بقلم: ماهر المهدي
القاهرة (زمان التركية)- العودة إلى القتال -رغم كل الفضائح والتطورات السلبية المتلاحقة التي قد نكشف عن فشل سياسي وعسكري كبيرين- لا يرسم إلا الدهشة والاستغراب والأسى على كافة وجوه كثير من المتابعين حول العالم.
ولكن المدهش أيضًا، أن الكثيرين ممن لا يتصل عملهم ولا تتصل حياتهم بالسياسة يفقهون كثيرًا مما يدور حولهم ويشعرون بالحقائق الكامنة وراء القرارات ووراء السلوكيات ووراء الأعمال المختلفة ولا تنطلئ عليهم القصص والمبررات العابثة مهما حصل.
بل أن الناس يشعرون بالحقيقة، حتى على مستوى سائق التاكسي المنهمك في توصيل زبائنه إلى مختلف بقاع المدن والأحياء ومعالجة أزمات المرور وصهد النهار وبرد الليل بلا توقف.
والإنسان غريب، حين ترى عيناه الحقيقة من بعيد واضحة بلا موارية ولا غموض، فالكل تقريبًا -من المتخصصين وغير المتخصصين- بات يرى كيف أصبحت الحروب مخارجًا سياسية واقتصادية فعالة من الأزمات، فمن واجهته مشكلة أو مشاكل داخلية سياسية واقتصادية أو حتى مشاكل شخصية خطيرة قد تهدد حياته قد يتعين عليه التفكير في تقليب صفحات دفتر الصراعات والخلافات الخارجية والتقاط أحد تلك الصراعات ويمنح نفسه فرصة أو ربما فرصًا جديدة للنجاة أو للتحول الى بطل قومي قاهر الصعاب صائد للمجد والرفاهية الوطنية.
فالتقاط صراع خارجي ما قد يكون كافيا لينقل بؤرة الاهتمام الوطني كله تقريبًا في هذه أو في تلك الدولة الى بؤرة الصراع الخارجي المختار ويجعل من أصوات المعارضين أصواتًا مبحوحة مزعجة في وقت غير مناسب. والخسائر البشرية والمادية -مهما بلغت- لها دائمًا مبررات تقبل أو لا تقبل لا يهم، لأن الحياة تمضي إلى الأمام دون حساب -في أحيان كثيرة- لمن يملكون المال ويملكون الاتصالات الفعالة. بل إن اللذين ارتكبوا الفظائع وروعوا الناس في الليل والنهار لسنوات طويلة بينما كانوا ينعمون هم وأهلهم في حياة رغدة لا يستحقونها -بما قدمت أيديهم- قد يحلمون بالمغفرة والعفو.
يبدو أن المصالح قد تحكم الأمور جميعًا إلا قليلًا في هذا العالم أجمع، لأن قدرات الإنسان تظل محدودة تمامًا مثل عمره وسنوات حياته وحياة من يحبهم.