بقلم: عمر نور الدين
من الذي يستحق وصف الموازي؟.. الرئيس الذي ينتهك الدستور والقانون ويسير البلاد بأهوائه أم المدافعين عن الديمقراطية وحرية التعبير وحق النقد والاختلاف وحقوق الإنسان عامة في وطن كافح كثيرا من أجل إنهاء حقب الوصاية والإقصاء؟
أيهما أخطر على تركيا الإعلام الحر أم الإعلام الكاذب المدلس الذي يتغذى على أموال الفساد؟ .. وأيهما أخطر على تركيا البنوك التي تمارس عملها في إطار القانون أم اللاعبون من خلف الستار ومحترفو العمولات من سماسرة المقاولات والصفقات المشبوهة ومافيا الفوائد المدعومة التي تعبث بكل شيئ؟
وأيهما أخطر على تركيا.. رئيس ينتهك الدستور والقانون ليبني امبراطوريته الشخصية وليصنع أمجادا زائفة ويتحكم في كل شيئ بأهوائه .. أم من يدافعون عن الديمقراطية وحقوق النقد والاختلاف والتعبير وحقوق الإنسان بشكل عام؟.
إذا كنا من” سحرة فرعون” فسنقول إن الإعلام الحر الناقد ومن يدافعون عن الديمقراطية والنظام الأساسي للدولة ويطالبون بالتزام كل مسؤول بصلاحيات وحدود منصبه ومن يمارسون عملهم من أجل رفعة بلادهم وتحقيق اعتبارها في مختلف المحافل من تعليم واقتصاد وغيرها من المجالات، خونة وعملاء ويؤسسون كيانا موازيا لهدم الدولة.
أما لو كنا من أولئك الذين لايشاهدون إلا إعلام الحكومة ولايقرأون إلا صحف الحكومة ولا يتواصلون مع الانترنت إلا مع صفحات أنصار الحكومة فسنعتبر هؤلاء الذين يطالبون بالديمقراطية وحقوق الإنسان ليسوا إلا مجموعة من الكفرة الخارجين على القائد المقدس صانع الإرادة الوطنية.
ولو كنا من قيادات الحزب الحاكم فسنحاول أن نخدع الناس ونعاملهم كقطيع من فاقدي الإرادة والسائرين نياما كما فعل نائب رئيس الوزراء التركي بولنت أرنيتش، الذي أصبح في الفترة الأخيرة يستحق رجل التصريحات المتضاربة بامتيار وعن جدارة، عندما حاول تبرير الانحياز السافر للرئيس رجب طيب أردوغان وخروجه على الدستور واليمين الدستورية التي أقسمها على أن يكون طرفا محايدا ويقف على مسافة واحدة من الجميع، بدعوته الناخبين للتصويت بكثافة لحزب العدالة والتنمية الحاكم للحصول على 400 مقعد برلماني في الانتخابات التي ستجرى في 7 يونيو/ حزيران المقبل، حتى يحسم الحزب كل شيئ بجرة قلم ولايحتاج إلى صداع التصويت والنقاشات الطويلة في قاعة الجلسة العامة للبرلمان التركي عند طرح مشروع الدستور الجديد الذي سيحول مسار تركيا السياسي من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي، ليهديها على طبق من ذهب لرجلها الأوحد رجب طيب أردوغان ليكون تحكمه في كل شيئ بالقانون.
أردوغان الذي هو رئيس تركيا، والذي يبدو أنه نسي أنه لم يعد رئيسا لحزب العدالة والتنمية حتى يطوف البلاد طولا وعرضا، شرقا وغربا، لحشد التأييد لحزبه في الانتخابات المقبلة، طالب الناخبين بأن يعطوا الحزب 400 مقعد من أجل تحقيق مشروعه الشخصي في رئاسة تركيا التي اختزلها أردوغان في شخصه.
وحدد أردوغان في خطاب جماهيري في مدينة بورصا غرب تركيا أهدافه من الانتخابات القادمة بكل صراحة ووضوح وهي: تغيير الدستور والانتقال إلى النظام الرئاسي والحصول على نتيجة من مفاوضات السلام.
الهدفان الأول والثاني يخاطب بهما أردوغان أنصار حزب العدالة والتنمية الذين يرونه حتى الآن الرئيس الفعلي لحزب العدالة والتنمية الذي يترأسه أحمد داود أوغلو، الذي هو أيضا رئيس الوزراء في تركيا ذات النظام البرلماني على الورق.
أما الهدف الثالث فيغازل به أردوغان الأكراد الذين يطمح للفوز بكتلتهم التصويتية لدعم العدالة والتنمية في الانتخابات لإدراكه التام أنه لايستطيع اقناع أنصار أحزاب الطيف المحافظ مثل السعادة والحركة القومية والوحدة الكبرى بدعم العدالة والتنمية في الانتخابات بعدما رسخ في ضمير الشعب أن العدالة والتنمية حزب يأوي الفاسدين والمرتشين من خلال الوقائع التي أحاطت بأكبر فضيحة فساد في تاريخ الجمهورية التركية تفجرت في 17 و25 ديسمبر/ كانون الأول 2013، ولاتزال توابعها تتواصل كالهزات.