغم من اختلاف مستويات الصعوبة فيها.
وفقًا لمصادر حزب العدالة والتنمية، لا يرى الحزب الحاكم أي خطر في أي من هذه المناطق تقريبًا، ويهدف إلى الاستيلاء على بلدات مثل اسنيورت وكوتشوك شكمجة وكارتال وساريير، من حزب الشعب الجمهوري.
وتعد أسكودار و الفاتح وسلطان أيوب من بين أكثر بلديات إسطنبول التي تثير تساؤلات حول كيفية مضي السباق الانتخابي بها، نظرا لكون تلك البلديات يُنظر إليها على أنها قلعة حزب العدالة والتنمية لسنوات، وهي ذات أهمية رمزية للشريحة المحافظة.
خلال الانتخابات البرلمانية في أسكودار العام الماضي، حصل حزب العدالة والتنمية على 35.86 في المئة وحزب الشعب الجمهوري 32.45 في المئة وحزب الجيد 9.31 في المئة وحزب الحركة القومية 5.02 في المئة وحزب العمال التركي 4.72 في المئة وحزب اليسار الأخضر 3.55 في المئة وحزب الرفاه من جديد 3.01 في المئة.
وفي الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، تفوق كمال كليجدار أوغلو على رجب طيب أردوغان ببلدة أسكودار.
حلمي تركمان، عمدة بلدية أسكودار هو المرشح مجددا للمنصب، وقد برز كأحد المرشحين المحتملين في بلدية إسطنبول الكبرى عن حزب العدالة والتنمية، بسبب جهوده البلدية الواضحة.
وفي المقابل يأتي سينيم ديديتاش، أحد زملاء أكرم إمام أوغلو في الماضي، مرشحا عن حزب الشعب الجمهوري في بلدية أسكودار.
عمل ديديتاش مديرا عاما لخطوط النقل العام التابعة لبلدية إسطنبول عام 2019.
وفي الوقت نفسه هناك تساؤلات حول النسبة التي سيحصدها حزب السعادة في بلدة أسكودار عبر مرشحه يلماز بايات، الذي سبق وأن شغل منصب رئيس بلدة أسكودار لفترتين في الماضي.
وفي الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية العام الماضي، لفت الانتباه تقدم كليجدار أوغلو في بلدة سلطان أيوب.
وخلال الانتخابات العامة في المنطقة، حصل حزب العدالة والتنمية في بلدية سلطان أيوب على 35.56 في المئة و حزب الشعب الجمهوري 30.01 في المئة وحزب الجيد 9.67 في المئة وحزب الحركة القومية 5.51 في المئة و حزب اليسار الأخضر 4.98 في المئة وحزب العمال التركي 4.20 في المئة وحزب الرفاة من جديد 4.06 في المئة.
ويبدو أن توزيع الأصوات في أحياء سلطان أيوب التقليدية بخلاف غوكتورك، التي نمت في السنوات الأخيرة وحصل فيها حزب الشعب الجمهوري على أصوات عالية، سيكون مهمًا خلال الانتخابات المحلية القادمة.
في الانتخابات البرلمانية في 14 مايو/أيار، شهدت بلدية فاتح حصول حزب العدالة والتنمية على 42.33 في المئة وحزب الشعب الجمهوري 23.91 في المئة وحزب الجيد 8.68 في المئة وحزب اليسار الأخضر 7.74 في المئة وحزب الرفاة من جديد 4.54 في المئة وحزب الحركة القومية 4.44 في المئة وحزب العمال التركي 2.94 في المئة.
وفي الانتخابات الرئاسية في 28 مايو/أيار، حصل الرئيس أردوغان على 53.99 في المئة و كليجدار أوغلو بنسبة 46.01 في المئة من الأصوات ببلدية فاتح.
وبرز توران، الذي تم تصنيفه كأحد المرشحين المحتملين لرئاسة بلدية إسطنبول الكبرى عن حزب العدالة والتنمية خلال عملية تحديد المرشحين، بأعمال البلدية تمام مثلما حدث مع تركمان في بلدية أسكودار.
في المقابل طرح حزب الشعب الجمهوري ماهر بولات، أحد رفاق إمام أوغلو الذي سبق وأن عمل أمينا عاما لبلدية إسطنبول الكبرى، مرشحا لرئاسة بلدية فاتح.
وبرز بولات بفضل أعمال إنشاء تراث بلدية إسطنبول الكبرى وترميم وحماية مئات المعالم التاريخية في هذا السياق خلال فترة عمله بالسابق.
ما هي التحديات التي تواجه الشعب الجمهوري في كارتال وساريير؟
أصبحت بلدتا ساريير وكارتال، اللتان يسيطر عليهما حزب الشعب الجمهوري، مناطق حساسة لحزب المعارضة الرئيسي في هذه الانتخابات، فخلال الانتخابات المحلية في عام 2009، انتقلت رئاسة بلدة ساريير من حزب العدالة والتنمية إلى حزب الشعب الجمهوري وتم انتخاب شوكرو جينتش رئيسًا لها.
ومنذ ذلك الحين، عزز حزب الشعب الجمهوري أصواته بشكل كبير في المنطقة في كل من الانتخابات المحلية والعامة.
وخلال الانتخابات المحلية القادمة، سيشارك جينتش كمرشح للمرشح، حيث اختار الحزب مصطفى أوكتاي أكسو مرشحا لرئاسة البلدة.
ورداً على هذا الوضع، أعلن جينتش ترشحه للمنصب مستقلا، ويبدو أن عدد الأصوات التي سيحصل عليها جينتش سيحدد نتائج الانتخابات في ساريير.
على صعيد كارتال، كان التطور الذي أوصل كارتال، إحدى المناطق التي يسطير عليها حزب الشعب الجمهوري، إلى منطقة حساسة بالنسبة للحزب هو ترشيح حزب الجيد لشخصية ذات صيت بالمنطقة وذلك باختياره ألتينوك أوز، الذي كان رئيس بلدة عن حزب الشعب الجمهوري بين عامي 2009 و 2019.
في تلك الأثناء، شهدت بلدة أتاشهير نقاشات حادة داخل حزب الشعب الجمهوري خلال عملية تحديد مرشح الحزب. واستقال رئيس بلدة أتاشهير، بطال الجزدي، من صفوف الحزب بعد امتناع الحزب عن إعادة ترشيحه ولم يعلن ترشحه بشكل مستقل مثلما زعمت وسائل الإعلام التركية.
ما هو الوضع في البلدية المحورية إسنيورت؟
تعد إسنيورت أحد أكثر المناطق محورية من بين البلديات التي يسعى حزب العدالة والتنمية لقنصها من قبضة حزب الشعب الجمهوري.
وتصنف إسنيورت، التي يقطنها نحو مليون نسمة، أكثر البلدات اكتظاظا ليس فقط بمدينة إسطنبول بل في سائر المدن التركية.
ويتمتع المشهد السياسي، الذي سيتشكل في إسنيورت، بأهمية كبيرة ليس فقط لرئاسة البلدة بل أيضا لانتخابات بلدية إسطنبول الكبرى ومجلس البلدية.
وتعتبر إسنيورت ذات الكثافة الكردية هى أكثر بلدة يتمتع فيها حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب الكردي بنفوذ من بين بلدات مدينة إسطنبول.
ولعب دعم حزب الشعوب الديمقراطي لمرشح حزب الشعب الجمهوري، كمال دنيز بوزكورت، دورًا حاسمًا في انتقال إسنيورت، التي ترأسها حزب العدالة والتنمية من عام 2004 إلى عام 2019، إلى حزب الشعب الجمهوري في عام 2019.
وفي إسنيورت، توصل حزب الشعب الجمهوري وحزب الديمقراطية والمساواة للشعوب إلى توافق في الآراء بشأن المستوى النهائي للعملية التي تم فيها تحديد المرشحين وتم خلالها سحب المرشح الأول المعلن لحزب الشعب الجمهوري، علي غوكمان، ترشيحه على أساس مشاكل صحية وحل محله أحمد أوزر الذي يحظى بدعم حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب.
وفقًا للمعلومات الواردة من كلا الطرفين، تم تقسيم عدد معين من أعضاء المجلس البلدي بين الطرفين في إسنيورت.
ويُعتقد أيضًا أن دعم حزب الجيد له تأثير معين على فوز حزب الشعب الجمهوري بإسنيورت في عام 2019. لهذا تدور تساؤلات حولكيف سيكون رد فعل ناخب حزب الجيد على الاتفاق بين حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب وحزب الشعب الجمهوري.
كيف هو الوضع في كوتشوك شكمجة؟
تأتي كوتشوك شكمجة أيضًا من بين المناطق التي يهدف حزب العدالة والتنمية إلى الاستيلاء عليها من حزب الشعب الجمهوري ويعتقد أن السباق بها على حافة الهاوية.
وانتقلت البلدة، التي كان يحكمها حزب العدالة والتنمية من عام 2004 إلى عام 2019، إلى حزب الشعب الجمهوري في عام 2019. ويعتقد أن دعم حزب الشعوب الديمقراطي لمرشح حزب الشعب الجمهوري، كمال شيبي، لعب دورا مهما في هذا الأمر.
وتعكس نسبة الأصوات 13.4 في المئة التي حصل عليها حزب الشعوب الديمقراطي في الانتخابات البرلمانية في 24 يونية/ حزيران عام 2018 ونسبة أصوات 9.92 في المئة التي حصل عليها حزب اليسار الأخضر خلال الانتخابات البرلمانية في 14 مايو 2023 الإمكانات التي يتمتع بها حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب في البلدية.
في هذه الأثناء قرر الحزب الديمقراطية والمساواة للشعوب عدم طرح مرشحين في 22 بلدة في اسطنبول، غير أن كوتشوك شكمجة تأتي بين 19 بلدة طرح الحزب مرشحين له بها. يخلق هذا الأمر وضعًا صعبًا لحزب الشعب الجمهوري.
ويبدو أن موقف ناخبي حزب الجيد في كوتشوك شكمجة سيلعب دورا محوريا كما هو الوضع في إسنيورت، ففي انتخابات العام الماضي، فاز حزب الجيد بنسبة 9.44 في المئة من الأصوات في هذه البلدية.
هل يمكن أن تعود سيليفري وشاتالجا إلى حزب الشعب الجمهوري ؟
سيليفري وشاتالجا هي من بين المناطق التي يتم متابعتها بعناية خلال الانتخابات، فهي بلدات بعيدة عن مركز مدينة إسطنبول وتحتضنان نسبة كبيرة من عملية الزراعة بالمدينة.
وخلال عام 2019، انتقلت سيليفري من حزب الشعب الجمهوري إلى حزب الحركة القومية في حين انتقلت شاتالجا من حزب الشعب الجمهوري إلى حزب العدالة والتنمية.
وتعد سيليفري البلدة الوحيدة في اسطنبول التي يترأسها حزب الحركة القومية كجزء من تحالف الجمهور الحاكم.
وحاليا، تأتي هاتين البلدتان بين البلدات التي يسعى حزب الشعب الجمهوري لاستردادها خلال الانتخابات القادمة.
وخلال الانتخابات البرلمانية العام الماضي، فازت قائمة حزب الشعب الجمهوري في هاتين البلدتين، كما تقدم بهما كيليجدار أوغلو على أردوغان خلال الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية بفارق 10 في المئة.
وأعاد تحالف الجمهور الحاكم ترشيح رؤساء البلدتين الحاليين خلال الانتخابات المقبلة.
لماذا تحولت سنجاك تبه إلى “ساحة منافسة وطيدة”؟
سنجاك تبه هي واحدة من البلديات التي من المتوقع أن تكون فيها المنافسة شرسة، ولعل أهم أسباب هذا هو أن حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب، الذي يتمتع بإمكانية تصويت كبيرة في البلدية، لم يسمي مرشحين هنا على أساس مفهوم “الاتفاق العام بالمدينة”.
وبالنظر إلى الانتخابات السابقة، يتبين أن حزب العدالة والتنمية يتمتع بنفوذ قوي في البلدية، وخلال الانتخابات العامة الأخيرة في البلدية، حصل تحالف الجمهور الحاكم على 47.81 في المئة من الأصوات وحصل تحالف الشعب المعارض في ذلك الوقت على 30.11 في المئة من الأصوات، وحصل تحالف العمل والحرية على 17.5 في المئة من الأصوات من بينهم 13.87 في المئة من حزب اليسار الأخضر و 3.62 من حزب العمال التركي.
وفي الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، كانت هناك نسب متقاربة بين كليجدار أوغلو والرئيس أردوغان.
ولم يطرح حزب العمال التركي وحزب الديمقراطية والمساواة للشعوب مرشحين لهم لرئاسة البلدية.
كيف يمكن للأحزاب الصغيرة التأثير على البلدات ؟
يرى الكثيرون أن الأصوات التي سيحصل عليها الأحزاب الصغيرة بالانتخابات المحلية في إسطنبول ستلعب دورا محوريا في رئاسة بلدية إسطنبول الكبرى وانتخابات مجلس البلدية، ومن الممكن أن تؤثر هذه الأحزاب على التوازنات في بعض المناطق المسماة “حد السكين”.
على وجه الخصوص، يُنظر إلى الأصوات التي سيحصل عليها حزب الرفاة من جديد في البلديات التي يتركز فيها الناخبون المحافظون على أنه أمر بالغ الأهمية.
وسبق وأن تم الحديث عن مطالبة حزب الرفاة من جديد بعض البلديات من حزب العدالة والتنمية خلال مباحثات التحالف في المدينة. وتضمنت هذه البلدات أرناؤوط كوي وسلطان غازي وسلطان بايلي.
وتدور التساؤلات أيضا حول الأصوات التي سيحصل عليها حزب السعادة وحزب الديمقراطية والتقدم وحزب المستقبل وحزب النصر في البلديات.
ويبدو أن حزب العمال التركي يتركز بشكل خاص في بشيكتاش وجزر الأميرات وكاديكوي وباكيركوي، حيث طرح مرشحيه في مختلف البلديات.
وفي كاديكوي، يجري رئيس بلدية تونجالي السابق، فاتح ماتشوغلو، حملته الانتخابية كمرشح للحزب الشيوعي التركي.
هذا وتُعرف هذه البلدات الأربعة منذ سنوات بأنها حصون حزب الشعب الجمهوري.