بقلم: هيثم السحماوي
القاهرة (زمان التركية) _ تمكن النبي محمد ﷺ أن يؤسس الدولة الإسلامية وفق لنظام القانون الإسلامي، سواء داخليًّا أم خارجيًّا، بشكل يضاهي الدول المعاصرة له مثل الدولة الرومانية والدولة الفارسية، وكانت واحدة من مكونات هذه الدولة الإسلامية وجود نظام دبلوماسي متطور.
فكانت واحدة من المهمات الدبلوماسية الهامة التي قام بها النبي محمد ﷺ، هي العمل على توحيد كثيرًا من القبائل العربية، التي كانت قبل ذلك متناحرة ومتفرقة وليس لها نظام دولي مثل أقرانها من الدول الأخرى.
ثم جاءت المهمة الدبلوماسية الأخرى بالغة الأهمية وهي تعريف وإعلام الأمم الأخرى بالإسلام، وكان ذلك عن طريق وسائل دبلوماسية تهدف إلى إيصال محتوى الإسلام وجوهره وغايته بسهولة وطريقة مناسبة لكل مخاطب.
وكان هذا يعني أن ليس كل واحد مؤهلًا للقيام بهذه المهمة وأدائها بالشكل المطلوب، وإنما الأمر يتطلب مواصفات خاصة يشترط أن تكون في المبعوث الدبلوماسي أو الرسول كما كان يطلق عليه حينذاك. ولذا اختار النبي محمد هؤلاء الرسل ممن تتوفر فيهم الشروط اللازمة، الواجب توافرها في المبعوث الدبلوماسي، بكل حيادية بعيدًا عن أي معايير أخرى، مثل معيار الأسبقية في الدخول في الإسلام، أو ما قدمه من أجل الإسلام ..الخ.
وكانت الشروط الواجب توافرها في هذا الرسول كثيرة أولها كونه على دراية كاملة وشاملة بمحتوى الإسلام ، ولديه القدرة على تعريف الأخر به بكل سهولة ويسر وشكل مناسب مع كل مخاطب، وإيصال المذكرة الدبلوماسية بشكل احترافي، وأيضًا يشترط أن يكون يجيد لغة القوم المبعوث إليهم، إضافة إلى صفات أخرى يجب أن يتحلى بها مثل الصبر، والفصاحة، والعلم، والحكمة وحسن التصرف، وحسن المظهر.
وهنا كان من مكونات النظام الدبلوماسي أيضا، تحديد من ينغي أن يخاطب أولا بالإسلام، هل الأمم صاحبة الأديان السماوية والمتطورة أم الأمم الأخرى؟
فكان النظام الدبلوماسي يعمل على أن البداية في المخاطبة بالإسلام تكون مع الأمم المتطورة صاحبة الأديان السماوية، فعلى سبيل المثال أرسل النبي محمد، عمرو بن أمية الضميري الي النجاشي ملك الحبشة، وحاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس ملك مصر، ودحية بن خليفة الكلبي إلى قيصر ملك الروم، وعبد الله بن حذافة السهمي إلى كسرى ملك الفرس، ومبعوثين دبلوماسيين آخرين من النبي محمد إلى أسقف نجران، وزعماء يهود خيبر وملوك عمان والبحرين واليمن… وغيرهم من الكثير.
وكانت حينذاك الدبلوماسية أحد السُبل والوسائل الهامة في تحقيق الإسلام لأهدافه ونقطة تحول في سياسته الخارجية مع الأمم والقبائل الأخرى، تظهر بما لا يدع مجالًا للشك حكمة ودراية واحترافية النبي محمد صلي الله عليه وسلم في تعاملاته الدبلوماسية التي أدارها .
مراجع للمقال :
الباحث علي بن حافظ بن سالم الوادعي، فقه الدعوى في رسائل الرسول صلى الله عليه وسلم، رسالة ماجستير ، عام 1426 هجرية.
د سعيد عبدالله حارب المهدي، العلاقات الخارجية للدولة الإسلامية، الناشر مؤسسة الرسالة ، طبعة أولى عام 1995م.
د خالد الشرقاوي السموني، مقال بعنوان العمل الدبلوماسي في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، موقع الكتروني ( المنال )
د سعيد أبو عبادة، العلاقات الدبلوماسية في عهد النبي محمد صلي الله عليه وسلم ، شبكة معا الالكترونية ، مقال منشور بتاريخ 31/ 3/ 2016.
يسعدني التواصل وإبداء الرأي