بقلم: ماهر المهدى
القاهرة (زمان التركية)- الشهادة المدرسية أو الجامعية لا تصنع واقعا لأحد مهما كان، ولكن الواقع يصنع حاضرا ومستقبلا بقوته الصارمة الماضية فى الحميع بلا مقاومة.
فمن يخرج الى وسائل التواصل الاجتماعى بعمل ما يتقنه ويلقى نجاحا يستطيع العمل فى ذاك المجال الذى يحبه ولو لم يكن ممن يحملون شهادات علمية أو مهنية فى المجال محل الاهتمام والممارسة.
هكذا، وببساطة ظاهرة لا تغلبها بساطة، وإن كانت الحقيقة غير ذلك، فالحكم على وسائل التواصل الاجتماعى لا يتكون من لجنة ثلاثة من أشخاص أو سبعة عشر شخصا، وإنما الحكم على وسائل التواصل الاجتماعى هو للجنة تتألف من جمهور غفير متعدد الأجناس والأعراق واللغات والأذواق والخلفيات.
ومن الواضح أن لجان الحكم الجماهيرية على وسائل التواصل الاجتماعى لا تحكمها صلة قرابة بأحد ولا يطغى على رأيها حب أو كراهية لأحد، لأنها جماهير تنتمى إلى بلاد كثيرة وشعوب متفرقة وأمزجة لا دخل لأحد بعينه فى نشأتها فهى لا تدين لأحد بالطاعة أبدا.
ومن أقرب النماذج الى هذا الواقع المشار إليه: الكتابة الصحفية والغناء والموسيقى والإعلام والتدريس والتعليم المهنى والتحفيز والتوعية الطبية التى أصبحت جميعها حقولا مفتوحة ومتاحة طوال الوقت لمن يجد فى نفسه القدرة والرغبة فى المحاولة وفى تقديم ما لديه من قدرات يعتقد فى جدواها وفى قبول الناس لها.
لذلك، يخضع الممثلون – فى البلاد المتقدمة -لاختبار أداء عند كل فيلم أو عمل فنى جديد- مهما كانوا مشهورين ومعروفين ورغم شهادات الجميع لهم بالنجومية والقبول والتمتع بالقدرات الفنية – حتى يقطع الشك باليقين فى صدق الاختيار الذى وقع على هذا الفنان أو تلك الفنانة وتعلو فرص نجاح العمل . فنجاح العمل وتعظيم فرص نجاحه أولى بالاهتمام والحساب من محاباة أحد ولو كان نجما معروفا شهد له الكثيرون فى أعمال فائتة، ولو كان المتقدم للعمل قريبا لمن يملكون المال أو السلطة.
كما أن الاعتراف المجدد المشهود بقدرات الشخص المتقدم للمهمة أو للوظيفة أو للدور الفنى هو حياة جديدة وحقيقية لقدرات مميزة تستحق الثناء ويليق بها النجاح دون مجاملة كاذبة مخجلة.
إن كل عمل جديد يمثل مرحلة جديدة فى حياة الإنسان مثلما هو يكلف وقتا وجهدا ونقودا كثيرة أو طائلة أحيانا.
ولذلك فمن العدل أن يسبق كل عمل اختبار حقيقى مشهود لا محاباة فيه ولا ظلم لأحد ولا تأتيه الوساطة والمحسوبية من بين يديه ولا من خلفه، لأن مصلحة المجموع أبقى وأعلى من مصلحة فرد، ولأن الحق أحق الاتباع.